University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh جـــامعة غـــانــــا كلية العلوم اإلنسانية مــــدرسة اللـــغات قسم اللغات الحديثة شعــبة اللغة العربية ظاهر التناص في الشعر العربي بغرب أفريقيا دراسة تحليلية وصفية عمر يحيى دواسي (10508217) قدمت هذه الرسالة إلى جامعة غانا ليغون استكماال لنيل درجة )الماجستير الفلسفة( في اللغة العربية يونيو، 2017م University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh UNIVIERSITY OF GHANA COLLEGE OF HUMANITIES SCHOOL OF LANGUAGES DEPARTMENT OF MORDEN LANGUAGES ARABIC SECTION INTERTEXTUALITY IN WEST AFRICAN ARABIC POETRY AN ANALYTICAL STUDY THIS THESIS IS SUBMITED TO THE UNIVERSITY OF GHANA, LEGON IN A PARTIAL FULFILLMENT OF THE REQUIREMENT FOR THE AWARD OF M.PHILL ARABIC DEGREE OMAR YAHAYA DAWASI 10508217 JULY, 2017 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ABSTRACT The study explored intertexuality in the West African Arabic poetry, seeking to demonstrate how West African scholars incorporate classical works in their own poetic compositions, without compromising originality and quality. The overriding purpose of the work was to highlight the import of intertexuality in West African poetry through a representative sample of poetic pieces. In other to accomplish this, the researcher had to combine descriptive analysis with literary criticisms. This paved the way for extraction and description of the various forms of intertexuality such as allusion, quotation, and calque, and to explain how these are re- contextaulized in the West African Arabic poetry. It is hoped that the study will contribute towards our understanding of the thematic connection between the West African Arabic poetry on the one hand and classical Arabic poetry on the other. Below are some of the major findings: 1. There is a clear distinction between plagiarism and intertextuality in terms of express intention and how they are rendered. This is quite clear from the pieces of poetry analyzed in this study. 2. Direct quote is its varying forms are a clear illustration of intertextuality from West African poetry. 3. Intertextuality in West African Arabic poetry emanates from two primary sources; religious texts, mainly Quran and Hadith, and Classical Arabic literature; prose and poems alike. 4. The poets differ considerably in their approach and style of incorporating previous texts into their own work, while traces of airier texts could easily be traced in the present piece; in some texts they are completely obliterated. University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh DECLARATION I, OMAR DAWASI YAHAYA, hereby declare that this thesis is the result of my own original research undertaken under supervision and that no part of it has been presented for another degree in this University or any other University. I am solely responsible for all errors and inaccuracies in this work. …… ……………… … OMAR DAWASI YAHAYA DATE: 08/10/2020 (Candidate) I hereby declare that the preparation and presentation of this thesis were supervised in accordance with the guidelines of supervision of the thesis laid down by the University of Ghana. ............................... .. ……………………… DR . MOHAMMED HAFIZ DR BASHIR ADAM (Principal Supervisor) (Co - Supervisor) Date: 08/10/2020 Date: 08/10/2020 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 1 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh چ ٺ ٺ ٿ ٿ چ طه: ١١٤ 2 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ملخص البحث يعّد الّتناص ظاهرة منتشرة يف الشعر العريب بغرب أفريقيا، وقد أملح إىل ذلك بعض الباحثني من أمثال د/عبد الصمد عبد هللا من خالل حتليله لبعض املقط وعات من نيجرياي والسنغال، بيد أن هذه القضية مل تعاجل بعد معاجلة دقيقة، وعليه فقد سعى البحث أىل بيان احلقول الّتناصّية، اليت ميتاح منها شعراء غرب أفريقيا، فبنّي أتثري الّشعراء القدامى والّنّص الديين والّّتاثّي يف الّشعر العريب بغرب أفريقيا، كما مّت بيان مدى تفاعلهم مع هذه اآلاثر يف الّشعر؛ وفقا للمنهج الوصفي التحليلي. ومما يعطي الدراسة أمهيتها كوهنا حتاول تطبيق إحدى النظرايت النقدية احلديثة )التناص( على الشعر العريب بغرب أفريقيا، الذي ال يعرف عنه الكثري، فسوف يثبت هذا البحث رسوخ قدم الشعر العريب بغرب أفريقيا من خالل تناصه مع الّتاث العريب العتيق كما يثبت صالحية استخدامه كمادة علمية للنظرايت املعاصرة. وممّا أييت خالصة لنتائج البحث: ّ ي 1. أن الّسرقة الّشعريّة ختتلف عن الّتناّص يف بعض املالمح فكالمها ينتميان حلقل نقد ّ يب معاصر، و)الّسرقات األدبية( عربية، ويصّبان يف إعادة النّص القدمي أديبّ ، فـ)التناّص( أور داخل اجلديد، وخيتلفان يف أّن شاعر الّسرقات أيوي لشعر غريه قصدا، وبينما التّناص يصُدر إعتباطا عفواّي من الّشاعر. 2. االقتباس تناّص ظاهر فالّنّص املقتبس فيه يتجّلى غالبا بلفظه ومعناه، دون أن يوّظف املبدع اللفظة املضّمنة توظيفا يذوب يف الّنّص اجلديد يوصله إىل درجة التّناص. ُ ُ 3 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 3. لشعراء غرب أفريقيا مصدران أساسيّ ان: املصادر الّدينّية: اليت تتمّثل يف القرآن الكرمي، واحلديث الّنبوّي الّشريف. املصادر الّّتاثّية : واليت تتمّثل يف الّشعر العريّب القدمي، واألحداث الّتارخيّية، واألمثال. 4. تتباين أساليب الّشعراء يف استحضار الّنصوص الّسابقة: - فقد يُعيد الّشاعر الّنصّ املتناّص دون أن يطرأ عليه أّي تغيري يف الّلفظ واملعىن، وهو ما أطلق عليه الّنقاد ابلّتناص االقتباسّي أو اإلجّتاري. ّ ص، وتغيري بعض مالحمه مع إبقاء شيء من قرائنه الّدالة - وقد يتّم حتوير النّص املتنا عليه وهو ما يُعرف ابلّتناص اإلحالّ . 1- وقد يوّظف الّشاعر املبدع الكلمة املهاجرة توظيفا يصل هبا إىل درجة الذوابن ُ فتختفي كلّيا داخل الّنّص اجلديد، فال يسُهل إدراكه، والوصول إليه إاّل عن طريق اإلحالة الّداللّية، وهذ الّنوع من الّتناص هو الّتناص اإلحيائّي أو اإلملاع. 4 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh إهــــــداء أهدي هذ البحث إىل روح والدي املرحوم/ حيي دواسي، أسكنه هللا فسيح جنّاته، وإىل والديت العزيزة اهلادئة/ فاطمة أيوب، أطال هللا بقاءها وابرك يف عمرها، وإىل ابين غفران، وأخته زهراء، وإىل مشريف حممد حافظ اعت زازا، ابرك هللا يف علمه، وإىل كّل مسلم مّد يد العون ل أو دعا ل عن ظهر الغيب، نفع هللا بنا مجيعا. 5 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh شكر وتقدير بْعد ُشكر هللا تعاىل، ُ أْ زجي سحااب من الّشكر إىل والدّي اللذين ربّياين صغريا ، وحبّبا إّل هذا الّدرب، مّث إىل جامعة غاان اليت أاتحت ل فرصة االنضمام حتت ظّلها، وإىل مجيع أعضاء هيئة الّتدريس بشعبة اللغة العربّ ية بقسم اللغات احلديثة، وعلى رأسهم ذلك العلم حبيب طلبة العلم الدّكتور حمّمد حافظ، الذي شد هللا به على ساعدي طيلة فّتة الّدراسة، الّشكر والّتقدير إليكم مجيعا. الدارس / عمر حيي دواسي 6 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 7 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh المــقـدمـــة 8 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh مقدّمة احلمدهلل رّب العاملني والّصالة والّسالم على الرسول الكرمي، وعلى آله وصحبه وسّلم، وبعد، الّتناص عبارة عن حماولة دراسة الّنّص يف ضوء عالقته بنصوص سابقة ابعتبار أن تلك العالقة، إّّنا هي ضرب من تقاطع أو تعديل متبادل بني وحدات عائدة إىل نصوص خمتلفة، لتأخذ مكاهنا يف بنية نصّية جديدة، ومن مّث ميكن القول: ما من نّص إاّل وهو تسّرب وحتويل جلملة من الّنصوص الّسابقة، كما تقول جوليا كريستيفا:)1( "كّل نّص يتشّكل من تركيبة فسيفسائّية من االستشهادات، كّل نّص هو امتصاص أو حتويل لنصوص أخرى)2(. هتدف هذه الّدراسة إىل تطبيق نظرّ ية التّناص على املقطوعات الشعريّة املتعّددة، لشعراء غرب أفريقيا، لتوضيح العالقة الكامنة بني هذه األشعار من جهة، وعالقته مع الشعر العريّب الكالسيكي من جهة أخرى، وعليه أطلقت على البحث: ظاهرة الّتناص يف الشعر العريب بغرب أفريقيا دراسة حتليلية وصفّية. أسباب اختيار املوضوع: يرجع سبب اختيار املوضوع إىل أمرين أساسني: رغبة الباحث امللّحة يف تناول الظّاهرة األدبّية من خالل رؤية نقديّة حديثة، تسمح ابلكشف واالستشفاف من منظور الّتناص. جذب االنتباه إىل إبداعات شعراء غرب إفريقيا اخلاّصة وتوازهنا مع تقليدهم للّشعراء العرب 1 - انقدة بلغارية، وعاملة لسانّيات، من مواليد 24 يونيو 1941. 2 - أمحد الّزعيب، التّناص نظراّي، ط2 )األردن: مؤّسسة عمون للّنشر والّتوزيع، 2000م( ص: 12. 9 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الذين سبقوهم إىل الفّن الّشعريّ . 10 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تساؤالت البحث: سيحاول البحث اإلجابة عن األسئلة اآلتية: إىل أي مدى ورد التناص يف الشعر العريب بغرب أفريقيا؟ ما هي الّتقنّيات األكثر استعماال يف الشعر العريّب بغرب أفريقيا؟ ما هي املصادر األساسّية اليت يعتمد عليها شعراء غرب أفريقيا يف أشعارهم؟ ما هي الّنصوص الّّتاثّية اليت تظهر يف أشعارهم؟ ُ وما هي الطّرق املّتبعة يف الّتفاعل مع الّشخصّيات الّّتاثّية ذات البـُْعدين الّدييّن واألديب؟ ما هي املكتسبات اجلمالّية للّنّص من وراء توظيف التّناص الّّتاثي يف القصيدة؟ أهداف البحث: يهدف البحث إىل: 1- حتديد مدى ورود الّتناص يف الّشعر العريب بغرب أفريقيا. 2- حتديد الّتقنيات واآللّيات املستعملة يف الشعر العريّب بغرب أفريقيا. 3- البحث عن أسباب كثرة التّناص مع املصادر الدينيّة، والّّتاثيّة يف الّشعر العريب بغرب إفريقيا. ارز القيم الفنيّة للشعر العريب بغرب إفريقيا. 4- حتقيق تنميّة فنيّة معرفيّة، لعلّ ه يسهم بقدٍر ما يف إب منهج البحث: 11 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تقتضي طبيعة هذه الّدراسة املنهجني الوصفيّ والّتحليليّ ؛ ذلك ملا يتمّيز به املنهج الوصفي من الّدقة واملوضوعّ ية؛ أي: عدم إسقاط الّذات على الّنصوص، فاملوضوعّية دائما توفّر صفتني أساسّ يتني مها: الّصدق والثّبات)1(. فاستكشاف الظّواهر التناصية يتّم خالل دراسة واستشهاد بنصوص شعريّة، أبسلوب حتليلّي هلدف فهمه بصورة معّمقة، وجتدر اإلشارة إىل جتّنب الباحث شرح الكلمات املعتادة واملألوفة لدى املتخّصصني، إاّل ما لُطف ودقّ ، فبقاؤه حيول دون ُ ُ فهم الّسياق. أمهّية البحث: أمهية هذه الرسالة يف كوهنا متثل تطبيقا إلحدى الّنظراّيت الّنقديّة احلديثة )الّتناص( على الّشعر العريب بغرب أفريقيا، فضال عن أهّنا تسعى إىل إثبات حضور التّناص يف الّنص الّشعري بغرب أفريقيا، وحماولة استخالص جمموعة من آلّيات دراسته. ّ ل هذه الّدراسة ستسهم يف تسليط الّضوء على إبداعات الّشعراء يف غرب أفريقيا ولع ونفض الغبار عنها وإخراجها يف حّلة قشيبة للمتلّقني. الّدراسات الّسابقة: تناول عدد من الباحثني والنقاد موضوع التناص، لكنهم جنجوا أكثر إىل مسائل تنظريية تتعلق مبفهوم التناص ونشأته وتطو ره واستخدامه، وميكن تقسيم البحوث اليت هلا فضل السبق يف هذا امليدان إىل قسمني: 1 - عبد الّرمحن صاحل عبدهللا، البحث الّّتبوي وكتابة الّرسائل، ط1 )الكويت: مكتبة الفالح للنشر والتوزيع، 2001م( ص: 73. 12 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh أّوال: دراسات قريبة الّصلة ابلبحث: عبد الّرزاق عمر تيشو، التّناص يف الّشعر العريّب الّنيجري )أطروحة دكتوراة( كلّية اآلداب والعلوم اإلنسانّية، جامعة القاضي مراكش املغرب، 2015 ـ2016م، وهي اختيارات لنماذج من شعراء الّنيجر مثّ دراستها على ضوء نظريّة الّتناص. إبراهيم إسحاق آدم، االقتباس وداللته يف الّشعر العريّب بغرب أفريقيا، )رسالة ماجستري( قسم اللغات احلديثة، شعبة اللغة العربّية جامعة غاان, ليغون 2015 ـ 2016م وقد وضحت من دراسة الباحث االعتماد على أحد أقسام الّتناص الواعي الظاهر وهو االقتباس، عاجلها وأبرز املعاين الداللّية املختباة حتتها. د/ عبد الّصمد عبد هللا، الّشعر العريّب يف غريب أفريقيا، منذ االستعمار )السّ نغال ونيجرياي( ّ دمها لكلية اللغة العربّية جامعة أّم الق رى ابململكة العربّية الّسعوديّة، )رسالة ماجستري( ق وجتدر اإلشارة إىل أّنين قد أفدت كثريا من جهود الباحث، إذ تطّرق يف حبثه إىل قضّية أّتثّر شعراء غرب أفريقيا ابلشعراء القدامى منذ اجلاهلّية حّّت العصر احلديث، وحاول رصد ّناذج كثرية من استلهامهم ملعاين القدامى وأخيلتهم وصورهم بل حّّت ألفاظهم، كما تطّرق إىل أتثّر ّشعراء غرب أفريقيا ابلّروح الّديين، ممّا جعل شعراءها ينهلون من معني القرآن واحلديث ليحتذوا حذو معانيها وصورها وألفاظها. كما وضح أنّ دراسة الباحث مل تكن عرب نظريّة نقديّة حمّددة؛ فلم يكن الباحث يهدف إىل إبراز نظريّة الّتناص حينما تناول أتثري الّشعر اإلفريقّي ابلقدامي، بل مسحة عاّمة عرض خالهلا بياان للجذور الفنّية للّشعر العريب بغرب أفريقيا، مّث إّن نظريّة التّناص حتتاج إىل صفحات أطول من ذلك من أجل إيفائها حّقها. 13 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ارن، الّشعر العريّب ابلغرب اإلفريقي خالل القرن العش رين املسيحي، )أطروحة دكتواره( عام د/ كبا عم ارئيّة للّشعر العريّب بغرب إفريقيا، تتبّع ارسته استق 2007-2006 م، نشرهتا مّنظمة اإليسسكو وكانت د ارء املنطقة املشهورين واملغمورين منهم، مشايخ حمطّات الّشعر العريّب بغرب إفريقيا، فجمع معظم شع ارسة والنّقد. الّصوفيّة وغريهم، إضافة إىل أنّه أفرد اباب كامال للّد ّ ص، الّدار البيضاء، املغرب ط1، 1991م. حمّمد مفتاح، حتليل اخلطاب الّشعري، اسّتاتيجيّة التّنا اثنيا: دراسات بعيدة الصلة: ّ يب، الّنادي عبد امللك مراتض فكرة الّسرقات األدبّية ونظريّة الّتناص، عالمات يف الّنقد األد األديب الثّقايفّ يف جدة، 1991م. رمضان املسعوديّ ، التّناص يف شعر حمّمد بلقاسم، )رسالة املاجستري2010 ـ 2011م( جامعة قاصدي مرابح، كلّية اللغة العربّية، مجهوريّة اجلزائر، هذه الدراسة طغى فيها جانب واحد، وهو عنصر الّتكرار، على اجلوانب األخرى من تقنيّات التّناص اليت ال تقّل أمهّية عنه. ّ سابقة تتجّلى لنا الفجواتن اآلتيتان: فمن خالل هذه الّدراسات ال األوىل: تركيز بعض هذه الّدراسات على اجلانب النّ ظرّي للتّناص دون الّتطبيقّي منه، ما يشّجع على املبادرة والقيام مبثل هذه البحوث، لسّد هذه الفجوة، كي تكون الّنظريّة أكثر وضوحا ويكون النّص األديّب أكثر تذّوقا. والثّانية: ُوظّفت يف بعض هذه الّدراسات نظريّة الّتناص توظيفا سطحّيا، ذلك كدجمهم لتقنيات تّناصّية حتت عنصر واحد من املتعلقات الّنصّية، كاالقتباس مثال، ممّا حيتاج إىل سّد هذه الثغرة 14 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh من خالل حبوث ودراسات تسهم يف حتديد نظريّة الّتناص نفسها، وأقسامها ومالبساهتا حتديدا دقيقا. حدود البحث: يشمل هذا البحث من حيث املاّدة نتاج الّشعراء املشهورين واملغمورين الذين ينظمون الشّ عر العريّب يف املنطقة، و أّما من حيث الّزمن فمن القرن التّاسع عشر امليالدي وح ّّت القرن العشرين. خطة البحث: اشتملت خطة الّدراسة على مقّدمة جاء فيها ذكر ألسباب اختيار املوضوع، وتساؤالت البحث، ارسات الّسابقة، ومتهيد وثالثة فصول، وجاء يف التمهيد نبذة عن وأهدافها، واملنهج، وأمهيّة البحث، والّد الشعر العريب يف غرب إفريقيا، مّث حتديد التّناص من حيث املصطلح والّنشأة، والفصل األولّ : تناولت التّناص ومالبساته، واحلدود الفاصلة بني التّناص والّسرقات الشعريّة، وبينها و بني الّتضمني واالقتباس، ارسة مصادر التّناص يف الّشعر العريّب بغرب أفريقيا مرّكزا على ما يتعّلق بـ وجاء الفصل الثّاين: ليعرض لد )الدين والّتاث والتّاريخ( والفصل الثّالث: جاء ليعرض أشكال التّناص وآليّاته يف الّشعر العريّب بغرب ارسة وحتليل لنماذج من أفريقيا، والبحث يف تقنيّات التّناص الّّتاثي ومع الّشخصيّات الّّتاثية من خالل د ارسة. الّنصوص الّشعريّة، مثّ اخلامتة، وعرضت خلالصة النّتائج اليت توّصلت إليه الّد 15 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh التمهيد. نبذة عن الشعر العربي بغرب أفريقيا. مفهوم التّناص، ونشأته. مصطلح التّناص من وجهة نظر النّقاد الغربيين. مصطلح التّناص من وجهة نظر النّقاد العرب المحدثين. 16 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh متهـيـــد. نبذة عن الشعر العريب يف غرب إفريقيا. أّوال: تعريف الّشعر لغة واصطالحا، وبداية ظهوره يف غرب أفريقيا. الّشعر يف اللغة من أصل شُعر، وهو ما يشُعر به اإلنسان)1(. أّما يف االصطالح فهو الكالم املوزون املقفى على سبيل القصد، والقيد األخري خيرج آايت القرآن، كقول هللا عزوجلّ : ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ َّ )2( فإنّه كالم موزون ومقفى لكن ليس بشعر، ُّ ألن جميئه موزوان ليس على سبيل القصد)3(. والّشعر هبذ املعىن رديف الّنظم عند العروضيني، أّما احملققون من األدابء فيخّصون الّشعر أبنّه الكالم الفصيح املوزون املقفي املعرّب غالبا عن صور اخليال البديع)4(. اثنيا: الّتعريف بغرب أفريقيا. ويطلق منطقة غرب إفريقيا أو الّسودان الغريب على املنطقة العريضة جنويب الّصحراء ّ صحراء يف الّشمال إىل املمتدة من احمليط األطلسي يف الغرب إىل هضبة احلبشة يف الّشرق، ومن ال الغاابت االستوائية يف اجلنوب)5(، وتضّم مال، والسنغال، وغامبيا، وموريتانيا، والنيجر، وغينيا 1 - ابن منظور، لسان العرب، )القاهرة: مؤّسسة احلليّب وشركاه للّنشر والّتوزيع، 1952م( ص: 203. 2 - سورة الشرح، اآلية: 3 - 4. 3 - اجلرجان، علي بن حممد بن علي، التعريفات، حتقيق: إبراهيم األنباري، )بريوت: دار الّصفا 1992م( ص: 167. 4 - ابن قتيبة، الّشعر والّشعراء، حتقيق: أمحد حممد شاكر، )القاهرة: دار احلديث دون الطبع 2003م( ج1، ص: 37. 5 - كبا عمران، الّشعر العريب ابلغرب اإلفريقي خالل القرن العشرين املسيحي، أطروحة دكتوراه )ليبيا: كليّة الّدعوة االسالميّة، مجعّ ية الدعوة االسالميّة العامليّة، طرابلس، 2006-2007 م ( ج1، ص: 13. 17 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh بساو، وغاان، وسرياليون، وكامريون، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وغينيا، وليبرياي، وتوغو، ونيجرياي)1(. هذا، وقد حاول الباحث كبا عمران حتديد الشعر العريب بغرب إفريقيا أبنّه "الشعر الذي نظمه األديب اإلفريقي مبنطقة الّسودان الغريّب على نسق أوزان الشعر العريّب األصيل للتعبري عن رؤيته اخلاّصة، يف احلياة كي يتأثّر به اآلخرون")2(. غري أّن الّتعريف قاصر؛ إذ إنّه يقّيد هذا الّتعريف مبا كتبه الّشاعر اإلفريقي ابملنطقة فقط، بغض الّنظر عّما يكتبه األدابء األفارقة خارج املنطقة، حّّت وإن المست موضوعاهتم قضااي إفريقية حبتة. نشأته: يصعب حتديد أّول شاعر أفريقي، والوقت الذي قال فيه قصيدته، فالّشعر العريب بغرب إفريقيا مّر مبراحل وحمطّات عّدة، ساعدت يف ّنّوه وتطّوره، فهناك حقائق اترخيية تثبت أّن املنطقة شهدت شعرا منذ القرن الّ تاسع امليالدي، قبل ما تتهّذب حواشيه وتزدهر يف القرن احلادي عشر املسيحي. وقد أقّر كثري من الباحثني واملؤّرخني -كأمحد سعيد غالدنشي- بوجود الشعر العريب يف املنطقة قبل هذا الّتاريخ، لكّن أكثره حييط به شيء من الغموض والضّبابّية، ممّا يعسر الوصول إىل أشعار تلك احلقبة الّسحيقة)3(. 1 - مصطفي زغلول السنوسي، روائع املعلومات عن أقطار إفريقيا وبعض ما نبغت فيها من اململكات، ص: 112. 2 - كبا عمران، الشعر العريب ابلغرب األفريقي، ص 69. 3- إبراهيم خليل يوسف، الّشعر العريّب يف مشال نيجرياي من 1960م إىل 2000م، دراسة وصفيّة حتليليّة، رسالة ماجستري )ليبيا: اربلس، 2011م( ص: 8. مجعيّة الدعوة اإلسالميّة، كلية الدعوة االسالمية العامليّة، ط 18 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ومن أوائل الشعراء الذين ُعثر على يسري من تراثهم الشعري إبراهيم بن يعقوب الكاّني التشادي الذي عرفته بالد املغرب واألندلس الّشاعر األسود، ومن ذلك قوله ميدح الّسلطان يعقوب املنصور املوّحدي الذي حكم مابني )1184 ـ1199م()1(: أ زال ح جـا ب ه ع ّّن وع ي نـي ت ـ را ه م ن املهاب ة يف حجا ب وقـّربّن- تفّضلـه- ولك ن بـ ع ـ د ت مهابة عند ا قرتا ب . ومن ّناذج شعر القرن العاشر أيضا، شعر أمحد ابب التمبكيت، الذي تداولته كتب اتريخ ّ يب، وهو مقطوعة يف احلنني إىل بلده، قاهلا وهو يف منفاه مبرّاكش)2(: السودان الغر أاي قاصدا "كاغو")3( فـ ع ج نو بلديت و ز م ز م ل م اب س ي وب لّ ـ غ أحبّ يت س ـ ال م ا ع طـ ي ا م ن غ ري ب وشائ ق إىل وطن األحباب ر ه طي وج ي يت فبعد دخول اإلسالم إىل القارة اإلفريقية وأتثّر سُ كاهنا به، انكّبوا على دراسة اللغة العربّية وتعليمها، وكانوا ال يفرّقون بني الفنون، وال يفّضلون فنّا على فن؛ ألهنم موقنون أّن الفنون كلها هتدف إىل غاية واحدة، وهي الّتفقه يف الّدين، فلم تكن لدراسة اللغة العربّية غاية يف حّد ذاهتا وإّّنا هي وسيلة لفهم الدين، ولعّل ذلك مما دعى إىل أن تصبغ أشعارهم بصبغة دينّية حبتة؛ إذ العلماء هم األدابء، يستمّد الشاعر قيمه اخللقّية والفنّية من خالل رؤية إسالمّية صافية)4(. 1 - كبا عمران، الشعر العريب ابلغرب اإلفريقي، ج2 ص 46. 2 - املرجع نفسه، ج2ص: 57. 3 - من ألقاب غاوا. 4 - جايب، حمّمد األمني، الّشعر العريّب اإلفريقّي، نشأته وتطّوره، غري مطبوع، ص: 52. 19 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh إن هذ الّشعر بلغ أوج ازدهاره يف القرن الّتاسع عشر امليالدي، وهو عصر ازدهار احلركة األدبية يف املنطقة، فقد انل الّشعر فائق العناية والّتقدير، وذلك ملا متي زت به الفّتة من الّنضج الفكرّي والثّقايفّ ، وسوف يعاجل هذ البحث ّناذج كثرية من أشعار هذه الفّتة وما بعدها، للوقوف على مالمح أتثّر شعراء غرب إفريقيا ابلّّتاث القدمي، والكشف عن ظاهريت االقتباس والّتناص خالل الفصول القادمة. وميكن القول: إنه منذ بداية القرن العشرين امليالدي حّّت هناية عقده الّسادس، أصيب الّشعر العريّب يف غرب إفريقيا بفتور واحنطاط، وذلك ملا ابتلي به الثقافة اإلسالمية والعربّية يف ّ ي؛ فاخنفض فيها النشاط الفكرّي اإلسالمّي هذه املنطقة إثر صراع االستعما رين الربيطايّن والفرنس ّ يب، قبل أن ينهض مع زوال العقبات االستعماريّة يف العقود الالحقة)1(. والعر ِبغض النظ رعن الظروف الصعبة اليت واجهت الثقافة العربية واإلسالمية يف غرب إف ريقيا يف القرن العشرين، فقد أجادت قرحية بعض الشعراء فنظموا أشعارا رصينة مجيلة ال تقّل أمهّية يف ميدان األدب عن بقّية أقطار العامل اإلسالميّ ، كشمال إفريقيا وشرقها؛ فالّشعر العريب الذي نشأ يف اجلزيرة العربّية وارتقى عرب اترخيه الطّويل إىل أن ظهر على أيدي فحول شعرائها متكامال يف حبوره ومتبينا يف أغراضه املتعّددة؛ من مديح وراثء وفخر وهجاء وغريها، هو نفس الّنمط الذي سار عليه الشعراء يف غرب إفريقيا، ابلّرغم من البعد املكاين واالختالف البيئّي والّتباين الثّقايّف وغريها من الفوارق)2(. أغراضه: 1- إبراهيم خليل يوسف، الّشعر العريب يف مشال نيجرياي، ص: 8 3. ارسات األدبية يف الداير النّيجرييّة، بدون رقم الطبع ورقمه ومكانه ص: 19. 2 - اإللورّي آدم عبد هللا، مصباح الد 20 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh كان الّشعراء يف غرب إفريقيا، متأثرين ابجلاهلّيني: كالنابغة الذبياين، وامرئ القيس، وعنّتة، وعصر صدر اإلسالم: كحّسان بن اثبت، وكعب واخلنساء، وغريهم، ولكن أتثرهم ابجلاهليني أقوى وأوضح، ولعّل ذلك يرجع إىل الّتشابه بني البيئتني وطبيعة احلياة فيهما)1(. وقد ط رق شعراء غرب إفريقيا معظم أغراض الّشعر العريب املعروفة؛ من مدح، وفخر، وغزل، ووصف، وابتهال. . . إضافة إىل تطرقهم لألغراض االجتماعّية والوطنّية والّشعر الّتعليميّ ، إاّل أهّنم برعوا يف الّشعر الّصويّف خاّصة والّشعر الدييّن عامة، فجاءت قصائدهم يف مدح الّنيّب - صلى هللا عليه وسّلم - والّتشويق إىل زايرة احلرمني الشريفني، والوعظ واإلرشاد، واحلكمة واالعتبار، قصائد عذبة، جزلة، راقية اللفظ واملعىن؛ فتصّوف شعراء غرب إفريقيا تصّوف سيّن هو إىل الّزهد والورع والتقى أقرب)2(. وقد أكثروا وأفاضوا يف بعض األغراض دون غريها، كاملدح والتوّسل، فمدحوا الّرسول - صلى هللا عليه وسّلم -كما مدحوا األمراء وامللوك، فللشيخ حمّمد اخلليفة أنياس)3( "ديوان الكربيت األمحر" يف مدائح القطب األكرب موالان أمحد التجاين)4( يف 3256 بيتا)5(، ويلحظ أهنم أكثروا من هذ الفّن فأبدعوا نظريّة جديدة يّتخذوهنا يف قرض األشعار، فيقرض الّشاعر قصيدة ميدح الّرسول صّلى هللا عليه 1- عبد الصمد عبد هللا، الّشعر العريّب يف غرب إفريقيا منذ االستعمار )السنغا نيجرياي( رسالة املاجستري، )اململكة العربية الّسعوديّة: جامعة أم القرى، كلية اللغة العربّية، 2004- 2005م( ص: 108. 2- عبد اللطيف عبيد، منتدايت ستار اتميز، املعهد العال للغات، ص 43. 3 - من كبار علماء الّصوفّية، ترعرع يف قرية "سلك" قرب دوفان يف سنغال. 4 - هو أمحد بن حممد الّتجاين اجلزائرّي، مؤّسس الطريقة التيجانّية، تويف ابملغرب 1815م. 5 - كبا عمران، الّشعر العريب ابلغرب األفريقي، ج2 ص: 42. 21 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وسّلم من أّوهلا إىل آخرها بال نقط، ويُعد الّشيخ حمّمد النّاصر كربى الكنوي النيجريي)1( رائدها، يقول يف مدح الّرسول- صلى هللا عليه وسّلم-)2(: أ عل ى سال م أل ع لى ال ر س ل إ ع ال م ا وأ ك ر م ال ر س ل أ حالما وإسـالم ا مّمـ د أمحـ د ا مل ح مو د حام د ه ا مل م ل ال رو ح أ سرا را وأ حكام ا )3(. ويظهر االبتكار يف بعض املوضوعات عند بعض الشعراء املعاصرين يف القارة كشعر ّ ي، واحلنني، وشعر الشاي، والّدعابة، والّتهنئة، والّّتحيب الوحدة اإلفريقية، والشعراالجتماع والتوديع وغريها. ّ ي)4(، الذي قضى جّل عمره يف فرنسا رغم طيبة عيشها، إاّل أنّه فشاعران مصطفي العاج حيّن إىل وطنه احلبيب، إذ يقول)5(: ه وا ي يف الي و م أ ن أ ح ظى ب دال جي ل ل ه ل م ب ـت عد ا ع ن شا ط ئ العـا ج ف إ نّ ّن ص ر ت م ش ت اق ا إىل وطــ ّن رما ن الّشو ق يف ضي ق وإ ح را ج. كأن ّن ك نـ ت ط فـ ال ت ه م بـ ت عد ا ع ن أ ه ل ه ض م ن ف ص ل ل ي ل ه د ا ج )6(. 1 - أحد مشايخ الصوفية والقادريّة، وأبرز قياداهتا يف مبدينة كانوا- نيجرياي ولد 1921 له ديوان ومؤلفات. 2 - الدكتور حممد عبد الّسالم مصطفى أبيكن، الّنوادر يف الّشعر العريب النيجريي، )نيجرياي: كلّية اآلداب والعلوم االنسانّية، والية كوغي( ص: 11. 3- املصدر نفسه. 4 - هو حممد املصطفى بن حامد ولد يف السنغال، وعاش يف السنغال وساحل العاج وموريتانيا ومصر واحلجاز. 5 - كبا عمران، الّشعر العريب، ج2 ص: 574. 6- كبا عمران الّشعر العريب بغرب أفريقيا، ج2، ص: 574. 22 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وللشاعر أمحد حيدرا قصيدة أنشأها عند سفر صديق له إىل اإلمارات املّتحدة: صاح و دا عا لي س مي ز جه و جـى إذ أن ت تق صد دولة حتوي الي دا فا قر أ ع لى امل ل ك ال ك ر ي حت ي ت ـي مشس املكارم م ن أ غ ا ر ال ف رق دا)1( ملك بىن للمجد أ ر ق ـى قـ ل عـ ة و ب و ده وذكا ئ ه أ ر د ى ال عـــد ا )2(. فالّشاعر يف هذه القصيدة حيّن إىل دولة اإلمارات ويشيد مبلكها اجلواد صاحب األخالق الكرمية، الذي استطاع قمع أعداءه إبغداق اخلريات عليهم حّت استمال قلوهبم. 1- الفرقد: هو الّنجم. 2- أمحد حيدرا ديوانه، خمطوط، بدون رقم بدون اتريخ. 23 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اثنيا: التناص، املصطلح والّنشأة الّتناص: لغة أصل مادة الّتناص من "نصص"، وإذا تتبعان معناه يف املعاجم العربّية الّّتاثّية جنده يدّل على اإلظهار؛ يقول ابن دريد: "نصصت احلديث أنّصه نّصا إذا أظهرته، ونصصت احلديث إذا عزوته إىل حمّدثك به")1( ويقول الزّبيدي: " نّص املتاع إذا جعل بعضه فوق بعض، وأتيت مبعىن االزدحام فتناّص القوم ازدمحو)2( أّما املعاجم العربّية احلديثة ففيها ورد يف معجم الوسيط: "تناّص القوم: ازدمحوا)3(. الّتناص: اصطالح ا . الّتناص مصطلح نقدّي حديث وهو تعريب للمصطلح االجنليزي)Intertextuality) )4)، وقد ترجم إىل بينصّية، التزاما أبمانة نقل املصطلح من اللغة اإلجنليزيّة")5(. وقد ترمجه بعض الباحثني ابلّتناصّية)1(، وهذه جمّرد تسمّيات، وإن كانت مجيعها هلا داللة واحدة، وهي تفاعل الّنصوص وتداخلها. 1- ابن دريد، أبوبكر حمّمد بن دريد األزدّي، مجهرة اللغة، ج1، )القاهرة: مؤّسسة احلليّب وشركاؤه للّنشر والّتوزيع، 1932م( ص: 103. 2- الزّبيدي، حمّمد مرتضى احلسيين، اتج العروس من جواهر القاموس مادة )نص( ج1، )بريوت: منشورات دار مكتبة احلياة، ، دون رقم الطبع أو اترخيه( ص: 440. 3- إبراهيم مصطفى وآخرون، املعجم الوسيط، )بريوت: جممع اللغة العربّية القاهرة، دار إحياء الّّتاث العريبّ 1973م( مادة )نصص( ص: 364. 4- حمّمدعزام، الّنّص الغائب، جتليّات التناص يف الّشعر العريّب، )دمشق: منشورات احّتاد الكتّاب العرب 2001م( ص: .28 5- عبد الع زيز محودة، املرااي احملدبة من البنيويّة إىل الّتفكيك، )الكويت: سلسلة عامل املعرفة، عدد232، 1998م( ص: .361 24 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ ص األديّب ما هو إالّ كتابة من الّدرجة الثّانية. ويّتّتب على هذ أّن الن انتبه الّشاعر العريّب القدمي إىل هذ املبدأ الفيّن فأشار إىل تواطؤ الّشعراء على املعاين الّشعريّة كما عرب ذلك عنّتة بن شداد يف قول: ه ل غ ا د ر ال ش ع راء م ن متـ رّد م أ م ه ل ع رف ت ال دا ر ب ع د تو ه م )2(. مصطلح "الّتناص" من وجهة نظر الّنقاد الغربيني. يقول )شكلو فسكي()3(: "إّن العمل الفيّن يدرك يف عالقته ابألعمال الفنّية األخرى، وابالستناد إىل الّّتابطات اليت نقيمها فيما بينها، وليس الّنّص املعارض وحده الذي يبدع يف تواز وتقابل مع ّنوذج معنّي ، بل إن كّل عمل فيّن يبدع على هذ الّنحو")4(. وجتتمع الّدراسات احلديثة على أنّ )ميخائيل ابختني( العامل الّروسّي هو "أّول من أشار إىل مفهوم الّتناص، فأاثر اهتمام الباحثني، يف الغرب حبيويّة اإلجراءات اليت تقوم عليها الدراسات املقارنة اليت تتضّمنه")5( وذلك عن طريق كتابه "املاركسّية وفلسفة اللغة" والذي اعتمد مرجعا أساسّيا يف الّنظرية األلسنّية واأليدولوجّية، فقد أاثر موجة من الّتساؤالت حول إشكالّية امللفوظّية، اليت تنظم بنية اخلطاب وتقنّيات الّنقد 1- حسني مجعة، املسباريف الّنقداألديب، دراسة يف نقد الّنقد، )سوريّة: احّتاد الكّتاب العرب، دمشق، 2003م( ص: .155 2- ديوان عنّتة، ابن شداد، حتقيق حسن نصار، ط2 )القاهرة: دار الكتب والواثئق القومية مركز حتقيق الّتاث 2013م( ج 1، ص: 142. 3 - هو دكتور شكلو فسكي هو كاتب روسّي، صاحب نظرية "الفّن للفّن" الذي نشر يف عام 1917م. 4 - عبد العزيز محودة، املزااي املحدبة، ص: 361. ُ 5 - عبد املعطي كيوان، التناص القرآينّ يف شعر أمل دنقل ط1، )القاهرة: مكتبة الّنهضة املصريّة، 1988م( ص: 15. 25 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh السوسيولوجي لألثر األديَب")1(، وقد أعلن أّن الّتناص هو"الوقوف على حقيقة التفاعل الواقع يف الّنصوص ال سيما يف استعادهتا أو حماكاهتا لنصوص أو ألجزاء من الّنصوص الّسابقة عليها")2(. نالحظ أّن )ابختني( أّول من أّسس للّتناص نظراّي من خالل الّّتكيز على احلواريّة، وأّول من مّهد ملصطلح الّتناص الذي مل يوظّفه، ولكّنه اعتمد على مفاهيم احلواريّة أو الّتعّدديّة وغريها من التصّورات للّداللة على تداخل الّنصوص. وقد ظهر مصطلح الّتناص مبفهومه املعاصر ألّول مرة يف الستينات عند )جوليا كريستيفا()3( البلغاريّة اليت حتمل اجلنسّية الفرنسّية إبحياء من )ابختني( إذ كان أعماله وأفكاره املنطلق اليت انطلقت منه )4(، وذلك بعد أن نشرت جمموعة من األحباث والّدراسات يف جمليت )تيل كيل( و)كرتيك()5(، وخاّصة دراستها "ثورة اللغة الّشعريّة" اليت عرفت فيها التناص أنّه "الّتفاعل الّنصي يف نص بعينه"، وتوّسعت يف تبيني قابلّياته اإلجرائّية حني تناولت أحوال الّتناص يف شعر لوترميان حتديدا متوقّفة أمام عملّيات "الّتحوير" اليت أقامها )6( . الّشاعر على نصوص عديدة معروفة )كريستيفيا( إذن شّقت الطّريق لغريها من الباحثني لتفسري هذ الّتناص، حيث اّتسع بعد ذلك هذ املصطلح، وأصبح ظاهرة نقديّة جديرة ابالهتمام والّدراسة، فتوالت الّدراسات واألحباث, وتضافرت جهود الّنقاد والباحثني مع )كريستيفا( يف نشر هذ املصطلح، ويزداد التناص وضوحا )مع روالن ابرت()7(؛ وذلك حني يربط ربطا واعيا بني نظريّة الّنّص بوصفه سّيدا يستدعي إىل فضائه صيغا جمهولة من نصوص أخر، وبني 1 - نبيل علي حسنني، التناص دراسة تطبيقّية يف شعراء الّنقائض، ط1، )عمان: دار كنوز املعرفة العلمّية للّنشر والتوزيع، 2002م( ص: 87. 2 - إبراهيم مصطفى الّدهون، الّتناص يف الّشعر ط1، )عمان: عامل الكتب احلديث للّنشر والّتوزيع 2011م( ص: 13. 3 - هي جوليا كريستيفا الناقدة البلغارية، صاحبة نظرية التناص، اليت أرست دعائمه بكتاهبا "علم النصّ ". 4 - روالن ابرت، لّذة الّنّص، ط2، )األردن: دار الّشجرة للّنشر والّتوزيع، 2002م( ص: 29. 5 - وائل بركات، التناصّية، عالمات يف الّنقد، ط1، ) عمان: املركز الثّقايّف العريّب 1990م( ص: 234. ارسة النّص الّشعرّي، )بريوت: دار الكنوز األدبيّة 1993م( ج4 ص34. 6 - يشريل داغر، التّناص سبيال إىل د 7- روالن ابرت أحد األلسنّيني املشهورين وأحد مئوّسسي نظريّة اجلماعة يف جمال الّنقد من كتبه )موت املؤّلف(. 26 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الّتناص بوصفه متصّورا مينح نظريّة الّنّص جانبها االجتماعّي وفق ما جيعل النّص نفسه يف تداخله مع نصوص أخ رى وفق الّتناص يف وضع املنتج، وعليه يقول: "الّتناصّية قدر كّل نص مهما كان جنسه")1(. وقد وّسع )ابرت( إطار فهمنا للّتناص، إذ يضعه ضمن ما مسّاه ابلنّص اجلامع، وهو حقل عام يضّم صيغا مغلقة قّلما هنتدي إىل منبعها، كما يضّم شواهد يوردها الكاتب عن غري وعي أو تلقائّيا دون وضعها بني م زدوجني)2(، والّتناص عنده ميتح من خمزونني اثنني مها: املؤّلف الثّقايّف الذي يبدع الّنصّ ، والقارئ الذي قد خيتلف يف خمزونه عن املبدع، فينتج الّنص بشكل آخر، فيخرج بقراءات متباينة ومتعّددة نتيجة اختالف خمزون كّل قارئ يتناول الّنصّ )3(. وتزداد إسهامات الّنقاد يف هذ اجملال، ويعّد )جريار جينيت()4( من الّنقاد الذين أضافوا ملح وظات هاّمة حول الّ تناص، ولعب دورا حموراي يف صياغة هذه الّنظريّة وتطويرها بعد )كريستيفا( و)ابرت()5(، الذي سعى لتغيري مفاهيم سابقة حول مفهوم الّتناص، فطرحه حتت اسم الطرس)6( أو الّنّص اجلامع وكالمها شكال عنوانني الثنني من كتبه، من حيث تشكيل الّنص طرسا يسمح ابلكتابة على الكتابة؛ أي نّص يف نص)7(. مصطلح "التناص" من وجهة نظر الّنقاد العرب احملدثني. يتضح مما سبق آنفا أن معظم من قاموا بتأصيل نظرية التناص هم من النقاد الغربيني، ومع ذلك كان لشرذمة من النقاد العرب دور ما يف إثراء مفهوم التناص من خالل الّتمجة والتطبيقات ومقارنتها 1- حافظ حممد مجال الدين املغريّب، التناص املصطلح والقيمة، عالمات يف الّنقد، )بريوت: دار قباء 1992م( ص 39. 2 - إبراهيم الدهون، التّناص يف الّشعر، ص: 14. 3 - املصدر السابق، ص: 16. 4 - هو الناقد الفرنسي ولد 1920م. 5- نبيل حسنني، الّتناص دراسة تطبيقّية يف شعر شعراء الّنقائض، ص: 44. 6- الطّرس: اجلمع طروس وأطراس، وهو الّرق أو اللوح املسموح، أو يكتب عليه مرّتني، فأخذ جريار جينيت هذه الصورة ليطلقه على كتابه الذي يتناول هذه العملّية، ينظر نداء علي يوسف، )التناص يف شعر حمّمد القيسي( رسالة املاجستري، جامعة الّنجاح الوطنّية، فلسطني، 2012م ص: 26. 7 - ينظر املرجع الّسابق ص: 26 27 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ابملصطالحات اليت تشبهها يف النقد األديب العريب، يقول نبيل حسن)1(: ". . . وابلّرغم من الّتعّددية والّتداخل الذي أصاب مفهوم الّتناص عند الّنقاد العرب إالّ أنّنا نلحظ أهّنم ميتحون من مصادر أجنبّية واحدة أو مماثلة، والالفت لالنتباه لديهم، هو اختالفهم يف إجياد صيغة لفظّية أو ترمجة موّحدة ملصطلح الّتناص")2(. والتناص عند حمّمد مفتاح هو تعالق )دخول يف عالقة( نصوص مع نّص حديث بكيفّيات خمتلفة، مّث يشري إىل بعض املفاهيم األساسّية كاملعارضة، واملعارضة الّساخرة، والّسرقة، وهذه املفاهيم مقتبسة من جمال الثّقافة الغربّية، وهلا ما يقابلها يف الثّقافة العربّية: املعارضة، واملناقضة، والّسرقة)3(. أّما الّناقد سعيد يقطني فقد استعمل مصطلح "الّتفاعل الّنصّي" يف كتابه )انفتاح الّنص الروائي( كـ"مرادف ملصطلح الّتناص، والتناص يف رأيه ليس إاّل واحدا من أنواع الّتفاعل الّنصّي")4(. ويوّضح الّناقد عبد امللك مراتض الّتناص بدقّة متناهية إذ يقول: "فليس الّتناص يف تصّوران، إاّل حدوث عالقة تفاعلّية بني نّص سابق ونّص حاضر، إلنتاج نّص الحق")5(. من خالل األفكار املطروحة للّنقاد العرب املعاصرين نستطيع القول أبّن هؤالء الّنقاد قد استقوا تعريفاهتم للتناص من حقول الباحثني الغربيني أمثال: )كرستيفا، وتودوروف، وابرت، ورفاتري( وقد استفادوا من التنظريات الغربّية يف بلورة آرائهم ملصطلح الّتناص، فبذلوا جهودا كبريا من أجل تطويره وحتويله من جمرد ظاهرة ليصبح منهجا إجرائّيا له آلياته ووسائله الّتحليلّية اليت تساعد القارئ يف الكشف عن الّنصوص الغائبة، وسيتناول البحث بعض آلّيات الّتناص وأشكاله وتقنّياته يف الفصل الثّالث. 1 - انقد مصري، تويف 1986م. 2 - نبيل حسنني، التناص دراسة تطبيقّية يف شعر شعراء الّنقائض، ص: 44. 3- حممد مفتاح، 0حتليل اخلطاب الّشعرّي اسّتاتيجّية التّناص، ط3، )الدار البيضاء: املركز الثّقايّف العريّب، 1992( ص: .121 4- نداء علي، التناص يف شعر حمّمد القيسّي، ص: 29. نقال من سعيد يقطني، انفتاح النّص الروائّي، ص 32. 5- عبد امللك مراتض، فكرة السرقات األدبّية ونظريّة التناص، )بريوت: املكتبة العصريّة للطباعة، 1992م ( ص: 16. 28 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الفصل األول التّناص ومالبساته، ويشتمل على ثالثة مباحث: المبحث األول: التّناص والسرقات الشّعريّة المبحث الثاني: التّضمين واالقتباس المبحث الثّالث: مالمح التّناص في التّضمين واالقتباس 29 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الفصل األول: الّتناص ومالبساته جند هناك التباسا قائما بني الّتناّص والّنظراّيت النقديّة القدمية يف األدب العريب، كالّسرقات األدبّية واالقتباس والّتضمني، ممّا يصُعُب الّتمييز بينها، وبني التناص، وعليه فسيتناول هذ الفصل مجيع النظراّيت القدمية اليت تلتبس على دارس األدب العريب، ابلدراسة، مع حتديد معامل كّل نظريّة على حدة، والفرق بينها وبني الّتناص، وفقا للخطوات اآلتية: املبحث األول: السرقات الّشعريّة والّتناص. املبحث الثّاين: الّتضمني واالقتباس. املبحث الثّالث: مالمح الّتناص يف الّتضمني واالقتباس. 30 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث األول: الّتناص والسرقات الّشعريّة. "الّسرقات الّشعريّة"هي أن يعمد شاعر الحق، فيأخذ من شعر الشاعر السابق بيتا شعراّي أوشطر بيت، أو صورة فنّية، أو معىن ما")1(. أدرج البالغيون موضوع الّسرقات األدبّية يف كتبهم فصارت تدرس ضمن قضااي علم البالغة، وذلك منذ القرن الرّابع اهلجريّ ، حيث إهنم تنّبهوا إىل ما يقع فيه األدابء من تبادل األساليب الفنّية البالغّية وتناقلها مثل الطّباق واالستعارة والتورية)2(. ّ ي، فهذ كعب بن مالك الذي يربّر وقد تفّطن شعراؤان حلتمّية تداخل الّنصوص منذ العصر اجلاهل هتمة الّسرقة األدبية عن نفسه ويقول: ما أ را ن نـ قـو ل إ ال معــا را)3( و م عـادا م ن قـ ولنا م كـ رو را)4( كما نفى طرفة بن العبد عن نفسه سرقة أشعار غريه، فقال: وال أ غ ي ع لى األ ش عار أ سـ رقـ ها ع نها غ ن ي ت وش ر ال ن ا س م ن س ر ق ا)5(. ونفى حّسان بن اثبت اإلغارة على أشعار غريه، فقال: ال أ سر ق ال ش ع را ء ما ن ط ق ــوا ب ل ال ي ـ وا ف ــ ق ش ع ر ه م ش ع ري)6(. 1 - ابن خلدون، املقّدمة، حتقيق جمر عاصي، ط1 )بريوت: دار مكتبة اهلالل، 1982م( ص: 329. 2 - عبد العزيز عتيق، يف النّقد األديب، بدون رقم الطّبعة )بريوت: دار النّهضة العربيّة، 1982 م ( ص: 329. ارر. ارء يف عصره ال أيتون جبديد، فجّل املواضيع سبقهم إليها من قبلهم، معّادا ومعار: تك 3- ويعين أن الّشع 4- مفيد قبيحة، ديوان كعب بن زهري، ط1، شرح ودراسة، )الرايض: دار الشواف للطباعة والّنشر، 1989م( ص 66. 5- ديوان طرفة بن العبد، ط1، اعتىن به عبد الرمحن املصطاوي، )بريوت: دار العرفة، 2003م( ص65. 6- ديوان حسان بن اثبت، حتقيق وليد عرفات، ـب )بريوت: دار صادر، دون رقم الطبع، 2006م( ص 30. 31 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ويذكر أن من أسباب نشأة دراسة الّسرقات األدبيّة قضيّة االنتحال اليت كانت منتشرة يف عصور مجع الشعر وتدوينه، ورغبة النّاقد يف إظهار إجنازاته الثّقافيّة، واالعتقاد بفكرة نفاد املعىن)1(. وهناك أسباب أخرى أيديولوجية شخصّية، أقرب إىل االنتقامّية منها إىل العلمّية، وعلى هذا األساس ميكن حصر اجّتاهاهتم يف بعدين أساسيني يضّم كّل منهما أبعادا أخرى، أوال: بُعد انطلق منه فري ق فاعتربوا الّسرقات األدبّية عيبا واخّتذوها سبيال إىل طعن الّشعراء، والّنيل منهم واالنتقاص من قدر أعماهلم، وغالبا ما يكون سبب ذلك صراعا غري علمّي بني الّشاعر والّناقد. اثنيا: وبُعد آخر انطلق منه فريق مل يروا يف الّسرقات عيبا كبريا، معّتفني أبهّنا ظاهرة إنسانّية ال ميكن الّتخّلص منها، واالستغناء عنها يف اإلبداع األديب، كما أهّنا حتّقق الّتفاعل والّتحاور بني الّنصوص األدبّية، وجتديد الّصور الفنّية)2(. وموقف األصمعّي )122-215هـ( من شعر الفرزدق دليل على إنصاف العلماء يف احلكم على الشعراء، فريى أّن تسعة أعشاره مسروقة)3(. كما تصّدى الّنقاد املناوئون حلداثة أيب متام )190-231 هـ( لرصد سرقاته، وابلغوا يف ذلك كثريا، وخري مثال على ذلك قول الّصول )ت 335 هـ( إنّه" سأل دعبل )148 – 246هـ( عن أيب متام فقال: 1- إحسان عباس، اتريخ الّنقد األديب عند العرب، دون رقم الطبع )األردن: دار الّشروق، عّمان، 2001م( ص: 61. 2- عبد العزيز ساان، نظريّة التّناص بني الّّتاث واحلداثة، دراسة يف نقد األديب العريب، رسالة ماجستري)ليبيا: كلية الدعوة اإلسالمية العاملّية 2007- 2008م( ص: 246. 3- أبو عبد هللا حممد املرزابين، كتاب املوّشح يف مآخذ العلماء على الّشعراء، دون رقم الطبع، حتقيق: حسني مشس الدين، )لبنان: دار الكتب العلمّية بريوت، 1995م( ص: 135. 32 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ثلث شعره سرقة، وثلثه غثّ ، وثلثه صاحل")1(. ويف صدد االعّتاف بظاه رة الّتفاعل الّنصيّ ، واحتمال الّتوارد الفكريّ ، يرى القاضي اجلرجاين عدم بّت احلكم على أديب ابلّسرقة، لكونه غري مستغن عن غريه)2(. وذهب بعض الّنقاد العرب إىل أّن الّتناص الغريّب ما هو إاّل امتداد للّسرقات الّشعريّة اليت عرفه الّنقد العريب القدمي. ومن أبرز الذين رأوا يف الّسرقات األدبّية ما تشبه نظريّة التناص، الناقد )عبد امللك مراتض( الذي أشار إىل كون الّتناص هو"تبادل األثر والعالقات بني نّص أديّب ما ونصوص أدبّية أخرى، وهذه الفكرة كان الفكر الّنقدي العريب عرفها معرفة معّمقة حتت شكل الّسرقات الّشعريّة)3(. وقد أّ يد هذ الرّأي الّناقد )عبد هللا الغذامي( الذي أشار إىل ضرورة دراسة ما كان يسّميه األقدمون ابلسرقات األدبّية)4( وفق آلّيات الّنقد املعاصر. على أّن من النقاد املعاصرين من رأى عدم اعتبار السرقات من قبيل الّتناص، )كصاحل الغامدّي( الذي اقّتح عدم االندفاع وراء العواطف حتت شعار )سبقناهم(، وكذلك يرى عدم توافق السرقات مع الّتناصّية، وعليه وصف حماولة مراتض أبهنا مل تكن انجحة على اإلطالق)5(. ارسة مفّصلة، ّّ ين، ود ولعّل النّاقد )حممد مفتاح( ميثّل يف هذه القضية املوقف الوسط، إذ يرى ضرورة الّتحليل املتأ ملا يعرف ابلسرقات؛ ألن ذلك يساعد يف حتديد املصطلح أكثر دقّة)6(. احلدود الفاصلة بني الّتناص والّسرقات الّشعريّة. 1- أب وبكر الّصول، أخبار أيب متام، دون رقم الطبع، حتقيق خليل حممود عساكر وحمّمد عبده، )بريوت: املكتبة العلمّية، لبنان، 2000م( ص: 244. 2- ابن رشيق القريوين، العمدة يف حماسن الشعر ونقده، وآدابه، دون رقم الطّبع ومكانه واترخيه، ج1، ص: 280. 3- عبد امللك مراتض، فك رة السرقات األدبية، ونظريّة التّناص، عالمات، العدد األول، مايو 1991م ص: 91. 4- عبد هللا الغذامي، الّتناص وإشاراّيت العمل األديّب، ) جملة الف، عدد4، 1984 م( ص: 35-26. 5 - رمضان مسعودي، الّتناص يف شعر حمّمد بلقاسم، رسالة ماجسيّت، )اجلزائر: جامعة قاصدي مرابح، 2010 – 2011م( ص: 51. 6 - حممد مفتاح، حتليل اخلطاب الّشعرّي، ص 119. 33 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh من خالل ماسبق يتبنّي لنا، أّن الّنقاد األوائل تناولوا قضّية االتّفاق واالختالف بني الّسرقات والّتناص، ابعتبار أن كال املفهومني يعاجلان ظاهرة الّتعالق الّنصي يف الّ نصوص اإلبداعّية، بوجهات نظر خمتلفة. فريى بعضهم أّن الّتناص ليس الذي عرفه العرب ابلسرقات، ّ ص، على أنّه ميكن استشفاف نقاط الفصل والوصل بني ويرى اآلخرون أنه يف جوهرها تنا الّنظريّتني من خالل ما أييت: أّوال : نقاط الوصل. ّ يب، فالّسرقات 1. يّتفق التناص والسرقة يف أن كال منهما ينتمي إىل حقل واحد وهو حقل الّنقد األد الّشعريّة تنتمي إىل حقل نقدّي عريّب قدمي، والّتناص ينتمي إىل حقل نقدّي أورويّب معاصر. 2. ويّتفقان يف اعتماد الاّلحق على الّسابق؛ أي اعتبار مبدأ األسبقّية؛ إذ بدوهنا ال يكون تداخل بني الّنصوص وهي عملّية حتمّية ال بّد منها يف العملّية اإلنتاجية سواء سرقة كانت أوتناّصا، فالّنصوص ال بد هلا من والد هلا مث تكرب فتلد نصا آخر جديدا. اثني ا : نقاط الفصل. 1. اهتّم الّنقاد مبوضوع الّتناص بدراسة الكيفّيات اليت يتّم هبا ظهور نّص سابق يف نّص جديد، وحتديدها ّ سرقة الشعريّة يتوقف عند رّد الّسرقة إىل أهلها، وذلك بعزل الّنص عن بنية الكلّية أو بدقّة، بينما انقد ال بعزل االنساق عن بعضها بعضا)1(. ويعد الّناقد اخلليل املوسي من أنصار هذ الرأي، إذ يؤّكد بعدم اهتمام الّتناص ابلنّص املركزي أو الّنّص الغائب يف حالة ما يكون املتناّص ممتّصا يف الّنّص اجلديد)2(. 1 - رمضان املسعودي، التناص يف شعر حمّمد بلقاسم، ص: 53. 2 - خليل املوسى، التناّص واإلجناسّية يف الّشعر، دون رقم الطّبع )سوراي: منشورات االحتاد الكتاب العرب، دمشق، 1991 م( ص: 82. 34 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 2. وعلى مستوى القيمة واملعياريّة، فإّن انقد الّسرقة األدبّية يسعى إىل استنكار عمل الّسارق وإدانته، فالشاعر الّسارق كّلما ورد مورد غريه وهنل من معينه، فهو عاجز وليس مبدعا، يف حني أّن الّتناص يقصد إظهار البعد اإلبداعّي يف اإلنتاج. فدراسات الّس رقات األدبّية تّتجه دائما إىل هتجني عمل الّسارق وإدانته، وأّما التناص فهو معيار نقدّي للمدح واالستحسان)1(. 3. يرتبط مفهوم )الّتناص( بدراسة الّنّص األديّب ابعتباره جنسا غري مقّيد بنوع حمّدد من الّتفاعل مع الّنصوص األخرى، سواء كانت أدبّية أوغري أدبّية، قومّية أ وعاملّية، لغة واحدة أو لغات خمتلفة، وأّما الّسرقات األدبّية، فقد رّكزت على سرقة الّشعراء احملدثني من األقدمني، أو سرقة احملدثني من احملدثني، وجتاوز الّنقاد سرقة الّشعراء من الّشعراء إىل سرقة الّشعر من الّنثر)2(. 4. السرقة تكون عملية قصدية واعية دوما، والّتناص يكون – غالبا – الواعيا، وقد تكون واعية وهو ما جنده يف االقتباس والّتضمني. ِّي ِّي التأثُّر ِّشعري ة تَعتِمد على "املنَهج التارخي 5ُ. وعلى مُ ستوى"املنهج" يعترب )َخليل املوسى(؛ أ ن ال سرِقة ال ُّص ُوالسْبِق الزمينِّ ؛ فالالِحق هو السارِق، واألْصل األ ول هو املبدِع والنُّموذَج األْجَود، بينما يَعتِمد التنا ِّص الغائب)3(. لك ن الناِظَر يف َحقيقة النِّقاش َحول ال سرِقة يَرى ُّم كث ريا ابلن على املنَهج الوظيفيِّ ، وال يَهت ِّخر اآلِخذ ِمن األ ول إذا تَف وق يف التعبري عن املعىن املأُخوذ، ُيشَهد له ابلسْبِق والتميُّز، كما َيصري أ ن املتأ املعىن ُمرتِبط ا بِه، وهو ما يرُِبز ِعناية النُّـ قاد الُقَدماء ابملنَهج الوظيفيِّ )4(. 1 - عبد العزيز ساان، نظريّة التّناص بني الّّتاث واحلداثة، ص: 266. 2- رمضان املسعودي، ، التناص يف شعر حمّمد بلقاسم، ص: 53. 3 - اخلليل املوسي، التناّص واإلجناسّية يف الّشعر، ص: 84. 4 - ابن رشيق القريواين، العمدة، ج2، ص: 82. 35 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث الثّان: الّتضمني واالقتباس. أّوال: الّتضمني. تعريفه: اتّفقت معظم املعاجم اللغوية العربّية على أن مادة ))ض-م-ن(( ومشتّقاهتا تدّل على الكفيل، فالضمني: الكفيل، وضَمن الّشيء الّشيء: أودعه إاّيه كما يودع الوعاء املتاع، واملّيت القرب. . . وكّل شيء جعلته يف وعاء فقد ضمنته إاّيه)1(. وندرك أّن املعىن اللغوي العام للتضمني هو االحتواء ماداّي أو معنوايّ ، وال خيتلف هذا املعىن كثريا عن املعىن االصطالحي، إذ عّرف القزويين الّتضمني أبنّه أن يضّمن الّشعر شيئا من شعر الغري، مع الّتنبيه عليه إن مل يكن مشهورا عند البلغاء)2(. و مما يالحظ هو أّن تعريف القزويين الّسابق تضّمن أمورا مهّمة منها: أ. أن الّتضمني جيري يف حدود دائرة الّشعر، فال يعترب ما تضّمنه الّشعر من نثر تضمينا، والّسبب يف ذلك "أّن تضمني شعر الغري يف الّشعر على وجه يوافق املضمون إليه مما يستبدع، إذ ليس بسهل الّتناول ولذا عّد يف احملسنات خبالف ضّم كالم الغري يف الّنثر")3(. ب. قد يكون الّنّص الّشعرّي املضّمن دون نصف أو نصف بيت أوبيتا واحدا أو أكثر، ويفهم ذلك من خالل إطالقه الشيء املضّمن بلفظ )شيئا()4(. ج. ومن الّضوابط: مراعاة حاالت املتلقني املختّصني وليس العوام، إذ جيب التنبيه إىل مصدر الّنّص 1- الزبيدّي، اتج العروس، ج2، مادة )ضمن( ص: 93، وابن منظور، لسان العرب، ص: 844-843. 2- اخلطيب القزويين، اإليضاح يف علوم البالغة، ط3، شرح وحتقيق: عبداملنعم خفاجي، )بريوت: دار اجليل، لبنان، 1993م( ج6، ص: 140. 3- سعد الدين التفتازاين، حاشية الدسوقي على شرح التلخيص، )لبنان: دار اإلرشاد اإلسالمي، بريوت 1989م( ج4 ص: 514. 4 - عبد العزيز ساان، نظريّة التناص، ص: 296. 36 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املضّمن إذا مل يكن معروفا متداوال لدى ذوي األذواق األدبّية الفصحاء، وهلذا الّتنبيه أمهّية قصوى؛ ذلك أنّه حيمي الّتضمني يف هذه احلالة من أن تنسب إىل الّسطّو على شعر الغري)1(. وال ميّثل هذ املفهوم رأي كل الّنقاد وال البالغيني، وإن كان معظم علماء البالغة حيصرون الّتضمني يف حدود الّتفاعل الّنصّي يف دائرة الّشعر، يف حني يرى الكثريون من الّنقاد أّن الّتضمني قد حيدث يف الّنثر أو الّشعر على حد سواء)2(. وانتقد ابن يعقوب املغريب عبارة القزويين )شعر الغري( الذي مينع الشاعر من أن يضّمن يف قصيدة الحقة نّصا شعراّي له، واقّتح بدهلا عبارة )شعر آخر( ليشمل تضمني الشاعر لشعره من قصيدة أخرى، وتضمينه لشعر غريه، غري أن ابن يعقوب املغريبّ )3( يلتمس للقزويين عذرا، مبّينا أّن تضمني الّشاعر من شعره قليل الورود يف فّن الّتضمني فلذلك جعله يف حكم العدم)4(. ويبدو أّن الّتضمني قد اّتسع نطاقه، األمر الذي زاد اهتمام الّنقاد به، ورمبا كان الّداعي إىل حتديده هو اخلوف من أن يلتبس ابلّسرقة)5(، فقد عرّفه ابن رشيق القريواين وحاول توضيحه قائال: "فأّما الّتضمني فهو قصدك إىل البيت من الشعر أو القسيم، فتأيت به يف آخر شعرك أو يف وسطه كاملتمّثل" ومن أمثلته قول حممود بن احلسني كشاجم الكاتب )6(. اي خا ضب ال شي ب واألاّي م ت ظ ه ر ه هـ ذا شبـا ب ل ع م ر للا م ص ن و ع أ ذ ك ر ت ّن قـ و ل ذ ي ل ّب و ت ـ رب ة يف مثـ ل ه ل ك ت د ي ب وت ق ريـ ع ) إ ن ال دي د إذا ما زي د يف خ لـ ق تـ ب ني ال نا س أّن الّث و ب م وق وع ()7(. 1 - عبد العزيز ساان، نظريّة التناّص، ص: 297. 2 - املصدر السابق، ص: 298. 3 - انقد مغريب تويف 1178هـ من كتبه املشهورة "شرح مواهب الفتاح". 4 - أمحد علي، مواهب الفتاح ضمن شروح التلخيص، )األردن: مكتبة الكتاين، دون اتريخ الطبع( ج4 ص: 514. 5 - أمحد حسن حامد، التضمني يف العربيّة حبث يف البالغة والّنحو، ط1، )الدار العربيّة للعلوم 2001م( ص: 22. 6 - ابن رشيق القريواين، العمدة ص: 84. 7- ابن رشيق القريواين، العمدة ص84. 37 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فالبيت الثّالث جاء به الّشاعر إلثبات دعواه يف البيت األّول، وهو بقاء الّشيب على املشيب وعدم إمكانّية إخفائه. وقد مجع ابن األثري الّتضمني واالقتباس حتت مسّمى واحد وهو الّتضمني، ومّسى األخذ من القرآن الكرمي واحلديث تضمين ا ، وقّسم الّتضمني إىل نوعني: املعيب واحلسن، فاحلسن أن يضّمن اآلايت واألخبار الّنبويّة، وذلك يقع يف وجهني: أ- التضمني الكليّ : وهو أن يذكر اآلية واخلرب جبملتهما فيكون جزءا منه. ب- أّما اجلزئي: فهو أن تدرج بعض اآلية واخلرب يف ضمن كالم فيكون جزءا منه)1(. أّما املعيب فهو تضمني اإلسناد وذلك يقع يف بيتني من الّشعر أو فصلني من الكالم املنثور على أن يكون األّول منهما مسندا إىل الثّاين، فال يقوم األّول بنفسه وال يتّم إالّ ابلثّاين)2(. مثل ملا تقول. ويف القرن الثامن اهلجري، يظهر ابن حّجة احلموي بتعريف آخر للّتضمني، فيطلق عليه "اإليداع" وعرّفه قائال "اإليداع الذي حنن بصدده هو أن يو دع الّناظم شعره بيتا من شعر غريه، أو نصف بيت أو ربع بيت بعد أن يوطئ له توطئة تناسبه بروابط متالئمة حبيث يظن السامع أن البيت أبمجعه له")3(. ومن أمثلته قول شهاب الّدين حممود)4(: و ب تنا ع ل ـى ح ك ـ م ال صباب ة م ط م عي ز فيـري وأ شج ـ ا ن و شـ ريب املدام ع و خ ّ لي ي عا طي ّن ك ؤو س م ـــال م ة وين شـ دن والـّم للقـلب صا دع 1- ضياء الدين ابن األثري، املثل السائر، حتقيق أمحد اخلول، ط1، )مصر: مكتبة الّنهضة الفجالة، 1962م( ج3، ص: .200 2- املصدر السابق، ج3، ص: 290. ازنة األدب وغاية األرب، )لبنان: دار القاموس احلديث، بريوت، دون اتريخ( ص: 377. 3- ابن حّجة احلموي، خ 4- ابن حجة احلموي، املصدر الّسابق، ص 377. 38 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ رجال ا مل ط ا مــــ ع أت طمــ ع م ن ل يـ لـى ب و صـ ل وإّّنا ت قّط ع أعنا ق ال )فبـــ ت ك أّن سا ورت ّن ضئ يل ـ ة م ن ال رق ـ ش ف ـي أن يا با ال سّم ن ق ع ( الشاهد يف البيت األخري إذ الّشاعر ساقه يف قصيدته اسشتهادا هبا، والبيت للشاعر "الّنابغة الذبياين" ومن هنا يّتضح ممّا سبق أّن وجهات نظر الّنقاد حول مفهوم الّتضمني تتبلور يف ثالثة أوجه)1(: الوجه األّول: جيمع االقتباس والّتضمني يف مفهوم واحد وهو الّتضمني، ومن أشهر مؤيّدي هذ القول ابن األثري. الوجه الثّان: يقصر مفهوم الّتضمني على أخذ شاعر من شاعر آخر وهو الرّأي الغالب. الوجه الثّالث: يطلق على الّتضمني مصطلح آخر هو اإليداع، على حنو ما رأينا عند ابن حجة احلموي. ومهما يكن، فإّن الّتضمني على األصّح هو دراسة الّتفاعل الّنّصي بني شعرين على أن يكون ّ يب، واجّتاهه الفكريّ )2(. كما جتدر اإلشارة إىل أحدمها منقوال حرفّيا وموظّفا يف اآلخر وخاضعا لسياقه األسلو مصدر الّنص املضّمن عند عدم شهرته لدى البلغاء)3(. 1 - أمحد حسن حامد، التضمني يف العربّية، ص: 39. 2 - عبد العزيز ساان، نظرية التناص، ص: 306. 3 - اخلطيب القزويين، العمدة، ج6، ص: 140. 39 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اثنيا: االقتباس. ي رى بعض الّنقاد عدم الّتفرقة بني االقتباس والّتضمني؛ ألن احلّجة يف الّتفرقة - يف رأي من يفّرق - ال تتعّدى تنزيه القرآن الكرمي عن الّشعر، فسّموا تضمني الّنصوص املقّدسة من القرآن الكرمي والسّنة النبوية خاصة اقتباسا، وما عداها تضمينا، وهو سبب غري مقنع لباحث دقيق؛ إذ القرآن الكرمي واضح والّشعر واضح فال ميكن اخللط بينهما، وكالمها يدخالن يف دائرة األخذ املشروع)1(. واجلاحظ من أوائل من أشار إىل االقتباس، فذكر أّن الّتضمني – ويعين االقتباس والتضمني معا - سّنة الّشعراء يف أشعارهم والكّتاب يف رسائلهم)2(. وقال القاضي اجلرجاين يف تعريفه: "هو أن يضّمن الكالم شيئا من القرآن أو احلديث")3(. كما عّ رفه اخلطيب البغدادي بقوله: "هو أن يضّمن الكالم شيئا من القرآن الكرمي واحلديث ال على أنّه منه)4("ومن أمثلته يف الّنثر قول احلريري: "فلم يكن إال كلمح البصر أو هو أقرب، حّّت أنشد فأغرب")5(. ويف الّشعر قول أيب القاسم احلسن الكات يّب: إ ن ك نت أ زم ع ت عل ـى ه ج ـرن مـ ن غ ي ما ج ر م )فصرب مجيل ()6( وتضمني الّنّص املقّدس يف الّنثر أو يف الّشعر مع اإلشارة إىل أنّه من القرآن الكرمي أو احلديث ّ ي، يفقده انتماءه إىل مصطلح االقتباس؛ ألّن ذلك أمر سهل ال يصعب على أّي أديب، لكّن االقتباس الّنبو 1 - أمحد حسن حامد، الّتضمني يف العربّية، ص: 204. 2 - أبو عثمان عمرو بن جاحظ، البيان والتّبيني، حتقيق وش رح: عبد الساّلم هارون، )بريوت: دار الفكر لبنان، 1968م ( ج1، ص: 123. 3 - اجلرجاين، حمّمد علي، االشارات والتنبيهات يف علم البالغة، حتقيق عبد القادر حسني، )القاهرة: دار الّنهضة- مصر، دون اتريخ( ص: 310. 4- اجلرجاين، شرح التلخيص، شرح حممد هاشم دويدرّي، )سوراي: دار احلكمة، دمشق- 1979م( ص: 74. أي اجلرجاين؟ ارهيم، ) بريوت: مكتبة العصريّة-1988م( ج4، ص48. 5 - أمحد بن عبد املؤمن القيسّي، حتقيق: حممد أبو الفضل إب 6- سورة يوسف اآلية 32. 40 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املعين به هو اقتباس خطاب قرآين أو نبوّي يف عمل أديّب أبسلوب يستعصي اكتشافه أنّه ليس منه، ابعتباره من كيان نسيجه األسلويّب بعيدا عن أيّة إشارة إىل مصدر ذلك الّنّص املقتبس)1(. فمن خالل ما مضى يّتضح لنا أّن مصطلحي )الّتضمني واالقتباس( الّّتاثيني، من املصطلحات ّ ي، وحاولوا الكشف عن الّتناصّية اليت تُعىن هبا الّنقاد األقدمون خالل دراستهم لكيفّيات الّتفاعل النص إمكاانت األدابء اإلبداعّية عند توظيفهم الّنصوص القرآنّية، والّنصوص العربية املنقولة إىل أعماهلم األدبّية. فاالقتباس والّتضمني حيمالن ملمحا تناصّيا، أصبح من الّسهل إدراجهما حتت عناصره وهذا األمر ال مناّص منه، إذ كّل من الّتضمني واالقتباس تناّص وليس العكس، وسيّتضح ذلك خالل املبحث اآليت. ارت والتنبيهات، ص: 70، وأمحد حسن حامد، التضمني يف العربية، ص 33. 1 - اجلرجاين، حمّمد علي، اإلشا 41 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث الثّالث: مالمح الّتناص يف الّتضمني واالقتباس. إّن الّسرقات الّشعرية والّتضمني واالقتباس تتقاطع مع الّتناص يف الّتفاعل الّنصّي للّنصوص املوروثة الغائبة مع الّنصوص احلاضرة، وهذ ما جعل بعض الّنقاد احملدثني، يرفضون كون مصطلح "الّتناص" شيئا بديعا جديدا، إن هو إال مفهوم قدمي عاد إلينا يف حّلة مطّرزة جديدة. فعبد امللك مراتض جيعل االقتباس والّتضمني تناّصا غري صريح، بوصفهما فكرتني حتمالن امللمح القدمي للمصطلح احلديث)1(، وهو دخول الّنصوص يف عالقة فيما بينها. ويعّد النّاقد أمحد الزعيب من الذين جعلوا الّتضمني إضافة إىل االقتباس واالستشهاد "ّناذج من التّناص يستحضرها الكاتب إىل نّصه األصلي لوظيفة فنّية أو فكريّة ًّصا اترخييّا أو دينيّا أو أدبيّا ")2(، وهذا ما يطلقون عليه )التّناص منسجمة مع الّسياق الروائي سواء كان هذ التّناص ن املباشر(، إذ يقتبس النّص بلغته اليت ورد فيها مثل اآلايت واألحاديث والقصص، أّما التّناص غري املباشر، فهو تناّص يستنتج استنتاجا ويُستنبط استنباطا من الّنص، وهو تناّص األفكار والّر واية أو الثّقافة تنا صا روحيا ال حرفيا ، فالّنص يفهم من خالل تلميحاته وإمياءاته وترميزاته وشفراته)3(. وكذلك انقش ُمنري قضّية الّّتادف بني الّتضمني والّتناص موّضحا " أّن كل من حتّدث يف الّتناص مل يغب عنه أنّه تضمني، وبدال من أن يكون اقتباسا أو تضمينا يف حدود ضّيقة، انتقلوا به إىل حدود أمشل وأعمق ومّسوه حوارا وتناصا، فلماذا مل يفهم الّتضمني على أنّه حوار وتناص بشرط أن أنخذ من الّتناص ما يعّمق الّتضمني، ويوافق روح العمل الفيّن املنقود")4(. ومن هنا ميكن القول: أبّن ظاهرة الّتضمني واالقتباس يف البالغة العربّية أقرب ما تكون إىل مفهوم الّتناص يف الّنقد احلديث، مع وجود الفروقات، منها أّن الّتضمني يف الّشعر القدمي كان يرد لفظا ومعن ا ، وقّلما 1 - خليل موسى، التناّص واإلجناسّية يف الّشعر، ص: 83. 2 - املصدر الّسابق، ص: 88. 3 - املصدر نفسه, ص: 90-89. 4 - عبد العزيز ساان، نظريّة التّناص، ص313، نقال من منري سلطان )الّتضمني والتّناص( ص: 68. 42 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يعمد الّشاعر إىل توظيف اللفظ أو املعىن توظيفا جديدا ، بعكس الشعر املعاصر الذي نرى فيه الّشاعر يُعيد املعىن القدمي بطريقة ختدم رؤيته، وتنسجم مع غرضه)1( فحني يوّظف املبدع لّنّص القدمي يف اجلديد توظيفا جيعل الّنص القدمي يذوب كلّيا يف اجلديد، وخيتفي أثره حبيث ال يبقى له أثر فيه، يقال عنه أنّه تناص، عكس لو بقي للنّص القدمي آاثره واحتفظ مبكانته ومل يذب يف اجلديد مسّيناه اقتباسا أو تضمينا. وقد الحظ ذلك الّناقد اخلليل املوسى وغريه)2( فأطلق على الّتضمني واالقتباس )التناص الّصريح واملقصود(، لكّنهما تبتعدان ابتعادا عميقّا عن الّتناص مبفهومه األورويبّ ، ألّن التلقيح والّتفاعل ال وجود هلا يف الّتضمني واإلقتباس أيضا، فيظّل الّتفاعل قوًّاي يف الّتناص، والّنّص التناّصي ثقايّف لكّنه يذوب يف الّنص اجلديد، بينما يظّل الّنّص املضّمن واملقتبس ثقافّ يا تزيينيّ ا)3(. والّتشابه بني االقتباس والّتضمني كبري واخللط بينهما منتشر، ليس عند العاّمة فقط بل حّّت عند أرابب الفّن أنفسهم، كما مّر بنا عند ابن األثري وأمحد الّزعيب اللذي تناوال مصطلح االقتباس والّتضمني ضمن مصطلح الّتضمني، كما مّر بنا سابقا. ومن ضمن تقسيمات التناص اليت قّدمها الّناقد فور لشينوف، وابختني )الّتناّص الظاهر( يقّتب أكثر إىل الّتضمني واالقتباسه)4(، وهي من املربّرات عندي، وممّا جعلين أختار املصطلح )الّتناص االقتباسي أو الظّاهر( القتباسات الّشعراء، وإدراجه من ضمن الّتحليالت للّظواهر الّتناصّية يف الّشعر العريّب بغرب إفريقيا يف الفصل الثّالث من البحث. 1 - تركي البغيض، الّتناص يف معارضات البا رودي، )القاهرة: دار املعارف، 1979م( ص: 113. 2- كالنّاقد منري سلطان الذي بىن دراسته الّتطبيقّية لظواهر التّناص يف ) رسالة الغفران( مبيّنا أّن الّتضمني والتّناص يعتمدان على حمور أساسّي واحد، وإن اختلفت املنطلقات الّنظريّة بينهما، انظر: كتاب املدخل إىل علم الّنص، حمّمد األخضر الصبيحي، دون مكان النشر والطّبعة وسنته واترخيه، ص: 145. 3 - خليل املوسى، الّتناص واإلجناسية ص: 88. 4 - عبد الّستار جبري األسدي، ماهّية التّناص، ص: 10. 43 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh خالصة الفصل األّول. لقد جاء الفصل األّول ليبنّي أمورا أساسّية تتعّلق بنشأة مصطلح الّتناص، واملفاهيم الّنقدية العربّية القدمية األخرى، امللتبسة على بعض الّدارسني العرب. فتّم توضيح كّل من املالبسات على الّنحو اآليت: يف املبحث األّول، مّت حتديد الّسرقات الّشعريّة، حيث تلتقي مع التناّص إذ: إّن ك اّل منها ينتمي إىل حقل أديب واحد، وإعادة الّنّص الّسابق يف الالحق، يف حني أبرز الفرق يف ّ ي، فشاعر الّسرقات – حسب رأي بعض الّنقاد- أيوي إىل شعر غريه املستوى القصد قصدا، خالفا عن شاعر التّناص الذي تتّم العملّية فيه غالبا عن غري قصد. َ ح الّتضمني واالقتباس مصطلحُ الّسرقات يف املبحث الثّاين، وهذان املصطلحان تال مصطل األكثر قراب من غريمها إىل املصطلح الغريب "الّتناص"؛ ألهّنما حيمالن ملمحا تناصيّا وهو دخول الّنصوص يف عالقة فيما بينهما، غري أهّنما يصّنفان حتت عنصر الّتناص الظّاهر أو الواعي، إذ يرى ذلك بعض الّنقاد، فالّتناّص الضّيق هو "التضمني واالقتباس" واألوسع هو الّتناص الغريب. 44 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الفصل الثاني: مصادر التّناص في الشّعر العربي بغرب إفريقيا ويشتمل على مبحثين: المبحث األول: المصادر الدينيّة القرآن الكريم الحديث الشريم المبحث الثاني: المصادر التراثيّة األدب العربي القديم الشخصيات التراثية األبعاد التاريخية األمثال 45 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الفصل الثان: مصادر التّناص يف الّشعر العريب بغرب أفريقيا. ورد يف لسان العرب "صدرته فصدر أي رجعته فرجع، واملوضع مصدر، ومنه مصادر األفعال")1(، ونعين مبصادر التناص هنا، اآلاثر املاضية واحلقول اليت ميتاح منها الّشعراء ويرجعون إليها إلجراء العملّيات الّتناصّية مع إبداعاهتم الّشعريّة؛ فإّن لكل اآلاثر اإلبداعّية أصوال تستقي منها أو تستند إليها، أو توظّفها فنّيا، ومّت كانت تلك األصول حّية: عقيدة واترخيا، وفلسفة، فإّن اآلاثر اإلبداعّية اليت اّتكأت عليها ستقّتب من دائرة البقاء إنسانيّا)2(. وشعر غرب أفريقيا مليء ابلّنصوص املوروثة املختلفة االنتماء واملستوى، فالّنصوص الّّتاثّية احلاضرة يف شعرهم تنتمي إىل احلقل الّديين، والّّتاثي واألديب. فاحلديث هنا يشمل مبحثني: املبحث األول املصادر الدينّية. - القرآن الكرمي - احلديث الشريف املبحث الثّاين: املصادر الّتاثّية. - الشعر العريب القدمي - الّشخصّيات واألحداث الّتارخيية. - األمثال. 1 - ابن املنظور، لسان العرب ج3 مادة: )ص د ر( ص: 168. 2- حّصة البادي، التّناص يف الشعر العريب احلديث الربغوثي ّنوذجا، ط1)دار كنوز املعرفة العلمّية، للّنشر والّتوزيع، عمان- األردن 2009م ( ص: 36. 46 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 47 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث األول: املصادر الّدينّية. إنّ روح الّدين اإلسالمّي كانت وما تزال الطّابع العام للّشعر العريّب بغرب أفريقيا، فيظّل الّشعراء األفارقة يستوحون املعاين اإلسالمّية الّسامية يف أشعارهم، كما أصبح الّتناص من القرآن الكرمي واحلديث الّنبوّي الّشريف ظاهرة واضحة. ويعّد توظيف الّنصوص الّدينيّة يف الّشعر من أجنح الوسائل، وذلك خلاصيّة يف هذه الّنصوص تلتقي مع طبيعة الّشعر نفسه، وهي أهّنا ممّا ينزع الّذهن البشرّي حلفظه ومداومة تذّكره، فال تكاد ذاكرة اإلنسان يف كّل العصور حترص على اإلمساك بنّص إالّ إذا كان دينيّا)1(. واملصادر الّدينّية لشعراء غرب أفريقيا تتمثل يف القرآن الكرمي واحلديث النبوّي الّشريف، وظّفومها يف األشعار أمّيا توظيف، وممّا ال ينكره أحد أّن الّدين أكرب البواعث ودواعي الّشعر العريب يف منطقة غرب أفريقيا، فقّلما جند غرضا من األغراض- كاملدح والّراثء واهلجاء وغريها - إاّل ألبسوه فكرة دينية)2(، فهم "اليزالون يّفتشون عن عبارات جديدة ولغة غري مستهلكة، تستطيع أن تنقل أكرب عدد ممكن من املعاانة واإلحساس")3( األمر الذي دفع بعض الكّتاب إىل إطالق مصطلح )إسالمّية الّشعر الع ريّب( إميا ء إىل كثرة 1- عبد احلميد جريوي، جتلّيات الّتناص الدييّن من شعر عفيف الدين، رسالة ماجستري )اجلزائر: كلّية اآلداب والعلوم االسالمية، جامعة ورقلة، 2002-2003م( ص: 72. 2- واضح الفرق بني موضوع الشعر وغرضه، وإن اختلطت عند البعض، فموضوع الّشعر يعين مضمونه الفكري، الذي هو جزء من موضوعات اجملال االجتماعي أو الدييّن، أو الّسياسّي أو الفكرّي، غري أن غرض الّشعر يف تناول موضوعات هذه اجملاالت، قد يكون مستهدفات الّتنويه فيكون مدحا، أو التّنديد فيكون هجاء، أو التصوير فيكون وصفا. . . فموضوع ما يوجهه شاعر إىل ملك من امللوك سياسي، وإن نّوه بعدالته فغرضه املدح وإن انتقده فغرضه اهلجاء، انظر: كبا عمران، الشعر العريب ابلغرب اإلفريقي خالل القرن العشرين املسيحّي، ج1، ص: 114. 3 - عبد احلميد جيدة، االجّتاهات اجلديدة يف الّشعر العريب، دون رقم الطبع )بريوت: مؤّسسة نوفل، لبنان، 1980م( ص: .75 48 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تناول الّشعراء ملوضوعات دينّية، منذ أن دخل اإلسالم يف املنطقة، فظّل امللمح الّدييّن يالزم الّشعر العريب مل يتخّلف عنه حلظة من اللحظات)1(. أوال: القرآن الكري. إّن الّتناص مع القرآن الكرمي يف الّشعر العريب بغرب أفريقيا مل يكن على ّنط واحد، لكّنه يف أشكال متنّوعة؛ فتضمني الّشاعر للذّكر احلكيم يكون بكلمة، أو مجلة، أو جمموعة مجل، حُيضرها الّشاعر بلفظه ومعناه، وقد يكون الّتضمني بفكرة عاّمة مستوحيا معناها من القرآن الكرمي، وسنورد هنا جمموعة من الّنماذج لكّل نوع. التناص الّلفظي: جند الّشاعر الغييّن )كرن سنكن جايب()2( ميدح ألفا جالو حيي أحد أشهر سالطني فوات جالون)3( يقول فيها)4(: ما ز ل ت ب ني الب ىن ح يا ن ذا كلـ ف م غ رى ب ـ ذي مهّ ة أ ش ك ـو ل ه ل في ح ّت انـ ت ـ هى يب ج وا د العزم م ن ت د اب نو ا م ر ئ ال ح بدرا يف ذ رى ال ش ر ف مـ د د ت كّفـي ف لّما أن ر أى ح ز ن ن ــ ا دى ب م تـه أ ق ب ـ ل و ال ت ف ّ م ف ولّـى مه ـه ون في دام ت م عا ل ي ه ك م أ ر وى ب را ح ت ـ ه ظ م ـآ ن هـ ش ف ي ت اي نـ ف س م ن ل قياه ف ا ع ت ص م ي ب ه وم ن غ ـ ر س إ ح سان ت ه اق ـ ت ط فـي اي ن ف س إ ن ر م ت حضن ا ت من ني ب ه ها أ ن ت يف ع ر ف ا ت امل ك ر م ا ت ق فـي. 1 - عبد الّصمد عبد هللا، جملة املشكاة، شعر اجلهاد اإلسالمّي يف غرب أفريقيا، مقالة منشورة، عدد 23، 2000م, ص: .80 2- أحد أبرز شعراء غينيا عاش مطلع القرن الّتاسع عشر امليالدي. 3- فوات جالون: أحد املدن الفاّلنيّة يف الّسودان الغريّب، ازدهر فيها احلركة العلميّة انظر: علي يعقوب، الّفالنيون: الّشعب واللغة ونشر االسالم يف الّسودان الغريّب، ط1, )نيجرياي: مكتبة التني، الغوس 2012م(، ص 86. 4- حمّمد األمني جايب، الّشعر والّشعراء، بغرب أفريقيا خمطوط يف مكتبة الّشاعر، النّيجر، ص: 7. 49 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh خبحب مب هب جت حت خت مت هت مث فعجز البيت الثالث مقتبس من اآلية الكرمية: ُّ جب مجحج جح مح جخ مخ جس حس خس مسحصَّ)1( كما أّن لفظة )فاعتصمي( من البيت اخلامس مست وحاة من قوله عّز وجل: ُّ ُّ ِّ ّٰ رئ زئ مئ. . . َّ)2(. وجند الّشاعر أمحد بللو يف وصف وقائع غزوة كنو ورصد انتصاراهتم على األعداء يقول)3(: سا ئ ل ـ و ع نا وعـ ن أ ع ـدائ نـا يـ و م د ا ر احل ر ب يف ك ن و ا حل فر ق ـ د تـ ر كنا هـ م ب ا مث ـ ل ا لب ا أ و ك أ حط ـ ا م ه شيـ م ا مل ح ت ظـ ر و كـ ر ك أ ر دى ب ـ ه ف ـ ر س ـا ن نا يف ص ن ـ ا دي د ك يـاوا امل ن ك س ر)4( إ ذ ز ح ف ن ـ ا ل م و ق ت الض حـى ب ن ـو د ك ج ــ را د م نت شــ ر . فواضح أّن اللفظتني )احملتظر( و)منتشر( الواقعتني يف القافية مأخوذاتن من القرآن الكرمي، االوىل من قول هللا تعاىل: ُّجي حي خي مي ىي يي ٰذ ٰرَّ)5(. والثّانية من قوله تعاىل: ُّخل مل ىل يل جم حم خم ممَّ)6( . ويتناّص الّشاعر أبوبكر تيام)1( أيضا مع نفس اآلية الّسابقة وذلك يف صدد وصف ممدوحه الشيخ الواصل )عبد هللا دكري()2( ملكانته العلمّية إذ يقول: 1 - سورة الّنمل اآلية 10. 2 - سورة آل عمران اآلية 103. 3 - أمحد سعيد غالدنتشي، حركة اللغة العربّية، ص: 255. 4 - كنو احلفر، وكرك، وكياوا: أمساء مناطق بكنو حيث دار احلرب. 5 - سورة القمر اآلية 33. 6 - سورة القمر اآلية 7. 50 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اي ق و م د ون كم ال في ـو ض م نـ ف ج رة والغارق ـو ن ل ا الرا د م نـ ت ش رة)3(. وهذ الشاعر المني داينغ يف قصيدة )دمي األمنّيات( حني تغّزل مبحبوبته متلطّف ا ، حياول أن يطمئنها أبّن حّبه صاف وخالص، وال يكدر صفوه كائن من كان ال واٍش من البشر وال شيطان مارد، حني قال)4(: ّ ب ف ا س د ع ل م ت ب ن ال ص رب ال ش ك ما ج د و ل كن ـ ه يف ساحـ ة ا حل وإّن وإ ن ق ام الّزما ن وخ ط ب ـ ه ب ن ـ قل ـي إ ل يـ ك بـ عـ د ي و م لعائ د ّ ن ما ر د. وال يف ا ع تقا د ي أ ن سي ـ ف ص ل بـ يـ ن ـ ن ا م ن ال نا س وا ش أ و م ن ا ل فقوله من ))اجلّن مارد(( تناّص مع اآلية: ُّ حي خي مي ىي يي ٰذ ٰر ٰى ٌّ )5(َّ ُّ َّ ٍّ التناص اجلملي: وهنا يتناّص الشاعر مع مجلة أو أكثر من القرآن الكرمي، ويرد هذ الّنوع كثريا يف قصائد شعراء غرب أفريقيا، فقد يستقي الّشاعر من القرآن الكرمي مجلة واحدة يضّمنها شعره، وأحياان قد يكون البيت الّشعرّي كّله مكّوان من جمموعة آايت قرآنّية. فهذا أمحد جتاين اخلليفة بن مالك سه)6( يقول: منتقدا الّسياسة الوطنّية يف بلده: 1 - هو أبوبكر تيام بن تيورنو حمّمد اهلادي عاش )1920-2003م( مؤّسس مدرسة سبيل الفالح يف سيقو، له ديوان من مؤلّفاته )الّرسالة الّنحوية(. 2 - هو عامل ماّل، له نشاطات كثرية يف جمال التدريس. 3- كبا عمران، الشعر العريب ابلغرب اإلفريقي، ملصدر السابق، ج3 ص 93. 4 - حمّمد الطاهر ميغا، أشتات من أدب الّشباب اإلفريقّي 1987-1991م، )مال: جامعة اآلداب والعلوم اإلنسانّية، مباكو 2012م( ص: 5. 5 - سورة الّصافات اآلية 6. 6 - أحد املشايخ الّسنغال مشايخ زاوية تواُون التجانية له ديوان ضخم، 51 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ داين ت اي سـا د ة الن ا س غ رت كم ظ ن و ن كم ب دولـ ة شأ ن ا ر فـ ض ال إ ن ل تـ ق و موا ف مو ت الّدين م ق رت ب إ ن ال قيـام ل ك م أ و ىل ال ع ب ادات إىل حيث يقول: ال زا د ك للا إ ال زّ لـ ة ظ هـر ت يف أ ع ني ال نا س اي ش ر ا حل كو ما ت ح ّ و ل ت ل لن ا ر ب ل أ د خ ل ت يف س ق ر و ك ن ت د و لة أ راب ب ا ل ال عا ت أ ل ت ـ روا ك يـ ف جا زى للا أ بـ ر ه ة ط يا أاببي ل ت رمي ابحلجا را ت )1(. ففي البيت تناّص مجل مع اآلايت: قال تعاىل: ُّ يف ىق يق اك لك مك ىك يك مل ىل يل ام مم رن زن من نن ىنَّ)2( وجند الّشاعر املال أمحد حيدرا)3( يتناص مع بداية سورة املسد يف قصيدته )سبتمرب شاهد الّزمن( إحتفاء بعيد االستقالل: تـ ب ت ي د ا سا ر ق وت ب ما ك س ب ت ي د اه م ن ع م ل و ك ل ما ا د خ ـر ا نب ت موا ر د ن أفـ ن ـ ت م ن ـا مج ن ا وأتـ ي ت كرامت نا قـ لنا كفـى وت را)4( وهذ الوزير جنيد)5( يصف الفساد الذي حّل ابلّشباب يف زمانه: يـ قول ـو ن ماال يـ ف ع لو ن و تبـ ع وا ه وا هم وطا ع وا ال ش ح يف كّل واج ب)1(. 1- كبا عمران، الّشعر العريب بغرب أفريقيا، ص 83. 2 - سورة الفيل اآلية 1، 3، 4. 3 - الشيخ أمحد حيدرا من من كبار الّشعراء الذين عرفتهم دولة مال يف العصر احلديث، خرّيج جامعة األزهر الّشريف، نظم القصيدة 1992م. 4- حممد الطاهر ميغا، أشتاب من شعر الشّ باب ص: 21. 5- هو الوزير اجلنيد بن حمّمد البخارّي، بن أمحد بن الوزير عثمان عاش)1906-1997م( 52 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh مستوحيا قول هللا تعاىل: ُّ رن زن من نن ىن ين ٰى ريَّ)2( كما يطالعنا الّشاعر خمتار سي)3( بقصيدته )نيلسني مانديال(مدحه لفوزه على معارضه )بوات()4( بقوله تعاىل: ُّخلمل ىل يلجمحم خم مم ىم يمَّ)5( أ خزي ت ) ب وت( وق د ق ط ّع ت د ا ب ره فـ ن ّدت ه و ج ع ل ت احل ق م ن ـ ت ص ر ا )6(. وقد ظهر الّتناص جلّيا يف اجلملة ) وقد قطّْعت دابره( التناّص ابملعىن: وهنا يتعامل الّشاعر مع الّنصوص القرآنية بشئ من احلرفة، حبيث يكون الّتناص أقّل ظهورا، وال يعلن عن ظهوره بشكل واضح وصريح، وإّّنا يتناص الّشاعر مع الفكرة اليت يدور حوهلا اآلية القرآنّية. يقول الّشاعر عثمان أمحد صو)7( يقول خماطبا شجرة الّسدرة: ّ ل أ ما مي ذ ي ا مل ز ايّ ت اي س د ر ة نـ ب ـ ت ت م ن قـ ب ل م و ل ـ د ن ع ن د ال و ل وال ا مل لّما ت نـ ب قي ك م دى ز م ن ت سب ّ حــني ل ر مح ا ن ال رب اي ت ّ ل أ ز م ن ة ي ب قى وي ـ ل ح ق ن ا يـ وما اب أل م وا ت . لك ن ر ب ال و رى يف ك 1 - الزير جنيد، ديوان شعر ص: 10. 2 - سورة الصّف اآلية 2. 3 - أحد شعراء الّسنغال البارزين، املّقلب ابلسيناتور. 4 - هو بيّت بوات رئيس جنوب أفريقيا األبيض الذي أطلق سراح نيلسون منديال. 5 - سورة االنعام اآلية 45. 6- حمّمد الطّاهر ميغا، أشتات، ص: 29. 7 - الشيخ عثمان بن أمحد صو، مؤسس مجعية املتمّسكني ابلّسنة ابلسنغال، كان كاتبا ومذيعا، عاش )1919- 2004م( 53 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فالبيت الثّالث تناّص مع اآلية: ُّ زئ مئ نئ ىئ يئ رب زب مب نب ىب يبَّ ويتحّدث حمّمد البخاري عن الفكرة نفسها، وهي الفناء والّزوال واملصري إىل القبور حني قال راثيا: أقّلي فإّن املوت حتم على الورى وكّل امرئ يوما يسي إىل القرب)1(. .)2( َّ مشريا إىل اآلية: ُّنب ىب يب رتزت وللّشاعر ماجاين شيخ جايب يف الغزل: جانس ت يف ق صدها ق و ل ف ها ن د م ي ع ن د ال و ش اة و ص دو ن فـ ها ن د مي م ك ـ ر ال و شاة وابء يف ت شا ك لهـ م يومـ ا ب م مي ك ر الّ رمح ن اب ل نّ ق م ىننن ين يظهر الّتناص يف قوله: )يوماهبم ميكر الرمحن( إشارة إىل قوله تعاىل: ُّ زن من ٰى ريَّ)3(. نالحظ أّن الّشاعر يستعمل اجلناس بني الكلمتني )فهان دمي( و )فها ندمي(، يْقُصُد ابألوىل: ّ ب، وابلثّانية: يتحّسُر ويندم على فراق حمبوبته. اإلهانة اليت ورّثته كلمات احل اثنيا: احلديث الّشريف. 1- عبد الّصمد عبد هللا، الشعر العريب، ص: 416. 2- سورة العنكبوت، اآلية: 57. 3 - سورة األنفال، اآلية 30. 54 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh عكف الّشعراء على احلديث الشريف ينهلون منه مادهتم التناصية كما عكفوا على الّنصوص القرآنّية، وقد امتاح الشعراء األفارقة من هذا املعني، وتفاعلوا مع اآلاثر النّبويّة؛ وذلك لقدسيته، والرتباطه ابلّروح الدييّن اإلسالميّ ، فهو الثّاين من أصول الّتشريع اإلسالمّي بعد القرآن. ومل ختتلف طريقة تفاعلهم مع أقوال النيّب صّلى هللا عليه وسّ لم عن القرآن الكرمي، فإّما أن يبقى ّ ص املهاجر والغائب على هيئته اليت هو عليها قبل انتقاله لفظا ومعىن، أو حيدث له تغيري يف الّلفظ دون الّن املعىن. يقول الشيخ حمّمد اهلادي بن شيث توري)1( ملا طعن يف السّن واشتعل رأسه شيبا: ض ا ع الش ب ا ب ب ال عل م و ال ع م ل و شا ب رأ سي شيب ال ذّل وال ج ل فامل د ل و ن إ ىل م و ال ه ـ م وص لـوا قـ ب ل ا مل ش ي ب ف نال وا أ ف ضـل الّنح ل. نـ ف سي ال فد ا ء لم م ن ق ا د ة زه دوا يف دا ر خل د هم فضـال ع ن ال ط ل ل. فالّشيخ يرّدد صدى من قول املصطفى صّلى هللا عليه وسّلم: )) م ن خا ف أ د ل ومن أدل بلغ امل ن ز ل أال إّن سل ع ة للا غالية أ ال إّن سل ع ة للا ه ي الّنة(()2(. ففي النّص الّشعرّي جند الّتناص ملفوظا بعبارة ) املدجلون( ويف احلديث )أدجل( وجند امللفوظ ) وصلوا( ويف احلديث ) بلغ املنزل( وهو تناّص ابللفظ واملعىن معا. ومثله قول حمّمد سنوسي يف مراعاة حّق اجلار: و أذ ى ال ا ر ابـ ت ع د ع ن ه و إ ن هو آ ذ ا ك فـ قا ب ل ابحتما ل)3(. 1 - هو شاعر ماّل، الشيخ حمّمد اهلادي بن أمحد بن شيث توري عاش )1894-1979م( 2 - حمّمد بن عيسى) ت 256 هــ(، جامع الّّتمذي، أبو هريرة الّدوسّي، رقم احلديث 2450. 3- عبد الّصمد عبد هللا، الّشعر العريب، ص: 418. 55 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وهو تناّص ابللفظ واملعىن مع قول الّرسول عليه الّصالة والّسالم: )) م ن كا ن ي ـ ؤ م ن اب لل والي ـ و م اآل خ ر ف ال ي ـ ؤ ذ جا ر ه (()1(. ومن أمثلة التناص ابللفظ واملعىن، قول الّشاعر أمحد حيدرا متحّسرا على فراق الّشاي إذ يقول: فـ ل ما ر ش ف ت الكأ س منها ت فتّـ ق ت يـ ن ا ب ـ ع ش ع ـ ر م ن ط وي ل ه وا م ع َ ف قا لوا أ ع نا ابلد ل يـ ل ف إ نّــنا ت ظّل لنـا م نها ال سيو ف القواط ع َ ك شا ف ع فـ ق ل ت ل م ي ك ف ي ل ن ا ك ل م س ك ر حــ رام ف م ف هـو م ل أ ل ي س ب ب ـ ي ت للا ي شـر ب دائم ا كما قالـه احلّجاج وللا مانع)2( فاجلملة ) ك ل م س ك ر ح رام( مهاجرة من قول النيّب صّلى هللا عليه وسلّم: )) ك ل م س ك ر ح را م، إ ن على للا ع ه دا مل ن ش ر ب امل س ك ر أ ن ي س قيه من طين ة ال ب ال ي وم ال قيا م ة (()3(. ُ دها عند أمساء بنت الشيخ عثمان بن فوديو يف راثء ولكّن الّتناص ابلفكرة أو املعىن دون الّلفظ جن صديقتها: و إ ن حل كـم للا را ض و إ ّّنا أ را ع ي ب ا ق د قـ ل ت حق ا أل خ ّوة و ل يـ ن ه عـ ن ه ذ الن ب وإ ّنّ ا ن ى ع ن ص را خا ت ب ه وآ ه ة)4(. ففي البيت األّول جند الّشاع رة تستوحي فكرة الّرضى ابلقضاء والقدر يف احلديث الّطويل الذي جاء به جربيل عليه الّسالم، ". . . وتـ ؤ م ن ابلق د ر خ ي ه وشّ ره")5(. 1 - حمّمد بن امساعيل البخاري، اجلامع الّصحيح، كتاب األدب، ابب من كان يؤمن ابهلل واليوم اآلخر، حديث: 5672. 2- حمّمد األمني جايب، ديوانه، ص: 56. 3 - اجلامع الّصحيح عن أيب موسى األشعرّي، كتاب األشربة ابب آداب الّشرب، حديث4096. 4- د/عبد الّصمد عبد هللا، الّشعر العريب، ص: 419. 5 - مسلم بن احلجاج ) ت261( صحيح مسلم، ج1، ص 156، عن أيب هريرة، رقم احلديث 12. 56 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وتستلذ شاعرتنا هذ البكاء، فتسكب الدموع لفراق جارهتا، لكّنها يف الوقت نفسه راضية بقضاء هللا وقدره، مشرية إىل قول الرسول ) ن ى ر سو ل للا صّلى للا علي ه و س ل م ع ن الّنيا ح ة، ول ع ن ال نائح ة وامل س ت م عة()1(. ومن الّتناص مع الفكرة قول حمّمد سنوسي: ك ف ع ن أ م ر إ ذ ا ماا شت ـ ب ـ ه ا تـ ن ج م ن خ و ض غ ا را ت ال و اب ل)2( مستوحيا فكرته من قول الّرسول صّلى هللا عليه وسّلم: )د ع ما ي ريب ك إىل ما ال ي ري ب ك()3(. ّ شعراء مع الّنصوص القرآنّية واألحاديث الّنبويّة الّشريفة منتش ر، بني ممتّص للنّص احلريّف و فتفاعل ال احمُليل لفكرة تضّمنته آية قرآنّية أو حديث، وعلى كلٍّ ، فإّن القرآن الكرمي واحلديث مها املنهالن العذابن الّلذان ال ينضبان لشعراء املنطقة، فقد كان الّشعراء علماء الّدين، قبل أن يبكوا على األطالل ويتغّنوا بليلى وسعاد، فلم يكن أحدهم ينظّم الّشعر العريب إاّل بعد مروره على الكتب واملصادر االسالمّية )القرآن الكرمي واحلديث النبوّي الّشريف( كما سبق اإلشارة إىل ذلك يف الّتمهيد. 1 - جامع صحيح مسلم، ج6، ص: 236، عن احلارث األشعرّي، رقم احلديث 926. 2- عبد الّصمد عبد هللا، الّشعر العريب، ص: 419. 3- اجلامع الصحيح، ابب قراءة الفاجر واملنافق، وأْصواهتم وتالوهتم ال جتاوُز خناجرهم، عن أيب موسى األشعري، رقم احلديث: 1324. 57 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث الثان: املصادر الرّتاثّية. املفهوم اللغوي للّّتاث. إّن لفظ )الّّتاث( مشتّق من ماّدة )ورث( فقد جاء يف لسان العرب: "ورث فالن أابه يرثه وراثة ومريااث، وّ رث الّرجل ولده ماال إيرااث حسنا")1(. واملعاجم العربّية القدمية جتعله مرادف )اإلرث( و)املرياث()2(. املفهوم االصطالحّي للّّتاث: الّّتاث يقصد به اآلاثر اليت خّلفتها اجملموعة البشريّة والطبيعّية، مرورا بعصور خمتلفة ذات أزمنة ّ ين، وكّل ما يّتصل ابحلضارة مديدة، فهو يؤّسس هويّة شعب ما ابعتبار املوروث الثّقايّف والّديينّ ، واألديبّ ، والف أو الثّقافة)3(. مل خيتلف شعراء غرب أفريقيا عن غريهم يف تقديسهم للّّتاث، وحماكاهتم له؛ ألنّه يشّكل راف دا مهّما يف إمداد قصائدهم مباّدة ثرّية هلا قيمتها ووزهنا، فحاك وا الّشعر العريب القدمي، ورّدد وا أصداءه، وتفاعل وا مع األمثال العربّية، وحكوا عن الّشخصّيات الّّتاثّية ذات األبعاد الدينّية واألدبّية يف أشعارهم، وسنورد هنا جمموعة ّناذج لّكل نوع خالل األسطر القادمة من البحث. أّوال: الّتناص مع األدب العريّب القدي: كان أتثّر شعراء غرب أفريقيا ابلّشعر العريّب القدمي قوايّ ، ومعروف أن الّشعر العريّب األفريقي متأثّر إىل حّد بعيد بشعر املعّلقات، وقد افتخرو أحياان ابلّشعراء الذين سبقوهم يف قول الّشعر إعجااب هبم، وإعالان لسبق القدم يف قول الّشعر. فهذا أمحد عيان سيه يبنّي لنا منهله)1(: 1 - ابن منظور، لسان العرب، مج6، ص: 424، مادة ) ورث( 2 - املصدر الّسابق، ص: 425. 3 - موسى لعور، الّتناص يف رواية اجلازية والدارويش البن هدوقة، رسالة املاجستري، )اجلزائر: جامعة حمّمد حيدرة بسكرة 2008 -2009م(، ص: 94. 58 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh إ ن ن س ج ال ق ري ض طـ و ع جنا ن و ل سان و كا غـ دي وبن ــ ا ن و خ في ف ال ق ري ض ع ن دي خفي ف وط وي ل ال ق ري ض ط و ع ب ن ـ ان ّ ش ع ر م ن ط ـ ريق ج ريـ ر و مجيــ ل و ع ـ ر و ة و أبـا ن آ خ ذ ال و س ه يـ ل و م ع م ـ ر ويـ زيـ د و أ يب الطّ ي ب وش ع ر األ غ ا نّ )2( وإىل تلك املنابع أشار الّشاعر الشنقيطّي سيدي حمّمد بن الّشيخ سيداي مستذكرا مسامراته مع أترابه)3(: ّ ستّـ ة ال ش عـ را ء نـ ن حو و ن و م ه ل ه ـ ل و م ـ رق ش ـ ني و ن و ال و ش عـ ر األ ع م ي ـ ني إ ذ ا أ ر دن وإ ن ش ئ ن ـ ا ف ش ع ر ا أل ع ش ي ـ ني و ن ذ ه ـ ب ت ر ة أليب ن ـ وا س ون ذ هب ت ر ة ال ب ن احل س ني )4( 1 - خليل الّنحوي، الّشعر العريّب يف غرب أفريقيا، خمطوطة، ص: 6. 2- جرير: هو الّشاعر األموي املعروف، ومجيل: يقصد به مجيل بثينة وهو شاعر أموّي، وعروة هو: عروة بن حزام الّشاعر اجلاهلّي، ومعمر: هو مجيل بن عبد هللا بن معمر، ويزيد: هو الّشاعر يزيد بن معاوية املعروف، انظر: كارل بروكلمان، اتريخ األدب العريب، ترمجة: عبد احلليم الّنجار، دار املعارف، القاهرة، ط5، دون سنة الطّبع، ص 109، 194، 201، .215 3 - خليل النحوي، الشعر العريب يف غرب أفريقيا، ص: 8. 4- مرقشان: مها املرقش األكرب وهو عمرو بن سعد، وقيل غري ذلك، واألصغر وهو: عمرو بن حرملة كالمها عاشا يف اجلاهلية، ويروى أّن األصغر ابن أخي املرقش األكرب، وأشعر من عّمه، راجع: ابن قتيبة، الّشعر والّشعراء، حتقيق: أمحد حمّمد شاكر، دار احلديث القاهرة، دون رقم الطبع، 2003 م، ج1، ص 205-209، وكارك بروكلمان، اتريخ األدب العريب، ص: 102. www. وذهب بعض الباحثني إىل أن املرقشني شاعر واحد، انظر األدب العريب منتدايت ستارت اتمي startimes. com|?t=14080858. أّما األعميني: فهما األعشيني: ميمون بن قيس بن جندل، شاعر جاهلي، لقب ابألعشى لعمي بصره، ويكىن األعشى األكرب، لعّل األصغر األعشى بن ربيعة بن ذهل بن شيبان، راجع: ابن قتيبة، الشعر والشعراء، ج2، ص 250. 59 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فالّتفاعل والّتأثّر ملحوظ يدركه كّل متذّوق متمّيز يف أشعارهم سواء أقّروا هبا أو مل يقّروا، تفاعل وا مع نصوص خمتلف العصور األدبّية من اجلاهلّية وحّت العصر احلديث. ّنوذج الّتناّص مع الّشعر الاهلي: يتناص الّشاعر داود تراوري يف راثئه، مع قصيدة لبيد بن ربيعة، قائال: ّ ن امل ن ا اي ال ت ط يـ ش س ه ا مـ ه ا ف إ ن ل ي ك ن دينا ففي ح ا ض ر الي ـ و م إ ع ل ي ه ب كى ك ت ب ا أل صو ل وأ ه ل ه ا له ش هد األ ع داء ابلّسب ق وال ز م)1( فشطر البيت االول مأخوذة من معلقة لبيد بن ربيعة املشهورة: ّ د اي ر م ل ها ف م قا مـ ها ب ـ ىن ت بـ د غ ولا ف ر جا م ها ع ف ت ال صا د ف ن م ن ها غّر ة ف أ ص ب ـ ن ـ ها إ ن امل ن ا اي ال ت طي ش س ه ا مها)2(. وهذ الّشاعر الغييّن عبد الرمحن ابه يف نونّيته ميتاح من معاين وأساليب اجلاهليني يف مدح صديقه فودي املرساسي؛ إذ يقدم مقدمة طللية فيقول: أ ي ـا س لم ـ ى إّ ال م ت قا ط عيـ ّن وأ ّي للا حب ـ ك ق ـ د ب ـ را ن و طا لت يب ليا ل وا ع ت ـ رت ـ ّن مه و م هي ج ت ل م ـ ا أ عان ـ ي دعي هذا التدّلل تعف عنّـي وإن أزمعت صرمي وامتهان)3( وهو هنا يتناّص مع امرئ القيس بن حجر الكندي: )4( أ ف ا ط م م ه ال بـ ع د ه ـ ذ ا ال ت ـ د ل ل وإ ن ك ن ت ق د أ ز م ع ت ص ر م ي ف أ مج لي. 1- داود تراوري، ديوانه، خمطوطة، 2008م، ص: 11. 2- لبيد بن ربيعة، ديوان شعر، محدو طماس، ط1، )بريوت: دار املعرفة، لبنان، 2004م( ص: 107. 3- ابه احلاج عبد الرمحن، بنات أفكاري، خمطوطة، يف مكتبة الّشاعر يف مال، ص: 37. 4- امرؤ القيس، ديوانه، ط2، عبد الّرمحن املصطاوّي، )لبنان: دار املعرفة، بريوت- 2004م( ص 33. 60 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh كما استلهم الّشاعر المني داينغ أفكاره من الّنابغة الذبّياين يف القصيدة البدريّة، حينما تغّزل اببنة عّمه، وذكر أهّنا مجيلة تفوق أتراهبا قائال: ت ض ي ئ ظال م الّ لي ل ع ني ف سي ح ـة ف ش ل ـ ت م ص ا ب ي ح البـ ي و ت ا مل ن ـ ية ل ق د ك ن ت م ش ت اقا ل د را ك ض و ئ ها ولك ن ك س ت ح ّظي ش كو ك ك ث ي ة وأ خ رب ن ابحلـّق )ميغا( سأ ل ت ـ ه عن الّضوء قال الّضوء عني عزيز ة. إىل حيث يقول: م ضي ئ ـ ة أ سن ا ن ك أ ن بـ ي ا ض ـها م ن الثـ ل ج ض ر ب والض ف و ر ك ث ي ف ة خـ د ي ة ب د ر وال ب ن ـ ا ت ب نبها ن ـو م إ ذ ا م ا اب ن فيـ ها ض ئ يـل ة و صا حب ة األ خ ال ق كان ت ب عي د ة ع ن ال عا ر ك ل البـ عد فهـي ال ع في ف ة ّ ن ع ق ل خب يـرة ق ت ي ل ة ط ر ف و هي – ح قا- ر شيقة ولكنّـها يف ال ف ـ و ل و كا ن ت األق دا ر ف ين ا ن ديـ رها لا ء ت إ لي ن ا ك ل يـ و م خ د ي ـــة إ ذا غ ـا د رت )دير املالك( لنزه ة متي س ب طـ وات وكـلٌّ سكينـة ول ي س ل ـ ا ع ذ ر ل ت م شي ب س ر ع ة ول كّنه اب ل و ن مت شـي األ ميـ ر ة )1( فالّشاعر يتأثّر مبجوعة من القصائد بعضها يف العصر اجلاهليّ ، وبعضها يف العصر األموي؛ ففي البيت األّول أتثّر واضح بقصيدة أيب نواس يف وصف اخلمر: د ع ع ن ك ل و مي ف إ ن الّ ل و م إ غرا ء ودا و ن اب لّ يت كا ن ت ه ي الدّ ا ء )2( ق ا م ـ ت ب ب ري قها والّل ي ل م ع ت ك ر ف ال ح م ن و ج ه ه ا يف الب ـ ي ت أل الء )3( أو قوله: 1- حممد الطّاهر، أشتات، ص: 7. 2- اإلغراء: اإليالع ابلّشيئ واحلّض عليه، فهو يعاتب الذي ينهى عن شرب اخلمر، ويقول إّن لومك ل يدفعين إىل شرهبا. 3- أبو نواس، ديوانه، )دار صادر بريوت، بدون رقم الطّبع أو اتريخ الطّبع( ص: 7. 61 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تـ غ ش ى ع ي و ن ن دام ا ها ب لال ء)2( ل ش ر ب صا في ة م ن خ د ر خا ب ي ة1( ويف البيت اخلامس يقتبس الّشاعر من شعر الّنابغة الّذبياين يف العصر اجلاهليّ : و إ ّنك مش س واملل و ك ك و ا ك ب إ ذ ا ب د ت ل يـ ب د منهّن ك وك ب )3( ّ شاعر استطاع أن يصّور املعىن وجيعله جاهزا يف على الّرغم من بساطة الّّتاكيب وسهولتها إاّل أّن ال عبارات رقيقة جتعلنا نلهث وراءه، خاّصة وهو يعرّب عن حياء خدجية ورصانة عقلها أبسلوب بديع من أتكيد املدح مبا يشبه الّذّم يف البيت الّسادس. ويالحقنا الّشاعر يف البيت الثّامن بوصف رّائع خلدجية: إ ذ ا غ ا د ر ت ) دير ا مل ال ك( ل ن ز ه ة مت ي س ب طوات وكّل س كين ة )4(. وهنا يصف مشي املرأة ابألوصاف الّتقليدية القدمية )منها الّسكينة والوقار( اليت اشتهرت عند الشعراء القدامى، وهو هنا يف تناّص واضح مع الّشاعر األعشى قيس: غ راء فـ رعا ء ، م ص قو ل عـ وا ر ضها مت شي ال وي ن ا ك م ا مي شي ال و جي ال و ح ل)5(. ومل يتمالك الّشاعر الغايّن مادوغو هارون الّرشيد يف هنائه الفيضة اإلبراهيمّية1 ويتغّزل هبذه الطّريقة، ويصّور حّبه هلا حبّب رجل شديد الولع بلقاء حمبوبته، على عادة شعراء غرب أفريقيا لإلضفاء على الفنون الّشعريّة القدمية فنوان جديدا، يقول: 1- اخلابية مجع خواب وخوابئ: اجلرّة الّضخمة، وبنت اخلابية كناية عن اخلمر. انظر، كارل بروكلمان، اتريخ األدب، ص: .166 2- أبو نواس، ديوانه، ص: 18. 3- النّابغة الّذبياين، ديوانه، )دار صادر بريوت( بدون رقم الطّبع واترخيه، ص: 46. 4- حممد الطاهر ميغا، أشتات، ص: 6. 5- أعشى قيس، ديوانه، )بريوت: دار صادر بدون اتريخ( ص: 58. 62 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ع ج ن و أ ج زا ع األ ح ب ة مـ ن مـ د وا ش ر ب مش ن ا أل م شا ج ما ء األ ج ودش و أف ض ال د مو ع ع ل ى م راب ع ه م ب ا وانـ فس الص د ور من الغ مو م األ س و د ق ف ع ن د ها س ائ ال با فعسى تـ رد س و داء أ و ب ي ضاء ت ش ف ى من صـ د وإذا م ر ر ت ب ر ث احل ّي ح يّ هـ م وانـ ث ـر فـ ر ا ئـ د لؤلؤ وزبرجـد)2(. ففي البيت الرّابع نلمح تناّصا ملموسا مع الّشاعر العبسي عنّتة بن شداد يف قوله: حييت من طلل تقادم عهده أقـوى وأقفر بعد أّم اليثم)3(. وينهل شاعران حمّمد األمني جايب من نفس املعني يف قصيدة )اجلزيرة اجملهولة( أأمّر يف صمت، وأمضي هادائ متهّمـشا، وجال عدي الّشان. أأمّر دون توقّـ ف أبكي على طلل تقـادم عهـده بزمـان. من غي دم ع هاطـل أسقي به ذكرى طـواها عال الّنسيان)4( 1 - الفيضة: من العقائد الصوفية األكثر انشارا عن الشيخ إبراهيم أنياس الكولخي. 2- كبا عمرن، الّشعر العريّب، ص: 137. 3- عنّتة بن شداد، ديوانه، )دار صادر بريوت( ص: 67. 4- حمّمد األمني جايب، ديوانه، خمطوطة، ص: 29. 63 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّنوذج الّتناص مع شعر الصدر االسالميّ . كان أتثّر الشعراء بشعر صدر االسالم أكثر من غريهم، ولعّل ذلك يرجع إىل الّروح الدين االسالمّي الذي بني الفّتتني، واليت سادت يف منطقة غرب إفريقيا، بل والدافع األساسي لقرض الشعر، فجاءت معظم قصائدهم منطلقة من رؤية دينّية، وحمكومة ابملعاين اإلسالمية الّسامية، متأسني يف مدحهم للرسول صلى هللا عليه وسّلم أبمثال كعب بن زهري، وببشامة بن حزن الّنهشلّي يف الفخر وغريمها. يقول الشاعر الّنيجريي عبد هللا موسى دظو يف وصف إحدى املعارك)1(: مشوا ع ران ينهم أب طا ل يف و ج ه لـ ك ف ـا ر ، ه ا ما ت م ل ل قط ف اي ن عـة زول وا ج ه التـ ه م ذ ب ـوا جبا ن ـ تـ ه ـم ب ئ س ت ه زمية نـ ف س الّشا ب ق ائمة. يّتضح الّتناص مع قصيدة كعب بن زهري يف مدح الرسول صّلى هللا عليه وسّلم ابلبسالة والّشجاعة، والثّبات يف ميدان املعركة. وللّشاعر احلاج إبراهيم أنياس قصيدة طويلة يتناّص يف أعجازها مع قصيدة كعب بن زهري يقول: ب ر ي رام ة قل ـب اليـ و م م ت ـب ـو ل م ت يم إ ث ر ها ل ي ـ فـ د م كب ـو ل تـ رنو ب فات ن جفن لـيس ي ش ب هه إ الّ أغ ض غ ضيض الّطرف م ك حو ل ت ري ك قام ة غ صـن البا ن م ا ئ سـ ة ال ي شت ك ي ق ص ر منها وال طو ل ّ ب ل و ص دق ت ي ش في مضا ج ع ها شـمّ وتـ ق ب ي ل ّ ش ف اء ل دا ء ا حل ه ي ال ت فرّت ع ن ب ـ ر د عـ ذ ب م ا ج ت ـه كأنّه منهل ابلّراح مع لـو ل )2(. وينبع الّشاعر الّسنغال خمتار سي من نفس املعني، عندما تغزل اببنة عّمه خدجية ووصف بياض أسناهنا قائال: 1- كبا عمران، الّشعر العريب، ص: 48. 2- حمّمد األمني جايب، دي وانه، ص: 37. 64 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فلـو أّن الطيـور ت عـي صّبا جناحا ك ي يـزور العاشقات. لزرتك اي حبيبـة ك ل صبـح مع الّسرب الطّيـور الغادايت. إذابتسمـت تلّـت ابهرات ضياء كالبـروق الوامضـات إذا نطقـت ت نسـي سامعيها صدى و رق الّرايض الّصادحات سقتّن من كؤوس احلّب حّّت سكـر ت فال أ ابل الّساقيات خدية قد مسكت زمام قلب با لك من خصـا ل غاليـات)1( ويظهر صدى أشعار العصر االسالمّي ومعانيها يف شعر الّشاعر خمتار سي، ففي البيت األّول: أتثّر واضح لشعر جمنون ليلى: بكي ت على سرب القطا إذ مررن يب فقلت ومثلي ابلبكـاء جديـ ر أسـرب القطا هل من يعرن جناحه لعّلي إلـى مـن قد هويت أطي وأي قطـاة ل ت عـرن جناحـها فعاشـت بض ي والناح كسي)2(. ويف صدر البيت الثّالث يقتبس من شاعر الربدة كعب بن زهري: تلو عوارض ذي ظلم إذابتسمت كأنّــه منهــل ابلّراح معلول. 1- حممد الطّاهر ميغا، أشتات، ص: 6. 2- قيس بن املّوح ) جمنون ليلى ( ديوان شعره، ص65. 65 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّنوذج الّتناص مع شعر عصر األموي. يتناّص الشاعر أمحد بللو يف راثءه مع ابن الّرومي يف قوله: عني جودي بعربة وصبيـ ب واسكب الّدمع بعد ب عد احلبيب. واذريف أدمع الفون انسكااب وامهلي واهطلي وسّحي وصّويب. عّل بذل الّدموع يشفي غراما مسكّنا وفرط وجـد مذيب)1(. فكّل ما أذرف من الّدموع من فقد هذ احلبيب، ال يُعيده للحياة مرّة أخرى سوى أنه خيّفف من ذلك الكمد املتلّهب يف قلب الّشاعر، كحال ابن الّرومي يف راثء ابنه: بكاؤكما يشفي وإن كان ال يدي فجودا فقد أ ودى نظيكما عندي)2(. ّنوذج الّتناص مع شعر العصر العباسيّ . مل أيل الّشعراء بغرب أفريقيا جهدا يف حماكاهتم لشعر العصر الّذهيب لألدب العريب، فقد خاضوا غمارها وهنل وا من معني رّوادها، كاملتنيّب ، والبحّتي، وأيب متام وغريهم. يقول الّشاعر النيجريي مجيل حمّمد سادس مادحا يف القصيدة ) صرفان الّدهر(: يدنو إىل الّطالب وهو مديرهم عجــبا لعا ل ابلّدنّو موّس م )3(. ميدح الّشاعر مدير مؤّسسة ابلّتواضع وحسن اخللق، ال يرى نفسه أعلى مكانة من طالّبه، ألنّه يرى القيادة مسؤولّية أمام هللا عّز وجلّ ، وهو يف ذلك مقتبس الفكرة من قول البحّتي: 1- أمحد بللو، ديوانه، ص: 41. 2- ابن الّرومي، ديوانه، ط3، أبو احلسن علي بن العباس بن جريح، حتقيق: حسني نّصار، )القاهرة: دار الكتب والواثئق القومّية 2003م( ج1، ص: 436. 3- أبوبكر كبري أمني، التّناّص يف الّشعر النيجريي، قصائد مجيل حمّمد سادس ّنوذجا، )نيجرياي: جامعة أمحد بللو، 2013م( ص: 7. 66 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh دان على أيدي العفاة وشاسع عن كّل ند يف الورى وضريب. كالبدر أفرط يف العلّو وضوؤه للعصبة الّسارين جّد قري ب)1(. ومضى الّشاعر قدما يف مدحه مقتبسا يف مدحه من أيب متام أيضا يف قوله: يـ ق سو ل ي زدجروا ومن ي ك حازم ا ف لي ـ ق س أحيان على من ي رح م)2(. فالفكرة مقتبسة من أيب متام: فقسا ليزدجوا ومن يك حازما فليقس أحيان على من ي رح م )3(. وقد حنى شيخ عّباس صل الّتجاين منحى أيب نواس يف الّثورة على املقّدمات الغزلّية عندما توّسل لشفاء حليلته قائال: أال خـّل الّتغـّزل والّتصابـي وداو الـّداء ابلقلب امل صاب. وعـّد عـن املعاهـد خاليا ت عن السـكان يف طلل يباب. وغّض الطّرف عن سلمى وسعدى وعن هند وجارتا الّرابب)4(. ففضال عن كون الّشاعر يشّق طريقه حنو الّثورة الّنواسّية الّتجديدية على املقّدمة الطللية إذ به يتناّص يف البيت األّول مع شعر أيب نواس: دع عنك لومي فإّن الّلوم إغراء ودون ابليت كانت هي الّداء)5(. ويقول حمّمد اهلادي)6( ملا اشتعل رأسه شيب ا : 1- الوليد بن عبيد البحّتي، ديوانه، )بريوت: دار صادر بدون اتريخ( ص: 190. 2- أبوبكر أمني، املصدر السابق، ديوانه، ص: 4. 3- أبومتام، حبيب بن أوس ديوانه، )بريوت: دار صادر بدون اتريخ( ص: 122. 4- كبا عمران، الّشعر العريب، ج1، ص: 302. 5- أبو نواس، ديوانه، )بريوت: دار صادر، دون اتريخ( ص: 132. 6- هو الشيخ حممد اهلادي بن شيت توري شاعر سنغاّل، عاش ) 1894م – 1979( 67 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ضاع الّشباب بال علم وال عم ل وشاب رأسي شيب الّذّل والجل فليتّـعظ يب غيي إّنّن رجـ ل غـّرته دنياه أو نفس على فشـ ل اي ليتّن اليوم ماقلب بحتجـب أو ليتّن اليوم ما رأسي بشتعــ ل)1( فهو يبكي على ضياع وقته يف مامل جيد نفعا، ويتحّسر على تلك املرحلة الّشبابّية الغّضة، والّت وّلت ومرت كمّر السحاب، ويتمىّن أهّنا تعود مرّة أخرى، ويرسل رسالته إىل كّل مغّّت بدنياه من الّشباب، وهو يف ذلك يستحضر نصوصا من أشعار أيب العتاهية حني يقول: بكي ت على الّشباب بدمـع عيّن فلم ي غن الب كـاء وال الّنحي ب. فيا أ سفا أس ف ت علــى شباب نعاه الّش ي ب والّرأ س الضي ب . عري ت من الّشباب وكنت غّضا كما يعرى من الورق القضي ب أال ليـت الّشباب يعود يوما فأخربه با فعل املشيــ ب )2(. اثني ا : التناص مع الشخصّيات الرّتاثّية. مل يقتصر الّشعراء على القرآن الكرمي واحلديث، يف احملاكاة واالستفادة، بل أدخلوا الّشخصّيات الّّتاثّية يف أشعارهم، فتفاعل وا مع هذه الّشخصّيات – سلبا و إجيااب- يف إبداعاهتم)3( وهي إّما شخصّيات ٍّين أو أديبّ : ذات بُعٍد دي ّ ين. ّنوذج الّتناص مع الّشخصيات الّتاثية ذات بعد دي يقول الّشاعر املاّل عمر تراوري يف قصيدة الّدليل الّدامغ لقول الزّائغ يتناّص فيه مع قّصة موسى عليه الّسالم: 1- كبا عمران، الشّ عر العريب، ص: 75. 2- أبو العتاهية، امساعيل بن القاسم، ديوانه، )بريوت: دار صادر، دون اتريخ( ص: 47. 3 - أي: أّن املبدع قد يستدعي الّشخصّية ألجل أتكيد الواقع اخلارجي أو نفيه، فتكون الّشخصّية الّنموذج األمسى حُييل املبدع املتلقني إليه. 68 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وآّي امل ثان كاشفـات الغياهب دالئلـها كالّساطعـات الّشـوارق ّ ل فاس ق )1( ّ ل مفّن د ف ص ر ن عصا موسى على ك قضـني علـى أوهام ك فالّشاعر يف تناص واضح مع قّصة نيّب هللا موسى مع فرعون حني أفحم األخري، بعصا تعجيزيّ ة، وبرهان دامغ، فاألدلة والرباهني يف إثبات احلّق تشبه هذه العصا. ّ شاعر خلق الّتعصب، وذّمه من خالل تناّص مع قّصة نيب هللا نوح عليه الّسالم وقد استهجن ال وابنه، حني وقع القدر فكان من الغارقني، نتيجة تعّصبه وعدم إميانه: أال إّّنا كّل الّتعّصب ابطــ ل تعّصب لدين احلقّ ، الغي شاغفا .)2( َ فهذ اب ن نوح هل نا بعدما غوى وفضّ ل شيطان، وصار خمالفا ويطالعنا الّشاعر الّنيجريي عيسى أليب، بقصيدته: )فلسطني تناديكم( يشيد فيها مبجد الفلسطنيني ودفاعهم عن الوطن، فهم يف رميهم لألحجار يشبهون اجلنود البواسل الذين حاربوا مع داود عليه الّسالم لقتال جالوت، أبسلوب تناصّي رائع حيث يقول: رماة ا حل جـا رة ال ت ضعفـوا ُييف الّشياطني قذف احل ج ر ّ ر ّ ر وفـ أأتبـاع داود فـي رميـه بـقالتـه يوم كـ ثالثة أحجـار صبيانــكم ستجعــل )جالوتم( يندحر أبيدوا اليهــود بميانـكم كما أهلكو الّرسل فيما غ رب )3( ولنستمع إىل أنني الشيخ يعقوب بن ابجنو دوكو ري متحّسرا لبعده وفراقه عن الوطن مقاران حسرته، وشّدة شوقه إىل الوطن بنيّب هللا يوسف عليه الّسالم: 1- عمر تراوري، ديوانه، خمطوطة، ص: 2. 2- أمحد بول، ديوانه، خمطوطة، ص: 7. 3- كبا عمران، الّشعر العريّب، ج2 ص: 50. 69 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ثـ ن ا ئ ــي وا ش تيا قي ل لمدينة كحا ل ي وس ف يـوم الوصـا ل )1( ويقول الّشاعر عيسى أليب: وق د هاج ر الفاروق جهرا م ناد اي أيـــا قوم إّن عاقــ د ل رحال به صار مرهوب الوانب ديننا ودانـت له فـر س، أسو د رجال)2(. مشريا إىل هجرة الّصحايّب اجلليل عمر بن اخلطّاب علنا من مكة إىل املدينة، وهذ يُعيد هلذا الّدين اجلديد الذي مل يزل يف مهد صباه قّوة وإجال ال . ّنوذج الّتناص مع الّشخصّيات ذات بعد أديب. ومن املصادر الّّتاثّية للّشعراء الّشخصّيات األدبّية، وكان طرائقهم يف الّتناّص مع الشخصّية إّما أن يعمدوا إىل ذكر الّشاعر )امسه أو لقبه( أو ذكر شيء من مالبسات تتعّلق ابلّشخصّية، كذكر حمبوبته، أو قوال مشهورا ينسب إليه. ومن أمثلة الّنوع األّول حني حُيضر الّشاعر اسم الّشاعر أو لقبه ما يقوله الّشاعر المني داينغ حماولة منه لتربير حّبه البنة عّمه: تـ غ ـــ ىن ق بل ك و ن م ن ت غّنوا ل ظ بيا ت ح ســان فاتنا ت أ ذ اق ت قل ب ع نرتة ما أ ذ اقـ ت ع بيلة يف ال ق رو ن الّسابقـا ت ب ثــينة ألم ت قـ ب ل ي مج يـال سواح ر م ن قصائ د خالدا ت فهـــذي سّنة ثبت ت قدمي ا ست بقى كال با ل الّراسيا ت )3(. 1 - املصدر السابق، ص: 87. 2- كبا عمران، املصدر الّسابق ج2 ص: 56. 3- حمّمد الطاّهر ميغا، أشتات، ص: 7. 70 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فالّشاعر حياول تربير ما حّل به من ويالت ومصائب، قائال: أنّه مل يكن أّول من يتغّزل أو يسقط ضحّية يف شراك احلب إطالقا ، واحلّب واالضطهاد يف سبيله سّنة قدمي ة ، وستبقى مقّدسة مّتبعة، فلم يرحم الكبري، وال يشفق أبدا على الكبري، كما قال جرير: ل وال احل ياء لعادن استعبار ول ز رت قربك واحلبيب ي زا ر )1(. ومنه أيضا ما افتخربه الّشاعر املاّل عمر تراوري يف قصيدة )أان الذي أركب األشعار مرجتال( بشاعريّته، وأنّه شاع ر فحل : ال تـ ع ج بوا شاع ر الك ونني منغم س يف بـر فاطمة الّزهراء م ل ت ـ ح ـ م أن ال ذ ي أ رك ب األ ش عار مر تـ ال يف كـّل بـر وابألوزان ألتــز م أن على امل تنبّــى رائـ د األدب ال أرتضـى زعنق ا وال ك ّل قد عل موا قد سار ذكري مجيال مشرق الّدول والغرب قد سار فيه اختارن األ م م)2(. ومل يلبث الّشاعر مفتخرا حّّت تناّص يف البيت الرّابع، مع بيت املتنيّب الشهري: أن الذي نظر األعمــى إىل أديب وأسعت كلمايت مــن به صم م )3(. ّ شاعر: حمّمد األمني جايب)4( ومن ّناذج الّنوع الثّاين حني حُيضر الّشاعر مالزم الّشخصّية ما قاله ال يف قصيدة ) اجلزيرة اجملهولة(: أ أ مّر يف ص م ت وأمضي هادائ م تهّمـشا، وجال عدي الّشا ن 1- جرير بن عطية، ديوانه، )دار صادر – بريوت( ص: 113. 2- عمر توري، ديوانه، ص: 89. 3- أبو الّطب أمحد بن احُلسني، املتنيب، ديوانه، )القاهرة: شركة القدس للّنشر والّتوزيع، دون اتريخ( ص: 362. 4 - هو حممد األمني بن الشيخ حممد كاسو جايب بن الشيخ أمحد زروق حممد األمني جايب، شاعر غييّن، حماضر سابق ابجلامعة االسالمّية ابلنيجر، له ديوان شعر خمطوط، وله كتاب منشور ) أمساء هللا وصفاته احلسىن( ألّفه سنة 2002م وله رواية منشورة، ) فانتا( تويف الّشاعر 2016م. 71 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh أأمّر دون توّق ف أبكي علـى طـل ل تقادم عهـده بزمـا ن . من غي دمع هاط ل أسقي به ذكر ى طـواها عال الّنسيان)1(. حياول شاعران مشاركة أسالفه الّشعراء الذين وقفوا فأوقفوا، وفاضوا أهنارا على األطالل، دون أن جتيب األطالل وال ساكن وها. وحيشد الّشاعر جمموعة من الشخصّيات الّّتاثّية يف قصيدته )مآثر ومفاخر( حماولة بيان ماوصل إليه الثقافة العربّية الإلسالمّية، واليت تظمها عام 1997م: عجبا أل حدا ث ال زم ـ ا ن ف إنّــها د و ل مع األ حـدا ث ، ب ل تتغ ّي أم م ع لى أ خرى ت سو د وت ر ت ق ـي وحضا ر ة ت فى وأ خـرى ت ظ ه ر قض د طا ل ذ ك ر ك للّشمال و م ا ح وى من عال، والّشر ق دومـا ت ذ ك ر َ ج على إفريقيا الّسوداء يف ا لـ غ ر ب البعيـ د و ر ب ا تـ ت ذ كــ ر ع رّ إىل حيث يقول: وإذا بنو ال سو د ا ن أ ض حـ وا ق مـة يف الع لم، يف ك لّ ال ف ن و ن تـ ب ح روا ّ ل قبيـل ة م نـ ه م، عل ـ ى مّر الّزمـا ن زهـيهم أو عن رت أضحى ل ك فـ ت ـ ن اقـ لوا أ ش ع ـارهـم وتكـاتبـ وا وتـ م ع وا ب ع كا ظ ه م و ت مه روا ابن ت س عـا دهم فقال ز ه يـرهـم فيها كالم احلب ال ي تكــّرروا وه ج ـا جري رهـم، و ف ا خ ر ع م رهم وب ك وا على أطاللم، واست ـ ع رب وا وشـدا بليلى قي س هـم فـي عفّ ـ ة واهتــّز إم ر ؤ قي سه م يتبخ رت وأتـى أبـو متامهـم بقصـائـ د منضودة تس ب القلوب وتـ به ر وتّوهـت خنسا ؤ ه ـم براثئهـا صخرا من الّسـودان ال يتنّك ر 1- حمّمد األمني جايب، ديوانه خمطوط، ص: 18. 72 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تركوا علـى مّر الّزمـان معارفـا كتبـوا با ترُيهم وتذّكروا وتبّحـروا يف الّنحـو حتّـى إنّـه أضحـى لديهم سيبويه أقد ر وسطـ وا على العقد الفري د فلم يـ ع د عقــدا فريدا، بل عقودا ت كثـ ر نسجوا على نسج ابن مالك وارتق وا مرقـى احلريرّي عنه ل يتأّخروا بل زامحـ وا الياقـوت يف بلدانـه فتفّننـوا، وتعّمقوا وتبحروا)1(. اثلثا: الّتناص مع األبعاد الّتارُيّية. رّكز الّنقاد على احلّس الّتارخيي خالل حديثهم على الّّتاث يف الّشعر؛ إذ إّن معرفة الّّتاث تتطّلب احلس الّتارخيي الذي ال غىن عنه ملن يريد أن يبقى شاعرا بعد سّن اخلامسة والعشرين، واجلزء األكرب من إهلام الّشاعر جيب أن أييت من قراءته ومعرفته الّتارخيية)2(. قد أدرك ّشعراء غرب أفريقيا ذلك جّيدا، فوّسعوا دائرة ثقافتهم، ورّووا أفكارهم بقراءة الوقائع واألحداث الغابرة، فنقلوها إلينا يف إبداعاهتهم الّشعريّة، فهذ الشاعر حمّمد االمني جايب، يقول ملّا ُصلي ّ ب: ابحل اي ظبية مت ي س ف ـؤا د ال ي ائ ـ س و ت ل ب البال ب ط ـ ر ف ن عـس. وت س ت مد ب سـها م ـ ن رقّـ ة كم جندلت ابلّصّد م ن مشا ك س وبسها يف احل ر ب أغلى كلفة من حرب غرباء وح ربش داحس)3( فالّشاعر يتناّص مع الواقعة الّتارخيية وهي حرب غرباء وداحس اليت وقعت بني قبيليت عبس وذبيان يف اجلاهلية ودامت ملّدة أربعني سنة)4(. يبكي الّشاعر أبو ذّر أمحد ميغا)1( يف قصيدته " االجّتار" على أحداث الّزمان وما آلت إليه األّمة االسالمّية: 1- حمّمد األمني جايب، ديوانه، ص: 14. 2 - حّصة البادي، الّشعر العريب املعاصر، ص: 44. 3- حمّمد االمني جايب، ديوانه ص: 14. ارهيم، أاّيم العرب يف اجلاهلية، )بريوت: املكتبة العصريّة، صيدا بدون اتريخ( ج1، ص: 34. 4 - حمّمد أبو الفضل إب 73 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh نظـــّل ن كـّر ر الت ا ري خ ح ّّت ن عيــ د حوادث ال د ه ر ال وا ل وأاّي م حــ وا مـل حبلـيـّا ت و ض عــ ن مح ول ّن عل ى الت وا ل فـ عــاد ت خرب ذبيان وعبس إىل أفــريقيا ب ش مال مــا ل ويف الّنيجر تعـود لنا خزازى)2( بيّــام ت طــ ي ب كـّل اب ل وف ـي نيجـياي عاد ت ب سو س ل ت شعل ح ربا وســط األ ها ل ويف أر ض ال ع را ق ت رى خـزازى ث يــ ر أ وا رها شــ ر ال قت ا ل وّس ت ح رب ذي قا ر دمشقا )3( فذاق ت ج رعـة الّداء الع ضـا ل رابعا: التناص مع األمثال. ُعّرف املثل على أنّه"عبارة قصرية تلّخص حداث ماضيا أو جتربة منتهية، وموقف اإلنسان يف هذا احلدث، أو الّتجربة، يف أسلوب غري شخصيّ ، وأنّه تعبري شعيّب أيخذ شكل احلكمة اليت تبىن على جتربة أو خ ربة مشّتكة")4(. ومن هذا املنطلق، قد تفاعل الّشعراء مع األمثال العربّية والّشعبّية، ذلك لُيقّدم وا للمتلقني واجليل القادم خالصة جتربتهم وحكمهم ووصاايهم. أ- ّنوذج الّتناص مع األمثال العربّية. 1 - شاعر مال، طالب ابملرحلة الدراسات العليا ابجلامعة االسالمّية ابلنّيجر، درس الثانويّة يف مدرسة النوريّة االسالمية بكوماسي – غاان، قد نظم هذه القصيدة 2017/06/28م. 2 - ُخزازى اسم مكان، وقعت فيها حرب يف اجلاهلّية، بني قبيلة نزار وقبيلة ابليمن، انظر: ابن األثري، الكامل يف التاريخ، ج2، املكتبة العصريّة، صيدا – بريوت: بدون التاريخ، ص: 121. 3 - املعركة اليت وقعت بني العرب والفرس يف زمن الرسول صلى هللا عليه وسّلم وانتصر فيها العرب على الفرس، انظر: األغاين أليب الفرج األصفهاين، دار اآلفاق للّنشر، بريوت 1975م، بدون رقم الطّبعة، ج24، ص: 75-66 ارسات يف الفولكور، )دار الثّقافة للطّباعة والّنشر، القاهرة- مصر 1972( دط، ص: 311. 4 - أمحد أبوزيد، د 74 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يقول الّشاعر الّسنغال)1( ميدح صّدام: ق د سّنوا كلبهم فاليوم ي ك ل ه م فـ ه ــ ذ ه ع بـ ر ة ل ل ق و م ف ا ع ت رب وا ّ د والميان تـ ن ـت صـ روا)2(. ص ّدام ي ص د م هم قـ ت ال وم غ ت ص ب ا ابلع ز م وا ل وقال أمحد حيدرا معارضا: إن سّنوا كلبهم فدعه يكلهم قد هّزلوا إخوة للّدين ينتص ر )3(. فهذ املثل ))مثّن كلبك يكلك(( يضرب لّلذي حيسن إليه وهو ضعيف حّّت إذا قوي غدر)4(. وقال الّشاعر الّسنغال ذو الّنون يف الغزل: اي ربّة ا حل س ن ب ل اي ج نة الّرا ن فأن ت إ ن سا ن ع ني ك ل إ ن س ا ن ٌّد ك رّ مان و مـ را ن )5( إّن ال نـرى أوصـافا ي قارنا نـ د وق إىل حيث يقول: إ ّ نـي أ ق ـو ل مل ن ي ب غ ـى م كا ت ب ـ يت ذ و الّنو ن ) سل ط ا ن أ ه ل الّشو ق ( ع ن ـ وا ن فال ش و ق ُيفض من ق د ك ا ن ذا ش ر ف عـ دال ويـ رفـ ع هيـان ب ـ ن بـ ي ان)6(. ُّب قد اررته، فإنّه احل مل يكن الّشاعر يعرُف أبّن العشَق يف جوهره سالح ذو حّدين، إاّل بعد ما فتك به وذاق م يرفع من قدر اجملهول الذي ال أصل له، ويزري بصاحب الشرف إىل احلضيض. 1- خليفة إبراهيم سك، شاعر سنغال، درس يف األزهر الّشريف، نظم القصيدة بتاريخ 18-10-1990م. 2- حمّمد الطاهر ميغا، أشتات، ص: 37. 3- املصدر الّسابق، ص 38. 4- أمحد أبو زيد، دراسات، ص 20. 5- حمّمد الطّاهر ميغا، أشتات، ص: 43. 6- املصدر الّسابق، ص: 18. 75 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وقوله: ) هيان بن بيان( مثل عريب يضرب ملن ال يُعرف أصله، يقال: ما هيان هذ؟ أي ما أمره)1(. ويقول الّشاعر أمحد حيدرا يف مدح صّدام حسني حني شّن غارته على الكويت)2(: وداهم القو م يف ع قر لـدار ه م فد ح ر ه م سّنة عسى ويزد جـ ر فمن أطاعك فاتـ ر كـه حلالت ـ ه ومن ع صاك فعاق بـه و ُيت قـ ر صّدا م هّيا وس ل م ن كا ن قبلكمو ابلع ز م وال ّد واالرها ب إ شتهروا دع ه م حلالمو كالّن سر يف ل ف محاية دولة الّن كرا ن حت تضــ ر ال يف الّنفي وال يف العي دولتثهث م الي وم ال فـار س فيها فينت صـ ر ْحُيتقُر لقّلة ُّيب "ال يف العري وال يف الّنفري" ُيضَرُب للّرجل الذي ال يْصُلح ألداء مهّمة، و فاملَثل العر نفعه، وأصل العريِ هو عري قريش اليت اقبلت مع أيب سفيان يف قافلة من الّشام، والّنفرُي من خرج مع ُعتبة بن ربيعة، الستنقاذها من أيدي املسلمني، فكان ما كان ببدرٍ . فكّل من ختّلف عنهم قيل فيه، هذ القول)3(. ب – ّنوذج الّتناص مع األمثال الّشعبّية. يقول المني داينغ يف تبكيت احلكم العنصرّي يف جنوب أفريقيا: لقد صربمت كثيا أيّها األسـد اي ليت )بوت( بسوء الفعل ينتح ر. لك ن كلبا إذا ما جيفة ظهر ت ال ميـلك الّصرب إّن الّريق ينهم ر. إفريقيا جيفة مسمومة قتلـ ت كلب ا ونسرا على القيعان تنتش ر)4(. 1 - إبراهيم مصطفى، املعجم الوسيط، أمحد الّزاّيت، حتقيق جممع اللغة العربّية، ) القاهرة: دار الّنشر، دون سنة الّنشرورقم الطّبعة(، ابب اهلمزة، ص: 1005. 2 - حمّمد الطّاهر ميغا، أشتات من أدب الّشباب اإلفريقي، ص: 39. 3 - أمحد أبو زيد، دراسات يف الفلكور، ص: 118. 4- املصدر الّسابق، ص: 37. 76 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يُعترب عبارة الّشطر األّول من البيت الثّاين )إّن الكلب لن ميلك الرّيق مع اجليفة، فأينما وجد جيفة فالكلب يتبعه( تّناص مع املثل الّشعيب وُيضرب لّلذي يالزم شيئا حلاجته امللّحة فيه. ومل يقتصر الّشاعر على الّتناص يف بيان صورة نيلسون مانديال رئيسا للدولة ومنسفا للّنظام العنصرّي هبذا املثل فحسب، بل مشى قدما ليبنّي وليفّرق بني اجليفة والكلب، فهذه اجليفة مسمومة ولن يعود للحياة كّل من أكل حلمها، وهذ الّنوع من اإلطناب، أسلوب من األساليب البالغّية اليت يطلق عليها )اإليضاح بعد اإلهبام()1(. 1 - فضل حسن عباس، البالغة فنوهنا وأفناهنا، ط4، )األردن: دار الفرقان للّنشر والّتوزيع، إربد، 1997م( ص: 453. 77 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh خالصة الفصل الثّان. لقد ذكرت مقّدمة هذ البحث إشكالّيات أساسّية منها حماولة تفّهم احلقول الّتناصّية اليت ميتاح منها شعراء غرب أفريقيا أثناء العملّيات التناصّية، والّنصوص الّّتاثّية اليت تتمظهر يف أشعارهم، وقد تلّمسنا اإلجاابت خالل مباحث هذ الفصل فتب نّي: 1. أن تتمرّكز احلقول الّتناصّية لشعراء غرب أفريقيا يف الّنصوص الّدينّية املقّدسة )القرآن الكرمي واحلديث( والّنصوص الّّتاثّية من )الّشعر العريب القدمي، والّتاريخ، واألمثال(. 2. كما مّت بيان أساليب الشعراء يف الّتفاعل مع الّنصوص الّدينّية، وهي إّما ابستحضار الّنصّ املتناّص لفظا ومعىن، أو معىن دون لفظ، وابجّتار الكلمة املفردة أو اجلملة كّلها. 3. ومّت توضيح طريقة تفاعل الّشعراء مع الّنصوص الّّتاثّية، كالّشخصّيات ذات األبعاد الدينّية أو األدبية، واألحداث والوقائع التّارخيية، ومع األمثال العربية والشعبّية معا. 78 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الفصل الثالث: التناص وأشكاله، ويشتمل على ثالثة مباحث: المبحث األوّل: التّناص أشكاله وآليّاته المبحث الثّاني: التّناص التّراثي وتقنيّاته في االشعر العربي بغرب أفريقيا. المبحث الثالث: نموذج تحليلي على ضوء نظرية التناص 79 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث األّول: الّتناص أشكاله وآلّياته يف الشعر العريب بغرب افريقيا إّن كتب الّنقد العريّب تفيض بتقسيمات خمتلفة لكّل من األشكال )األّناط( واآللّيات )الّدرجات( والّتقنّيات، واخللط الكبري الذي وقع فيه بعضهم بني مسّمى الّتناص والّتعّلق النّصي، كما جند عند الّناقد حمّمد مفتاح خيلط بني الّتناص والّ تعالق الّنصي أي )وجود عالقة( نصوص مع نّص بكيفّيات خمتلفة، حني ّ ي، وحصر الّتناص يف آلّيات الّتعلق الّنصي، خالف ما يراه حتّدث عن الّتداعي بقسميه الّّتاكمي والّتقابل الّنقاد الغرب الذين سبقوه يف اجملال، والّنقاد العرب الذين جاءوا بعده كمحّمد بنيس وغريهم)1(. ومل يكن اخللط واالختالف يف الّتقسيمات صدفة وال سوء فهم الّنقاد، أبكثر ما كان مثرة للزاوية اليت ينظر من خالهلا كّل انقد للّتناص، هذ من جهة، وجهة األخرى عدم احلصر والتحديد والّتمجة اليت انتاب ّ يب، زد على ما سبق أن مجلة من الكّتاب األوائل الذين تناولوا هذه الظاهرة الّنقدية الوافدة يف أدبنا العر نظريّة الّتناص أو قّدموا هلا وقّدموها للقارئ العريّب مل يُعنوا بتقييم آلّياهتا كما ينبغي، ومل يقّدموها أو يكّلفوا أنفسهم بشرحها وتفسريها للقارئ، بل مّت اخللط بينها أو بّتها، ولعّل القارئ واجد أّن أاّي من الباحثني أولئك مل يقل للقارئ أبّن مثة فرقا بني الّتناص وبني الّتعلق الّنصي وأبّن مثة آليات خاّصة بكّل منها، وهو ما جعل األمر فضفاضا، بال حدود فاصلة، وال آلّيات إجرائّية حمّددة)2(. وسيتّضح لنا خالل هذه الّسطور كّل من األشكال واآللّيات والّتقنيات األهّم منها واألشهر عند األكادمييني. أّوال: أشكال الّتناص وأّناطه. 1. الّتناص الّذايت والغيي: الّتناص الذايت هو أن يستعيد املبدع نصوصه الّسابقة يف نصوصه احلاضرة، فهو ال يستطيع أن يتجاوز أفكاره الّسابقة، وال بّد أن جند صدى إلبداعه الّسابق يف نصوصه الالحقة، أّما 1- حمّمد مقتاح، حتليل اخلطاب الّشعري، ص: 121. 2 - عصام حفظ هللا واصل، الّتناص الّّتاثي يف الّشعر املعاصر، ط1، )األردن: دار غيدان للنشر والّتوزيع 2011م(, ص: .23 80 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الغريي فهو ما جند من استعادة املبدع نصوص املعاصرين له او الّسابقني له)1(. 2. تناّص الّشكل واملضمون: الّتناص املضموين يعين به توظيفَ الكاتبِ أفكارا ومعلومات وثقافات سابقة أو معاصرة، والّتناص الّشكلّي يقصد به استخدام املبدع أو الكاتب أشكاال من الّتعبريات الّسائدة، واجلنوح إىل استخدام مفردات الّسابقني أو املعاصرين وأساليبهم، ويدخل فيه استخدام خواّص فنّية شكلّية سابقة مثل األوزان واإليقاعات)2(. 3. الّتناص من حيث الّزمان واملكان: هو تداخل نصوص الكاتب مع نصوص معاص ريه أو مع نصوص من سبقه زماان أو من أييت بعده، وميكن أن نطلق على هذ الّنوع ابلّتناص املاضي أو املعاصر الالحق)3(. ويتداخل إبداعه أيضا مع إبداعات كّتاب آخرين، يعيشون معه يف جمتمع واحد ويف بيئة واحدة، جيتمع معهم يف ثقافة واحدة، كما اّن نصوص الكاتب قد تدخل يف عالقة تناّص مع أعمال كّتاب أجانب عنه، ال جيتمعون معه يف بيئة واحدة، وال يف جمتمع واحد، والينتمون معه إىل ثقافة واحدة وال لغة الكتابة)4(. 4. الّتناص بسب القصد وعدمه: ينقسم إىل إعتباطّي غري مقصود، وهو تناص- غري واضح- غالبا وهذ الّنوع هو الذي حصر فيه الّنقاد والدارس ون الّتناص، ابعتباره يتسّلل يف كّل إبداع دون وعي من الكاتب، وهذ الّنوع من الّتناص يصعب على املتلّقي استجالء مصادر الّتناص اجلارية عفوا دون قصديّة، ألهّنا حباّجة إىل تراكم ثقايّف وسعة اّطالع للقبض عليها)5(. وهذ الّنوع من الّتناص يطلق عليه ّ ي. أّمالّتناص املقصود أو االختياري والواعي فهو ما الالواعي والّتناص الواعي، أو الّضروري واالختيار ّ ي)6(. يستدعيه الكاتب يف كتاابته عن وعي واختيار هلدف فكر 1 - مفيدة عمر قليوان، الّتناص يف شعر أمل دنقل، ومظفر الثواب، دراسة نقديّة حتليلّية، )رسالة املاجستري(، )ليبيا: جامعة مصرتة، كلّية اآلداب، مصراتة، 2002-2003م( ص: 74. 2 - سليمان كاصد، عامل الّنص، )األردن: دار الكندي، إربد، 2003م( دون رقم الطبع واترخيه، ص: 246. 3 - عبد العزيز ساان، نظريّة التّناص، ص: 192. 4 - املصدر السابق، ص: 193. 5 - رمضان املسعودّي، التناص يف شعر حممد بقلسم، ص: 34. 6 - خليل املوسي، الّتناص يف رواية اجلازية، ص: 81. 81 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh َّ والعام: التناّص اخلاص هو أن يلتقي الّنصوص احلاضرة والّسابقة يف إطار جنس أديّب 5. الّتناص الاص ٍ د، كتداخل نّص شعري مع نّص شعري آخر، وقد يكون الّتداخل بينهما يف حدود موضوع واحد، كأن واح يكون الّنص الّشعرّي اجلديد مدحا واملتناّص الّشعرّي مدح ا . والّتناص العام هو تعالق الّنّص اجلديد مع نصوص أخرى ال تنتمي معه إىل جنس واحد، فقد جند نّصا شعراّي متداخال مع نّص روائّي والعكس، والفرق بينهما هو أّن الّتناص اخلاّص هو: الّنّص الذي يقيم عالقة مع نّص آخر حمّدد على صعيد اجلنس والّنوع والّنمط، والعام هو الذي يقيم عالقة مع نّص آخر خمتلف على صعيد اجلنس والّنوع والّنمط، فقد جند نّصا أدبّيا يتداخل مع نّص دييّن ونّصا روائياّ يتداخل مع نصوص شعريّة)1(. 6. الّتناص املكتوب وغي املكتوب: إّن مفهوم الّنص حسب املنظور السيميائّي والّتناصّي أوسع أن يكون حمصورا على ما هو مكتوب، ومن هذ املنطلق قد يقوم الكاتب ابمتصاص نصوص غري مكتوبة كاألحالم واخلياالت والثّقافات الّشاملة يف اجملتمع، فكثري من اإلبداعات الروائّية احلداثية حتوير لنصوص غري مكتوبة، من الوقائع واألحداث اجلارية يف اجملتمع)2(. 7. الّتناص حسب املادة الّنصّية: هو أّن لكّل نّص حقال فكراّي ينتمي إليه، فهناك نّص ديينّ ، ونّص ّ ي. وعلى هذ األساس ال خيلو املتناص من أن يكون دينّيا؛ فيوصف هذ الّنوع ابلّتناص الّديينّ . او علم يكون املتناّص نّصا أدبّيا فيدعى ابلّتناص األديب، بغّض الّنظر عن نوع الّنص اجلديد، ألّن املعيّن هنا هو َ ّ ص، فإذا وجدان نصوصا دينّيا كثرية يف شعر شوقي مثال قلنا ظاهرة الّتناص الّدييّن يف شعر شوقي. املتنا كما يسوّغ لنا امتصاص شعر ابن عبدون ) 440-529هـ( نصوصا اترخيّية، أن نقول بوجود الّتناّص الّتارخيّي يف شعر ابن عبدون)3(. اثنيا: آلّيات الّتناص يف الّشعر العريّب بغرب أفريقيا. 1 - عبد العزيز ساان، نظريّة التناص، ص: 194. 2 - سعيد يقطني، الّتفاعل الّنصّي والّّتابط الّنصّي، )املغرب: منشورات كلّية اآلداب والعلوم ابلرابط، جامعة حمّمد اخلامس، 2000م( ص: 124. 3 - عبد العزيز ساان، نظرية التناص، ص: 195. 82 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ُ يقصد آبلّيات الّتناص تلك القوانني اإلجرائّية للّتناص )أي درجات الّتناص( وآلّيات توظيف الّنّص الّسابق يف النّص الالحق، وأبيّة طريقة يدرج، وأبّي كيفّية يتّم إدخال الّنّص املستحَضر يف الّنّص املستحِضُ ر)1( فإّن إجراء الّتفاعل بني الّنصوص يتطّلب ابلّضرورة إىل آلّيات خاّصة ال بّد للمبدع منها، وقد وقف بعض الّنقاد العرب وقفة متأنّية عند تلك اآللّيات وحاولوا تقسيمها على وفق رؤاهم اخلاّصة، وقراءهتم الّتطبيقّية للّشعر)2(. يعترب جوليا كريستيفا رائدة نظريّة الّتناص، ومن األوائل الذين أخذوا مببدأ الّتحويل Transposition بوصفه آلّية من اآللّيات الّنقديّة األساسّية اليت يقوم عليها الّتناص، فالّتداخل الواقع بني الّتناص ودراسة املصادر والتأثريات، ال يتعّلق فقط ابستدعاء األصول واملصادر، بل يتجاوز إىل الوقوف عند ّ ي)3( ولعّل هذ ما جعل جوليا عند الكيفّية اليت يشتغل هبا هذه األصول يف الّنّص املركزي عرب عمل حتويل تعريفها للنّ ّص األديب تتجاوز حدود القول: ))إنّه عبارة عن لوحة فسيفسائّية، بل تضيف: إّن كّل نّص هو امتصاص وحتويل وإثبات ونفي لنصوص أخرى(()4( فمّيزت بني ثالثة أشكال من الّنفي. ّ ي، يكون املقطع الّدخيل منفيا كليّ ا، ومعىن الّنّص املرجعّي مقلواب، وتكون بنية الّنّص األّول: الّنفي الكل املرجعي غائبة، والكشف عنها يتوّقف عن حصافة القارئ، وحّدة انتباهه ومعرفته، هذه املعرفة هي أساس ّ ي، ومثال ذلك هذا املقطع الّشعري ألدونيس: أتويل الّنّص وإرجاعه إىل مصدره األصل - ايهلَب الّنار الذي ضّمهُ 1 - رمضان املسعودّي، التناص يف شعر بلقاسم، ص: 35. 2 - حّصة البادي، التناص يف الّشعر العريب احلديث، ص: 105. 3 - عبد القادر بقشى، الّتناص يف اخلطاب النقدي والبالغي، دراسة نظريّة وتطبيقية، )املغرب: أفريقيا الّشرق، اّلدار البيضاء دون اتريخ(، ص: 23. 4 -جوليا كريستيفا، علم الّنّص، ترمجة فريد الزّاهي، )املغرب: دار توببقال للّنشر، بلقدير، الّدار البيضاء، دون اتريخ( ص: .79 83 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh - ال َتُك بْرد ا ، ال تَرْفِرُف سالمْ )1(. فمن الّسهل أّن ندرِِك أّن البيتني ُيشريان إىل اآلية القرآنّية: ُّ مث حج مج جح مح جخ مخ َّ)2(. ّ ي، حيث يظّل املعىن املنطقّي للمقطعني هو نفسه، غري أّن املبدع مُيكن أن مينح من خالل الثّان: الّنفي املتواز ّ ي. االقتباس أو الّتضمني معىن جديدا للنّص املرجع ومثال ذلك يقول الروشفوكو: "إنّه لديل على وهن الّصداقة، عدم االنتباه النطفاء صداقة أصدقائنا")3(. ّ ي، حبْيُث يُبقى على املعىن املنطقّي للنّص ويتقاطع "لوترايمون" مع هذ املقطع، ويقتبس منه املعىن األصل املرجعيّ ، فيقول: "إنّه لدليل على الّصداقة، عدم االنتباه لتنامي صداقة أصدقائنا")4(. الثّالث: الّنفي اجلزئيّ ، حيث يكون واحد فقط من الّنّص املرجعّي منفيا. يقول ابسكال: "حنن نضّيع حياتنا، فقط لو نتحّدث على ذلك")5(. ويقول لوترايمون: "حنن ُنضّيع حياتنا ببهجة، املهّم أالّ نتحّدّث عن ذلك قّط")6( وهكذا فإّن التّناص يّتصل بعمليّات االمتصاص والّتحويل اجلذرّي أو اجلزئّي للعديد من الّنصوص املمتّدة ابلرّفض أو القبول يف نسيج الّنّص األديّب احملّدد)1(. لذا جند املعىن واملضمون واملسّميات آلليّات التّناص وأقسامه واحدا وإن اختلفت األمساء وتعّددت املصطلحات. 1 - أدونيس، اآلاثر الكاملة، )بريوت: دار العودة، لبنان، 1971م(، مج1، ص: 117. 2 - سورة األنبياء، اآلية 69. 3 - جوليا كريستيفا، علم الّنصّ ، ص: 79. 4 - املصدر والّصفحة نفسها. 5 - بوحوش، اللسانّيات وتطبيقاهتا على اخلطاب الّشعرّي، دون رقم الطّبع واترخيه ومكانه. ص: 256، 6 - املصدر والّصفحة نفسها. 84 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh وقد ظهر نّقاد آخرون بعد جوليا، اهتّموا بدراسة الّتناص، وقّدموا يف دراساهتم مقارابت نقديّة ألشكال الّتناص وأنواعه. ))citation(( فالّناقد جريار جينيت مثال يرى أّن الّتناص يتّم عرب آلّيات حمّددة وهي: االقتباس والّس رقة ))plagiat(( واإلحياء allusion(( ومع أنّه جاء بثالث آلّيات فقط )االقتباس/ االستشهاد، الّسرقة، واالحياء(؛ ألنّه يشتغل على آرائه هو فقط، بينما جاء كّل من تيفن سامبول، وتتال أبربع آلّيات ألهّنما اشتغال على آراء الكثري من املفكرين ككريستيفا، وريفاتري وانطوان كمبيانيون وجنيت أيضا، وهذه اآللّيات األربع هي: - االقتباس. - السرقة. - اإلحالة. - واإلحياء)2(. يف حني قّسم الّناقد حمّمد مفتاح آلّيات الّتناص إىل قسمني تبعا للّتداعي بقسميه )الّّتاكمي والّتقابلّي( ومها: الّتمطيط، واإلجياز. أ- التمطيط وهو على سّتة أشكال: 1- األانكرام )اجلناس ابلقلب، وابلّتصحيف، الباركرام )الكلمة احمل ورة(. فالقلب مثل: قول – لوق، وعسل – لسع، والّتصحيف مثل: خنل – حنل وعثرة – عّتة، والزّهر – السهر. . . وأّما اركميا يُثري انتباه القارئ احلصيف، على أّن هذه اآلليّة ظنيّة اوهتا مشتّتة طوال الّنّص مكّونة تكوينا ت الكلمة احمل و رة فقد تكون أص وختمينيّة حتتاج إىل انتباه القارئ أو عمل منه إلجنازها بعكس ما يلي: 1 - عالء الّدين رمضان الّسيد، ظواهر فنّية يف لغة الّشعر، )سوراي: منشورات احّتاد الكّتاب العرب، دمشق، 1966م( ص: .111 2 - عصام حفظ هللا واصل، التناص الّّتاثي يف الّشعر املعاصر، ص: 11. 85 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 2- الّشرح: وهو أساس كّل خطاب، وخاّصة الّشعر، فمثلها أن يقوم الّشاعر بتحوير البيت األّول، مّث يبين عليه مقطوعة القصيدة، أو يستعري قوال مشهورا مّث ميّططه معروفا ليجعله يف األّول أو الوسط أو األخري مثّ ميّططه، ومثاله شطر البيت بيت القصيدة)1(: الّده ر يفج ع ب عد العني ابألثر ف م ا ال ب ك اء ع لى األ شباح والص و ر . فكّل ما تال الّشطر شرح وتوضيح له. 1- االستعارة: أبنواعها املختلفة، املشّرحة، واجملّردة واملطلقة، فتعبري امل ْبدع "بني انب الّلْيث ُ والظّفِر" بدال من "الّدهر مؤذ" يُغنيه، غري أّن األول يؤّدي إىل أن حيتّل الّتعبري االستعارّي َ ال. حّيزا مكانّيا وزمانّيا طوي 2- الّتكرار: وهو على مستوى األصوات والكلمات والّصيغ. 3- الّشكل الدرامي: الّصراع والّتوتر بني عناصر بنية الّتقابل والّتكرار ممّا يؤّدي إىل ّنّو القصيدة فضائّيا وزمانّيا. 4- أيقونة الكتابة. ب – اإلجياز: وهو أن حُييل املبدع إىل بعض األحداث التّارخيية الّشهرية إبجياز، وتُسّمى اإلحالة احملضة، وهذه حتتاج إىل الّشرح والتّفصيل ليُدركه املتلّقي؛ إذ ال يذكر فيها الّشاعر األوصاف املتناهية يف الّشهرة واحلُْسن أو األوصاف املتناهية يف الّشهرة أو يف القبح)2(. غري أّن النّاقد حمّمد بنيس يف كتابه أتى بثالث آليّات هي االجّتار، واالمتصاص، واحلوار. وهذه األقسام الّثالثة مّتاتبة متسلسلة هرمّيا يف دالالهتا واشتغاالهتا الّتطبيقية، حتدّ د طبيعة الوعي املصاحب لكّل قراءة للّنّص الغائب، فعن طريق االجّتار - كما يرى يتعامل الّشاعر مع الّنّص الغائب بوعي 1 -ابن عبدون، ديوانه )بريوت: اجمللس العلمي، دون اتريخ(, ص: 244. 2 - حمّمد مفتاح، حتليل اخلطاب الّشعري، ص: 124. 86 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh سكوينّ ، ال قدرة له على اعتبار الّنّص إبداعا ال هنائّيا، فيصبح الّنّص الغائب ّنوذجا جامدا يف الّنّص املعاصر، وتضمحّل حيوية الّنّصني معا، ويرى أبّن االمتصاص مرحلة أعلى يف قراءة الّنّص الغائب؛ إذ يتعامل الّشاعر مع الّنّص الغائب من منطلق اإلقرار أبمهّيته وقداسته، ال ينفي األصل، وإّّنا يبقي عليه يف نّصه غري ممحو، ويسهم يف استمراره كجوهر قابل للتجدد، ويف املقابل يرى أبّن احلوار هو أعلى مرحلة يف هذه القوانني يف قراءة الّنّص الغائب، إذ ينطلق الّشاعر بواسطته من منطلق اهلدم وعدم الّتسليم بالهوتّية القدمي، بل يغرّيه ويعيد بناءه فال جمال لتقديس كّل الّنصوص القدمية)1(. واملتتّبع لشعر غرب أفريقيا جيده يستعيد الّنصوص وفق ثالث آليّات من آليّات التّناص: الّتناص الستشهادي / االقتباس)2(: إذا كان الّتناص ميّثل احلضور الفعلّي لنّص ما داخل نّص آخر؛ ّ ي، فإّن االستشهاد (citation) ميّثل الّدرجة العليا هلذا احلضور الّنّصي، حيث يعلن بشكل معلن أو خف ّ صا اقتباسّ يا، ألّن الّنّص الّنّص الغائب عن نفسه يف الّنّص احلاضر)3(، ويسّمى هذا الّنوع من الّتناصّ ، تنا الّسابق يفرض نفسه يف الّنّص احلاضر دون أن يتطّلب من القارئ إىل إعمال الّذهن، غري أّن اجلهد الكبري مطلوب يف اكتشاف أتويله، وقد أطلق أنطوان كمبانّيون على هذ الّنوع من الّتناّص "درجة الّصفر")4( ّ ص، ففي أعلى هذه فالّتناص درجات ومستوايت بناء على عالقة احلضور املتزامن، وابلّنظر إىل تفاعله يف الّن املستوايت يقوم الّنّص اجلديد هبضم النّص القدمي وحتويره، فال يبقى منه سوى رموز إحيائّية، وأدىن هذه 1 - حمّمد بنيس، ظاهرة الّشعر املعاصر يف املغرب، ط1، مقاربة تكوينّية، )دار العودة، بريوت – لبنان، 1979م( ص: .253 2 - التّناص االقتباسي، واإلحال، واإلحيائّي وردت عند سليمة عذاري، انظر، التّناص الّّتاثي لعصام حفظ هللا، نقال من ،Antoine Compagno الّرواية والّتاريخ، سليمة عذارّي، ص: 49. واالستشهاد ورد عند أنطوان كومبانيون يف سنة 1979م، عندما قدّ م دراسة بعنوان: )) اليد الثّانية أو اشتغال اإلستشها(( بنّي فيه أّن االستشهاد نوع من تكرار لوحدة، من خطاب يف آخر، يكون املستشهد به حرفيا جليّا. انظر: نظرية الّتناص، كومبانّيون، تعريب: املختار حسىن، ص: 1. ّ ي، ص: 78. 3 - عصام حفظ هللا واصل، التناص الّتاث 4 - عصام حفظ هللا، التناص الّتاثّي، ص: 39. 87 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املستوايت كاالقتباس مثال، يعلن الّنفس القدمي عن نفسه جلّيا ومن ّناذجها، قول الّشاعر أمحد تيجاين خليفة مالك سه يف انتقاده للّسياسة الوطنّية يف بلده)1(: ال زا د ك للا إالّ ز ل ة ظـ هـر ت يف أ ع ني ال نا س اي ش ر احل كو م ا ت أ ه ل ك ت دّم ر ت ت د م ي األ ىل سب ـ ق وا من البغاة وإخـوان الّضالال ت حّول ت للّنا ر بل أ د خل ت يف سق ر و ك ن ـت د ول ة أ رابب ال ال عـا ت أل ت روا كيف جازى للا أبرهة طي ا أاببيل ت رمي احلجــارات. فالّشاعر ينتقد الّدولة العلمانّية اليت ال تقوم على العدل، وال تقف عند حدود الكتاب والّسنة، سوى حتقيق للباطل وإفشاء للفساد والّرذيلة، ويدعو عليها ابلوابر والعذاب اجلحيم، كما أُذيق الذين من قبلهم من أصحاب الفيل حبجارة من سّجيل. فنالحظ أّن الّشاعر يستعيد الّنّص القرآين الّسابق ُّ زن من نن ىنين ٰى ري زي ميَّ)2(. ب – الّتناّص الحالّ : يكون الّتناّص اإلحاّل أقّل ظهورا، مقارنة ابالقتباس، الذي يعد أكثر حضو را وجتلّيا، فهو ال يعلن عن وجود ملفوظ حريّف مأخوذ من نّص آخر، ومندرج يف بنيته بشكل صريح، كلّي ومعلن، وإّّنا ُيشري إليه، وحُييل الّذاكرة القراءيّة عليه، عن طريق وجود دال عليه، أو شيء منه ينوب عنه، حبيث يذكر الّنّص شيئا من الّنصوص الّسابقة، أو االحداث)3(، ومن ّناذجها قول الشيخ أمحد حيدرا يف شعر املدح: قول الشيخ أمحد حيدرا يف شعر املدح: تب ت يدا س ا ر ق وتّب ما كسب ت ي د ا ه م ن عم ل وك ل ما اّدخرا)4(. 1 - كبا عمران، الّشعر العريب، ص: 83. 2 - سور الفيل، اآلية: 3. 3 - عصام حفظ هللا واصل، التناص الّتاثي، ص: 48. 4 - حمّمد الطّاهر ميغا، أشتات، ص: 21. 88 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ ين، يُغرّي بعض أجزاء الّنّص القدمي لتكون موائما مع البنية فالّشاعر يستعيد الّنّص القرآين بوعي سكو اجلديدة، ومتحّفظا عن األجزاء األخرى، حُييل إىل بعض أجزاء الّنّص الّسابق حرفّيا مّث يضمر حينا آخر، نالحظ أّن الفاعل يف الّنّص القرآيّن ))يدا أيب هلب(( يتحّول يف الّنّص الّشعرّي إىل ))يدا سارق((. ومن ّناذج هذ الّنوع من الّتناص ما جنده عند الّشاعر الوزير جنيد: ّ ل واج ب)1(. يـ قـولو ن م اال ي ف ع لو ن وتبع وا ه وا ه م وطا ع وا ال ش ح يف ك فالّنّص الّشعرّي خرب جاء يف خطاب الغائب، يف وصف أ ولئك الّشباب الذين ال عهد هلم وال ميثاق، بينما اخلطاب الّرابيّن جاء يف سياق املخاطبني أبسلوب االستفهام. ٹ ٹ ُّ ننىن ين ٰى ريَّ)2(. وحملّمد البخاري يف الّزهد: ولق د وق ف ت بـــــــ ر سـ ها م س ت خ ربا ع ن أ ه ل ه ا والّدم ع م ّّن س ا ئ ل لل د ر ك هـ ل وق ـــو ف ــــــــــ ك نفــ ع ب ر س ومها أ م ه ل ل د م ع ك طائل ّ د اي ر و ذ ك ر أ خ د ا ن الـــهــوى وخرائ د يف م ش ي ها تت ماي ـ ل ف د ع ال وا س لك ط ري ق أول ا ل داي ة واغتن م فـ ر ص ا مت ر وأنت منها غ ا فـ ل وا ز ه ـــــد عــــن الد ن ي ا ف إ نّ ن عي م ـها أ ضغا ث أ ح ـ ال م وظ لٌّ زا ئ ل )3(. فبدال من أن يتغّزل مبحبوبته، جنده يتزّهد ألّن الوقوف غري جمدٍ ، لكّن ال بد من شيء يزّكي الّنفس، وهو أن يصحب أول العزم والورع، ويتجّنب غريهم؛ فنعيم الدنيا زائل وما هي إال أضغاث أحالم)4(. 1 - الزير جنيد، ديوان شعر، ص: 10. 2 - سورة الصّف اآلية: 2. 3 - أمحد سعيد غالدنشي، حركة اللغة ص 105. 4 - املصدر والّصفحة نفسه. 89 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يقّر الّشاعر مبتاع احلياة الّدنيا ومجاهلا، وفتنتها، إذ ُيصّورها ابملرأة احلسناء، لكّنه راج مواله، وخائف للوقوع يف شراكها، فعرض عنها لينشغل مبا يرضي هللا عّز وجّل من مصاحبة أوىل الفضل، وهو يف ذلك يستمّد وصفا مناسبا هلذه الّنعيم الزائل ))أضغاث أحالم(( مستوحيا قول هللا تعاىل: ُّخل مل يلىل جم حم خم مم ىمَّ)1(. وقد وّفق الّشاعر يف تصويره لنعيم الّدنيا الزّائل أبضغاث أحالم، فالّضغث هو: اخللط، ضْغُث احلديث: خلطُ ه، الذي ال خري فيه، وِضغث األحالم املختلطة وامللتبسة ال يصّح أتويلها وتفسريها)2( وهي املختلطة واملكثّفة والباطلة، اليت ال حتتاج إىل إزاحة وال تفسري، وهكذ احلال عن نعيم الّدنيا ومتاعها الفاين والزائل مهما طالت كما قال تعاىل: ُّ مي ىي يي ٰذ ٰر ٰى ٌّ ٍّ َّ ُّ ِّ ّٰ رئزئ مئ نئ ىئ يئ رب زب مب نب يثىث ىف متزت نت ىت يت رث زث مث نث ىب يب رت يف ىق يق اك لك َّ)3(. فنالحظ أّن امللفوظ القرآيّن يعرّب عن ُرؤاي امللك الذي عجز عن تفسريها املأل من الكهنة وكبار دولته يلىل(()4( وأمراءه، ملاّ قّص عليهم ما رأى وسأهلم عن أتويله، فلم يعرفوا ذلك واعتذروا إليه أبنّه ))مل ويعرّب امللفوظ الّشعرّي عن نعيم الّدنيا الزّائل، ومانصبته من أشراك تفّتك بكّل مغرور هبا، واستساغ للّشاعر ّ ين، وهو عدم إجياد تفسري واضٍح هلما وسرعة زوال كّل هذ الّتناص للجامع الذي بني الّنّص الّشعرّي والقرآ 1 - سورة يوسف، اآلية: 12. 2 - لويس معلوف، املعجم يف اللغة، )ضغث( ص: 451. 3 - سورة احلديد، اآلية: 20. 4 - تفسري ابن كثري، سورة يوسف ص: 245. 90 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh منهما. ويعترب هذ الّنوع من الّتناص " أكثر فعالّية كلما عاجل نّصا معروفا، حبيث االشّتاك معه بكلمة أو كلمتني تكفي اإلحالة عليه")1(. وللّشاعر أمحد بللو يف وصف معركة كنو: س ائ لو عّنا وعـ ن أ ع ـدائ ــــنـا ي و م دا ر ا حل ر ب يف ك ن و احل ض ر ق د تـ ر كنا ه ـم با مث ل الـــبـا أو ك أ ح طـام هشيـم ال م حتظ ر و ك رك أ ر دى ب ـ ه ف ــــ ر سـا ن نا يف صناديد كيـا وا ال من ك ـ س ر إ ذ ز ح فنا ل م وقــــ ت ال ض ح ـى بن ـ و د ك ج ــ راد م ن تـ ش ر وكأ ن الــــي ل ف ـي أ رجائ ـ ها حـدأ ت ط ـ ف أشالء البق ر فلقيناهـم وأوغلنـا بــــــهـم ب ر ما ح و س ـها م ك ا ملـ ـــط ر واش ر أب وا فـــــ رميـنا مثـلـها فأقمـنا هكذا ح ـ ّت ال ظ ــ ه ر فدعـون اي نـزال ل لـــ وغـــــى فدخلنا ح صن ـ هم وق ت ا ل عصر فسقيناهــــم منـايــــا فـ رووا فهم مثـل جـذوع منقعر)2(. نالحظ يف هذه األبيات ّناذج من تناّص الّشعر مع الّنصوص القرآنية املقّدسة، ففي البيت الثّاين ))هشيم احملتظر(( اقتباس من ُّ جي حي خي مي ىي يي ٰذ ٰرَّ معرّبا ّ ي، ص: 48. 1 - واصل عطاء هللا، الّتناص الّّتاث 2 - أمحد سعيد غالدنشي، حركة اللغة، ص: 255. 91 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh عن اهلالك الذي حّل بقوم مثود ملاّ كّذب وا رسول هللا )لوط( فأرسل هللا عليهم صيحة واحدة فأهلكتهم، فكانوا كالشجر اليابس يّتخذ منه احمُلتظر حظرية لغنمه، أي أهّنم بعد العذاب مخدوا ومهدوا كما يهمد ييبس الّزرع والّنبات)1(. وجاء النّص الّشعرّي معرّبا عن حال الطّغاة اجملرمني الذين أوقع هبم جنود عثمان بن فوديو يف ٍّو كفور. معركة كنوا، وما وقع هبم من قتل ودمار، والّشاعر إذ ُيشيد هبذه الغارة يرسل رسالة إنذار لكّل عت ويف البيت الرّابع تناّص اقتباسي يف الكلمة )كجراد منتشر( يعرّب هبا الّشاعر هنا عن الكثرة وسرعة الّزخف للقضاء على العدوّ ، اقتبسها من قول هللا تعاىل: ُّخل مل ىل يل جم حم خم ممَّ)2(, هم جراد يف انتشارهم وسرعة سريهم حنو احلساب، وجاء وصفهم ابجلراد، ألّن اجلراد له جهة خاّص يقصدها)3(. ويدعو الّشاعر سيدي املختار الكنيت)4( إىل تزكية الّنفس ابلغلبة عليها، وقهرها، وصرفها عن املعاصي حني يقول: وم ن يـ ّتق للا ي د لـ ه خم ـ رجا وتـأ ت ــ ه ا أل ر زا ق يف نـ و م ـ ه ومن ي د ابملــا ل مـا ل لـه ك ل الـ ورى وج دوا يف خ دمت ه. واحلـ ر م ن ي كتـ م أ س ـ را ر ه يف صـ د ره ول و ع لى ز و ج تـ ه َ ه وا لمّت ق ـــي م ن يّتقي ربـ ه وي ب كي م ـ دى الّد ه ر ع ل ى خ ي ـ ب ت 1 - تفسري ابن كثري، سورة القمر، ص: 54. 2 - سورة القمر، اآلية: 7. 3 - ابن جرير الطربي، ص: 529. 4 - كان عاملا وشاعرا مفلقا عاش يف القرن الّتاسع عشر امليالدي يف متبكت ولد حوال عام 1803م بتمبكت، وأمّت دراسته جبوار جّده الشيخ سيدي املختار، تويّف 1865م، وترك آاثرا علمّية رائعة يف الّشعر، وقد مجع بعضها يف ديوان. انظر: األدب العريب يف متبكتو، )رسالة ماجستري( ل سامي خليل ماغاسو، كلية الّدعوة، شعبة اللغة العربية، 2005م، ) املالحق( ص: 385. 92 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ومن يقـوم اللي ل م نـ زعــجا ُييي ال دجى ابلذّكر يف ر حلته)1(. فيتقاطع الّشاعر يف البيت االّول مع الّنّص القرآين املقّدس ُّ رن زن من نن ىن ين ٰى ري زي مي ني ىيَّ)2( وقد تناّص مع هذه اآلية بشكل إحال، حبيث أبقى الّشاعر بعض مالمح اآلية أو دوالّه، وهي ملفوظات حمّددة اليت حُتيل القارئ إىل الّنّص األصلي بسهولة، وأجرى تعديال على بعضها، كتحويل الكلمات: )جيعل له( لتتحّول إىل )جيد له(، و)يرزقه( إىل )أتته األرزاق(، و)من حيث ال حيتسب( إىل )يف نومه(، فالّشاعر يؤّكد على أّن الّتقوى هو أساس الغىن، فاملّتقون يف جوار رهّبم، حيفظهم وحُييطهم برمحته، وينصرهم، ويرزقه من حيث ال حيتسب. وقد أذرفت أمساء بنت فودي دموعا على فقد صديقتها عائشة، وهي ترثيها قائلة : وذ كر ن م و ت احل ب يب ة م ن م ضـى م ـ ن ا أل خ وا ت الّصاحلات ال ع ق ا ئ ـ ل من الّصاحلا ت ال قا ن ت ـا ت ل ـرّ ب م م ـن احلافظات ال غ ي ب ذ ا ت النـ وا ف ل فـ زا د ت مه و م ي وان ف را د ي وو ح شيت وسكب دمو عي فوق خّدي هواطل)3( تبكي الّشاعرة على فقدها صديقتها وتذرف الّدموع، وتتحّسر على فقدها املرأة الّصاحلة، األنيسة، وتستعني يف وصفها ببعض الّصفات الّصاحلات يف القرآن الكرمي، فهي حُتيل إىل قوله تعاىل: ُّ ين جه مه ىه يه جي حيَّ)4(. وجند الّشاعر املال أمحد سامل بن الّسالك يصف ويفتخر يف قصيدة طويلة يقول: 1 - سامي خليل، شعر العريب، ص206. 2 - سورة الّطالق، اآلية: 3-2. 3 - عبد الّصمد عبد هللا، الشعر العريب، ص: 42. 4 - سورة الّنساء، اآلية: 34. 93 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh أرق ت لـربق ال عا ر ض املت هّلل ع ينـاك فا ن م ت ا ب دمع م سب ل مـن ذكر غاني ة سبتك بثغرها وبفاحـم أحوى، أحّم م رّج ل. إىل أن قال: وأ ن ال ذي ك ر ه ال ع ـ د و ن ـ زال ه ح ل و الفواك ـ ه ع ذ ب ش ر ب ال من ه ل ف إذا ر ضي ت ف إّن ط عم ـ ي م ا ذ ي وإذا غضب ـ ــت فإّنّن من حنظ ل يف الّسلم أ و ج د هّينا م س ت ـ ب شـرا ول دى ا حل رو ب ف م ن ص ال ب ا ل ن د ل. فنالحظ من خالل هذه األبيات تناّصا إحالّيا يف البيت الثّالث مع معّلقة عنّتة بن شدادا العبسيّ : و م د ج ج ك ره ال كماة ن زا لـ ه ال ُم ع ن هـ ر اب وال م ست س لم)1(. جا د ت ل ه كّ في ب عا ج ل ط عن ة بث ق ف ص د ق ال كعو ب م ق و م)2(. ومل يقف الّشاعر عند حّد التأثّر ابلّشاعر يف بيت شعرّي واحد، بل وحّّت يف شكل بناء القصيدة، جنده يفتتح مبقّدمة غزلّية قبل الول وج يف الغرض الرّئيسّي للقصيدة، وهو الفخر، كعادة الّشعراء اجلاهلّيني ممّا يساعد على اخللق الّشعرّي الذي مينح الّشاعر القدرة على القول؛ ألنه يصبح يف حالة معاانة شعريّة حاّدة متّده ابملشاعر اليت مُتّكنه من الّتنفيس عن كّل ما حيتمل يف قلبه من عواطف وأفكار، وهو يف ذات الوقت يُهّيئ اجلّو املناسب للمتّلّقي الذي جيد يف هذه املعاانة شبها ملا يُعانيه أو حيّس به)3(. 1 - املدجج: التام السالح الذي ال يهرب، االستسالم: االنقياد واالستكانة، 2 - مثّقف: هو الّرمح يف عرف الّشعراء، انظر كارل، بروكلمان، املصدر الّسابق، ص71، وصدق الكعوب: عَقد االانبيب. يقول: جادت يداي له بطعنٍة عاجلٍة برمح مقّوم صلب الكعوب. 3 - حسني عطوان، مقّدمة القصيدة العربّية يف الّشعر اجلاهلّي، )دار املعارف مصر 1970م، دون رقم الطّبع( ص: 114. 94 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فيفتخر الّشاعر ابلّشجاعة واإلقدام، ولني اجلانب، فهو يف كّل مكان ففي مجيع امليادين، ففي الّسلم رخيص سهل السجّية، ويف اهليجا فارس صل ب ال يقدر األبطال املدّججون ابلّسالح من كّل اجلوانب الّصمود أمامه. ّ ي أو اإلملاع (allusion)، كما فّسره حمّمد خري البقاعي: " أقّل األشكال وضوحا وحرفيّة)1(، ويُعد ج- التّناص اإلحيائ التّناّص اإلحيائّي أكثر أنواع التّناص عمق ا ، مقارنة ابالقتباس واإلحالة، فهو يعمل على ختريب معمار ))الّّتكييب والّدالّل((، ويراوغ املتلّقي بتخّفيه، وعدم ظهوره، من حيث أّن "اإلحياء" تقّل فيه احلرفيّة والعلنيّة، لكّن أدىن جمهود من طرف القارئ ميكن أن يوصل إىل إقامة عالقة بني الّنّصني، احلال والّنّص املرجعّي إليه، حبيث ال ميكن فهم األّول فهما ارك العالقة بني األّول والثّاين)2(، فال يكتشف بسهولة، ألنّه لن حُييل إليه تركيب أو ملفوظ حمّددة، وإّّنا دقيقا دون إد تكون اإلحالة فيه دالليّة، ختتزل مضامني التّناص بشكل مكّثف، وغري ظاهر. وقد أطلق عليه بعض الّنقاد " الّتناص احملّور" ألّن النّص احلال حيّور الغائب ويغرّيه عن شكله هنائّيا. فال جمال لتقديس كّل الّنصوص الغائبة مع احلوار. . . فالّشاعر يغرّي يف القدم أسسه الالهوتّية، ويعّري يف احلديث قناعاته الّتربيريّة و املثالّية )3(. وحيفل الّشعر العريب بغرب إفريقيا هبذه املمارسات الّتناصّية، وسنعرض جمموعة من الّنماذج خالل الّصفحات القادمة يقول الّشاعر حمّمد األمني مببا)4(: 1 - علي جعفر العالق، الّنّص والتّلّقي، دراسات نقديّة، ط1، )األردن: دار الّشروق للّنشر والّتوزيع، 1997م( ص: .132 2 - واصل عطا هللا، التّناص الّّتاثي يف الشعر، ص: 109. 3 - حمّمد بنيس، ظاهرة الّشعر املعاصر يف املغرب، ص: 82. 4 - هو الّشاعر الغاين حممد األمني سليم بن املرحوم احلاج يعقوب مببا الّسلغوّي، من مشايخ الّصوفية، كانت له حركات علمّية يف إجيورا، وله ديوان شعر مسّاه ) جمموعة مخس رائّيات( رائّية الّشبان، و رائّية األطفال، ورائّية اهلجرة، ورائّية الكويتّية. 95 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh أ ال ل ي ت شعري هل يرى الّنا س ما أرى ر أ ي ت أ مور ا يف زمـا ن لنا تـ ت ــ رى ر أ ي ت شيوخ ا ق د ب دا ش يـ ب رأ س هم ق لـوبم س وداء ال ت قب ل ال ــ ـيا إ ذ ا قـ ل ت اي شيـخا ت ص رب جــ وا ب ه أسا ء ل ن ب ك ي ف أ صرب ال ص ــ ربا إ ذا سيم جاه للا ض ح ك وا وقهق ه ـوا وإ ن سيم ج ا ه ه م كسوا ح ّ لة ّن را فل و غ ض ــ ب وا ّلّل ال ل ـذوا ت ـم ل ن ال وا م را د هـم و ن ل ـوا ب ذ ا أ جـرا ولك ن إ ذا غ ض ب وا م ّت س يم جا ه هـم ول يـ ل ح ظوا ج ا ه ال ذي ب ـرأ الـ ذرا)1( فالّشاعر خالل هذه األبيات حيكي فساد أهل زمانه، الذين أطاعوا هواهم وجعل وا مّههم األكرب مجع الدنيا، ومل يُبال وا مبا تُنتهك من ُحرمات هللا تعاىل، ففي البيت الرّابع يوحي إىل عدد من الّنصوص الغائبة منها قوله تعاىل: ُّخل مل ىل يل جم حم خم مم ىم يم جن حنَّ)2(. ومنها احلديث الّنبوّي الّشريف: ))ال يؤمن أحدكم حّّت يكون هواه تبعا ملا جئت به(()3(. ونالحظ أّن امللفوظ الّشعري مل يُبق شيئا من دواّل الّنّص املقتبس أو قرينة تدّل عليه سواء يف اآلية أو ّ ي، ويستدعي إليها عن طريق اإلحساس "ألن اإلحياء يقوم على احلديث، فقد أزاحها الّنّص الّشعر اإلحساس بعالقة الّشيء الذي نذكره آبخر ال نذكره، حيث إّن هذه العالقة نفسها تيّقظ الفكرة، فيفّتض 1 - حمّمد األمني مببا، جمموعة مخس رائيّات، )ديوان شعر( 1989م، ص 10. 2 - سورة الّتوبة اآلية: 62. 3 - أبو طاهر السلفي، معجم الّسلفي، عن عبد هللا بن عمرو بن العاص، حديث رقم: 202. 96 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اإلحياء يف الواقع أن يفهم القارئ من عبارة مبطنة ما يريد املؤّلف منه، فيفهمه بدون أن يصرّح له بذلك، ملا يعتمُد على لعبة للعبارات")1(. ويقول الّشاعر أيضا ملاّ جفاه أهله وظّن وا أنّه من طالب الّدنيا وال يبتغي يف دعوته وجه هللا: م را دي ا شرا ب الّتقى يف قل وب م نصحتـ هــم لل ال أط لـب األ جرا أ ع ّ ل م ه م ف قها ح د يــث ا ت ص و ف ا ونوا ، وتفسيا وصرفا كذ ال ّ ذكرا ف ظّن أن س أ ّن ّن جئ ت طـالبا ل د نياهـم ه ذي احل قية ال األ خ رى ي ظ نو ن أ ّن ج ئ ت طا ل ـ ب ع ز ة وط ال ب ما ي غىن م ن الب ي ض والص فر ا لذا ح س دون ب ل قلون)2( ج هر ة وم ن و ج د البا ري ف ال ُي تشي ال غي ا )3(. يشتكي الّشاعرمن أانس أبغضوه وحسدوه وزرعوا له أنواعا من الكيد واحلسد، ألهنم ظنّوه طالب الّدنيا بينما مل يُرد َ ري، تزكية نفوسهم وتقوية صلتهم ابهلل، ال يبتغي بذلك سوى وجه هللا تعاىل، وهو من خالل هذه األبيات يوحي هلم إالّ اخل إىل جمموعة من الّنصوص الّسابقة، منها قول هللا تعاىل: ُّ ىي يي ٰذ ٰر ٰى ٌّ ٍّ َّ ُّ ِّ ّٰ رئ زئ مئ نئ ىئ يئ ربَّ)4(. وهذا بيان لشّدة إخالص الّشاعر بربّه، فلم يبغ وراء ما يقّدم لقومه من تعاليم إسالمية أّي مكافأة أو جزاء؛ ألنّه أدرك أّن الباري سيثيبه وجيازيه خري اجلزاء. كما أنّه حُييلنا إىل حادثة وقعت للمتنّّب وميدح أاب العشائر علي احلسن بن محدان حني يقول: ّ ي، ص: 110. 1 - واصل عطاء هللا، الّتناّص الّّتاث 2 - قلى مبعىن: أبغضه وهجره قال تعاىل يف سورة الضحى: }ما ودعك ربك وقلى{. 3 - حمّمد األمني مببا، جمموعة محس رائيّات، ص: 10. 4 - سورة اإلنسان، اآلية: 10. 97 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فس ر ت إليك يف طلب ال م عال وسا ر سوا ي يف طلب ال م عا شي. وقد وصف الّشيخ سيدي املختار الكنيت "ركن احلّج" وأشار إىل بعض احلّجاج الذين ليس هلم من حّجهم سوى املشّقة والّتعب، ألن احلّج فريضة يتطّلب شروطا حّّت يكون العمل مقبوال، وينال به رضى هللا سبحانه وتعاىل، قائال : ّ ب من حّج بيت للا مكتئبا على الوسـا د فلم يظمأ ول ي رد. اي ر ورّب من حّج حّجا ت وليس له من حّجه غي قطع الب ي د والسّ ه د. ولس ت ان ك ر فرض احلّج إّن له شرطا يفـوز به من فاز ابلّر ش د وإّّنا احلّج تريد األداء على وجه امتثالك قول الواحد األحد. ٌّج على احلجاج مفتـر ض على املطيفني من قر ب ومن ب ع د )1( لل ح هنا يذّكران الّشاعر أبّن احلّج ركن عظيم، يتطّلب من احلاج تذكية الّنفس، واإلقالع عن مجيع ما ميكن أن يكون سببا يف عدم قبول احلج، وهذا بيا ن و أتكي د للحديث الّنبوّي الّشريف "من حّج البيت فلم يرفث ومل يفُسُق جاء كيوم ولدته أّمه")2( ولآلية الكرمية " احلج أشهر معلومات فمن فرض فيهّن احلّج فال رفث وال فسوق وال جدال يف احلجّ ")3( كما يوحي الّشاعر يف البيت األخري إىل اآلية: ُّ حب خب مب هب جت حت خت مت هتمث حج مج جح مح جخ مخ جس َّ)4(. 1 - خليل ماسوغا، املصدر الّسابق، ص: 45. 2 - اجلامع الّصحيح، رقم احلديث: 1521. 3 - سورة البقرة، اآلية: 197. 4 - سورة آل عمران، اآلية: 97. 98 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ولل وزير اجلُنيد يف راثء شيخه أيب بكر امللّقب ب ) بواب()1(: أ اث ر مه و م ال قل ب بـ عـ د هـ دوءها م ص ائ ب كا ن ت أ ن حت ل ع رى الّص رب وأظ ل م ت اآلفا ق وا ش ت د خ ـ و ف ن ا و ضاق ت ع لين ا األ ر ض يف ال ّ رب وال ب ح ر يصف الّشاعر حالة الّزعر والّذهول اليت أصابته هو ومن يف الكون مجيع ا ، عند فْقد العامل اجلليل فالقلوب منفطرة، واآلفاق مظلمة لفقد هذ احلبيب، ولكّنه حمتسب األجر راٍض بقضاء هللا، ألّن املوت داهية ال مالّذ منها، فالكّل مصريه الفناء ولن يبقى سوى وجه رّبك ذي اجلالل واإلكرام. ّ دينية منها قوله تعاىل: ُّجم حم خم فالّشاعر يف تناّص إحيائيّ مع جمموعة من الّنصوص الّّتاثّية ال مم ىم يم جن حن خن من ىن ين جه مه ىه يه جي ٰذيي ٰر ٰى ٌّ ٍّ ََّّ)2(, وقوله ُّ زئ مئ نئ ىئ حي خي مي ىي يئ رب زب مب نب ىب يبَّ)3(. ومع احلديث الّنبوي الّشريف: )إن القلب ليحزن والع ني لتدمع وال نقول إال ما يـ رضي ربّنا، وإّن لفراقك اي إبراهيم حملزون ون()4(. ويستعيد الّشاعر المني داينغ قصيدة املتنيب يف وصف احلُمى، يف قصيدته دمي األمنّيات)5(: 1 - عبد الصمد عبد هللا، الّشعر العريب يف غرب أفريقيا، ص: 129 2 - سورة الّتوبة، اآلية: 118. 3 - سورة الّرمحن، اآلية: 26. 4 - جامع الصيحيح البخارّي، كتاب اجلنائز، ابب قول النيّب صلى هللا عليه وسّلم: إانّ بك، احلديث رقم: 1254، عن أنس بن مالك بن الّنضر. 5 - حممد اّلطاهر ميغا، أشتات من أدب الّشباب، ص: 5. 99 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ ك مـاج د ولكّنه يف ساحة احلـ ّب فا س د علم ت بّن الّص رب ال ش ف لّما رأ ت ّن م ن ب ق لـ ب تـ ع ل قــ ت عل م ت بّن احلّب للم ر ء قائـ د َ ر أت ّن وكا ن ال ع ش ق يف النّـ ف س ابر د ح زينا ق لي ل الّشأ ن والقل ب كام د فقال ت وإ ن كان األ م ني ب ك ا ر هـي ف إ ن ف ـؤا دي للمـني ل قا صـ د ص رب ت كث يا يف ال ف را ق وال قـ را ر للّص رب ب عد اليوم فالوصل سائ د فـ ق م ت ع ل ى ع ج ل ودبّر ت ح يل ة إىل أ ن وص ل ت إليك وا حل ّب وا ر د َ حب يب ح ض ر ت الي ـ وم بـ ع د ا ف رتا ق ن ا ف أ ن ت حيا يت ال د ه ر وال ق ل ب حام د إىل حيث يقول: فـ ق ل ت ل ا: ال تـ ق ل قي اي حبيبيت أل عطي ك م ع ىن احل ّب واللّ ي ل اب ر د عزي ز علّي القو ل والفع ل يف الوى إىل أّن حزن يف ان ص را ف ك ك ا س د وب ك ت مثّ ق ال ت اي حبيب أ ال ت ـ رى ب ّن س ري ر لك ه ل أن ـ ت راق د فقّبل ت منها الّد والفّم واّنحـ ت عالما ت أ ح زانــي كأّن أ طا ر د فقالت: وداعا اي عزيزي إىل الّ ل قا و غ يـ رك بـ ع ـ د اليوم حّب ي عان د و ق د كا ن قـ ل ب يـ رف ض ا حل ب قـ ب ـلها ولكـّن قلب اآل ن للحّب سا جـ د . من خالل هذه األبيات يصف الّشاعر زايرة احلبيبة وكّل ماجرى خالهلا، من الكلمات املشحونة ابحلّب واالحّتام املتبادلني بينهما وقد مكثا زمنا طويال من غري أن يتقابال، فها هو قد سار احلّظ جبانبهما، وقد استطاعت البنُت احلّيية اخَلجولة تكسري مجيع أنواع احلظر املفروضة عليها، وكأّن الّشاعر حُييلنا إىل 100 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh قصيدة أيب الطيب املتنيب الذي يُ صّور فيها احلُمى بفتاة حسناء خجولة ال أتيت إاّل يف الّظالم خوفا من عيون الرّقباء، فإْن أتت، قّدم هلا كّل شيء من ثياب فاخرة وفرش انعمة للّنجاة من كيدها، لكّنها رفضت كّل شيء، وسكنت احملبوبة )احلُمى( داخل جسده، فمن أين أتتْ ، وكيف وصلتْ ؟ يقول)1(: ع ل يل ا ل سـ م ُم ت ن ـ ع القيام شديـ د ال س ك ر من غ ي امل دام و زا ئ ر يت ك ـأ ن ب ـ ا حيـا ء فلي س تــزور إالّ يف ال ظ ال م ب ذ ل ت ل ا ال م طا ر ف )2( واحلشااي فعاف تـ ها و اب ت ـت يف ع ظا مـي كأ ن اللّ ي ل ي ط ر د ه ا فـ ت جـ ري م دا م ع ـها ب ربعـ ة س ج ـا م أ راق ب وقـ ت ه ا م ن غ ي شـ و ق م راقـ ب ة ال م شـو ق ا ل م ست ـ ها م وي ص د ق وع دها والّص د ق شٌّر إذا أ ل ق ـا ك يف ال ك رب ال عظ ا م أ ب ن ت الد هر)3( ع ن دي كلّ ب ن ت وكيف و ص ل ت أ ن ت م ن الّ ز حا م. إّن هذه الّنماذج الّسابقة، أوردانها على سبيل املثال ال احلصر، ألّن الّشعر العريب بغرب أفريقيا متأثّر يف ّشكله ومضمونه ابلّشعر العريب القدمي، فإّما أن أيخذ الّشاعر املضمون اللفظّي واملضمويّن حبذافريها، فيكون التفاعل بني الّنّص املهاجر إليه واملهاجر سطحّيا ضئيال، كما يبدو ذلك يف آلية الّتناص االقتباس، أو ّ ص الّسابق يفسح له اجملال ويُبقى على بعض مالحمه اليي تظّل يكون النص احلديث، مشفقا متآنسا مع الّن دالة على أصله، كما وجدان يف آلية الّتناص اإلحال، وقد أيخذ الّشاعر الّنّص الّسابق فيحّوره عن أصله، ويهدمه فال يبقى شيء من دوالّه، فالّشاعر يف هذه الّتقنية منطلق من قانون ال جمال لتقديس النّص ّ ي. اإلبداع 1 - املتنيّب، ديوانه، ص: 36. 2 - مجع مطرف وهو ثوب من ُخّز واحلشااي مجع حشّية وهي الفراش احملشو. 3 - هي احلُمى، وبنات الّدهر شدائده، يعين مل مينعك ازدحام الّشدائِد علّي حّّت وصْلت إّل. 101 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تلك هي آلّيات الّتناّص تتحّكم على اإلبداعات مّت أراد استعادة األعمال الفنّية وآاثر الّسابقني له، وأّما عند استعادة الّشخصّيات الّّتاثية، أي: أصحاب تلك األعمال فثّمة تقنّيات أخرى جيدر على الّدارس الوقوف عليها خالل الّصفحات املقبلة من البحث. 102 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث الثّان: الّتناص مع الّشخصّيات الرّتاثّية يف الّشعر العريّب بغرب أفريقيا)1(. لقد تنّوعت الّشخصّيات الّّتاثّية يف الشّ عر العريب بغرب أفريقيا كما أسلفت، حيث تفاعل الّشعراء ابلّشخصّيات الّدينّية، كاألنبياء والّرسل، والّصحابة وغريهم، كما تفاعل وا ابلشخصّيات األدبّية، والّسياسّية، وإليك ّناذج شعريّة منها: - الّتفاعُل مع الّشخصّيات الّتاثّية الّدينّية. ويظهر ذلك يف ّشعر املدائح الّنبويّة، والّتصّوف، وذكر األماكن املقّدسة كمّكة املكّرمة، واملدينة، وذكر مناقب الّصحابة. يقول الّشاعر أبو جعفر حمّمد جبايت)2( بعد ما احتدم جدا ل مرير بينه وبني احلسن يوسف جالو، مدافعا عن مذهبه الّشيعيّ )3(: تعفر ت فضال من إلي وأ شك ر بم د مكرّبا مدى الّدهر أذكر كما قال قلب سّي د ل ُي ف أ ذى تعفر ت ابسم للا وللا أك رب إىل أن قال: ف م ن را م هـ دي ه ال يضّل من ب ع د ه ك ف ـى اب ق ـ ر س ن دا و زي ن وجعف ر ومن قبلهم حسن حسني ذبيحهم ومن بعدهم موسى الكظوم مظّف ر ومن بعدهم نور الّرضا الح م رش دا على إث ره يتـي جـوا د مـ وّقر أاي رّب ثّبتّن على ّخّط حبّـهم فهـم سـادة الّنات حّقا نقّرر 1 - تقّدم تعريف الّّتاث يف الّصفحة: 14. 2 - حمّمد دابيت شاعر ماّل، وإمام ابملركز الثّقايّف اإليرايّن، متشّيع. واحلسن جالو: داعية اسالمّية يف مال، له نشاطات يف جمال الّدعوة، والتدريس. 3 - كبا عمران، الّشعر العريب، ص: 104. 103 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فهل ع روة وثقى كمثل الـيت أن "جبايت" علياه يف احلياتني مسـف ر وق ل ل أخي ماذا ترى من ضالل ة فإنّـي مـريد للّنصوح مس ّي بقل ب سلي م من كدور لقد خـال أرى يف حـواري معـكم ال أنر فداوود ذو األيدي لقد صّدق ابنه سليمـان ذا فهـم وكـّل موقـّ ر جيُد الّشاعر االنتساب للمذهب الّشعيّب منقبة، وجناة ، به يفوز املرء يف الّدارين، مّث يرمز إىل بعض شخصّيات دينية: كاحلسن واحُلسني سبطي رسول هللا، وزين العابدين بن احلسن بن علي بن أيب طالب، واجلعفر، وموسى الكظيم، والباقر، مّث نالحظ أنّه يطلب من زمالءه الذين مل جتمعهم عقيدة واحدة االعّتاف به واملساحمة معه، لُيعيدهم إىل قّصة ُسلْيمان مع داود عليهما الّسالم يف حادثة. ويُنّفر الّشاعر املاّل أمحد بول)1( من العنصريّة، وحيشُد رجاال من الّصحابة مّمن ليسوا من العرب، ّ ي، وبالل بن الّرابح، وغريهم، لكّن هللا أّلف بني قلوهبم، وكانت هلم قدم كسهيل الّروميّ ، وسلمان الفارس السبق يف هذا الّدين)2(: أرى ال ق و م يـ ق ت ات و ن - و ل ت ك شائـف ا - من مسنون، وق د كنـ ت ع ا ئ ف ا دعوها -أول األلباب- إذ ابت منتنا تعّصبكم هذا، وأ صبـح زائـف ا وشّن علـيه الغارة املصطفـى بال مامـل ة بـ ل جــب ه بعواصـفا أحتـيونـه من بعد مو ت وموه ل فت عسا حمل يـيه، وقد صـار خـائفا أع ندك بـ رها ن علــ يه فــهاته فأنّـــى ملعدوم وجو د ، فكاشفا لقد كان يف خي العباد مّمــد لنا أ سوة يف كّل مــاكـان سالفا صهي ب وس لمان بـالل وهامشـّي عناص ر أخرى لــ م كـال مؤالفا ارسات 1 - أمحد بول، شاعر مال من مواليد 1977م، درس املرحلة البكالوريوس يف اجلامعة االسالمية ابلنيجر، واملاجستري يف الّد ارقيّة، جبامعة اسّتاسبورغ، له مصنّفات كثرية منها: ألفيّة بول، وهي ألف بيت يف الّنحو والّصرف، وإعانة احلريان يف ضبط االستش متشابه القرآن)350 بيتا مع الّشرح( وله ديوان شعر. 2 - أمحد بول، ديوانه، خمطوطة يف مكتبة الّشاعر يف مال. ص: 7. 104 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh أوىل لـم يكونوا ي عرفـون تعّصبا خرافة كّل العــص ر ، فلتس ع نسفا ّ ق ، ال غي شاغفا أال إّّنا كـّل الّتع صـ ب اب طـل تع ص ب لدين احلـ وإّن أول األلباب دارو ن صد ق ذا بال ري ب فيه، ال تكـ ن عنه صادفا فهذا ابن نو ح ه ل نا ب عد ما غوى وفّضـل شيطـان ّ ، وصـار خمال فا. وجند الّشاعر عمر جاه)1( ميدح أمري املؤمنني عمر بن اخلطّاب ويستعيد مواقف خاّصة يف سريته)2(: س ال ال ق لب عن أ ساء خوف ضالل وأ حكـم للفاروق ح ب ل و صا ل ف أ س ـا ؤ ه تـ لهي العاشقني ع ن الت قى و تلف ما منّـ تك عند م قـا ل ت بيّـ ن لـي أ ن الّسعـاد ة والت قى لدى عمر الفاروق، لي ث ن ضا ل و ما لقّ ـ ب ال ف ا رو ق إالّ ل كـ و ن ـ ه ي ـ ف ّ ر ق ما ب ني ال ـ دى وضالل إذا كـان ما يدعـو إليـه مّمـد من للا قوموا دون خوف رجال. حياكي الّشاعر هنا القولة املشهورة للّصحايّب اجلليل بعدما دخل يف االسالم، فقد روي أنّه سأل الّرسول وذلك يف الّصلح الذي بينه وبني املشركني، "فقال اي رسول للا، ألسنا على حّق وهم على ابطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتالن يف الّنة وقتالهم يف الّنار؟ قال: بلى، ففيم ن عط ى الّدنّية يف ديننا، ونرجع وملّا ُيكم للا بيننا وبينهم؟ فقال رسول للا صّلى للا عليه وسّلم: ايبن الطّاب: إّن رسول للا ولن ي ضّيعّن للا، أبد ا . . . ")3(. - الّتفاعل مع الّشخصّيات األدبية. 1 - شاعر ماّل، خترّج يف كلّية اآلداب بفاس يف املغرب. 2 - كبا عمران، الّشعر العريّب، ص 87. 3 - صحيح مسلم، ج12، ص: 141، رقم احلديث 2340، عن سهل بن حنني. 105 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يقول الّشاعر)1( يف وصف قربه لألئّمة وأول الفضل: ّ ي عــــند ع بلـة يــــذل ول سـ ت بقيســــــيّ يغنـّي لفاطم ه وال عـــــبسـ ولك ن إىل أ ه ل الفضائـ ل والت قـى إىل خ ي م ن يف األ ر ض أ دنو وأج ز ل. وكانت هلم طرائق خاّصة يف الّتفاعل مع الّشخصّيات يف أشعارهم، فتارة يستعيد الّشاعر شخصّيته عرب ذكر امسها مصّرحة، أو ذكر شيء من مالبساهتا، كاللقب، أو اخلطاب املشهور. وقد أطلق على هذه الطّرائق اآللّيات، ويّتضح كل ذلك خالل الّصفحات اآلتية. آلّيات الّتناص مع الّشخصّيات الّّتاثية يف الّشعر العريب بغرب أفريقيا. وقد وضع الّنقاد آلّيات وأّناطا عدة يّتبعها الّشعراء يف حشد الّشخصّيات يف الّشعر. وهذا ليس موضوعا قصداّي لدى املبدع، إذ أنّه ال يضع هذه الّتقسيمات واألّناط نصب عينيه حلظة كتابة الّنصّ ، ًّاي كانت ولكّنها أتيت عن غري قصد وعفو اخلاطر من خالل صياغته لرؤاه وحرصه على تعضيد تلك الّرؤى أ الّسبل)2(. ّ شخصيّات، غري أّن هذا املبحث سيهتّم بتقسيم أمحد وقد ذكر الّنقاد أقساما خمتلفة آلليّات التناص مع ال جماهد)3(؛ لذا سيهتّم هذا املبحث آبليات الّتناص مع الّشخصّيات وفق اآليت: آلّية استدعاء الّشخصّية آلية استدعاء اخلطاب آلية استدعاء الوظيفة. 1 - الباحُث، يف خمطوطاته الّشعريّة، نظمها يف حفل اختتام األنشطة الطاّلبية، مبعهد الّدراسات االسالمّية، عام 2011/2010م. 2 - حّصة البادي، التناص يف الّشعريب احلديث، ص: 153. 3 - أمحد جماهد، أشكال التّناص الّشعري، )اهليئة املصريّة العاّمة للكتاب، دون رقم الطّبع، مصر 1998( ص: 19. 106 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ ل قسم ومتييزه عن وسيتناول املبحث كّل قسم ابلبيان والّشرح من خالل رصده لنماذج شعريّة لك اآلخر. أّوال : آلّية استدعاء الّشخصّية. يدعم املبدع رؤاه الّشعريّة ابستدعاء شخصّية ما، جيد بينها وبني موضوعه وشيجة قد ال يفطن إليها هو ذاته، مبعىن أّن ذلك االستدعاء قد يكون غري املبدع هو الواعي له وليس املبدع نفسه، فهو ال يعد عملّية منظمة إلدخال تلك الّشخصّية يف نّصه، ولكّنه يستحضرها عند التقائها بفكرة نّصه فيضمنه إاّيها)1(. وأمثلة هذ الّنوع من الّتناص كثرية يف شع ران العريّب بغرب أفريقيا، مثال ذلك ما جند من قصيدة الّشيخ يعقوب ابجنوغو دو كوري)2(، بعد زايرته إلحدى املدن املتطّورة اجلميلة فانبهر ابملنظر، واشتاق العودة إليها مرّة أخرى: أال قل ب ـــي ص بـا ع ب ـ د ا ملـ زا ر إىل حـّب املدائ ن وا ل م ا ل مجـال يف املبانـي والقصـور ويف كـّل الّشوارع واجملال أخي فانظر لناطحة السّ ـحاب وأ عـ ل الّرأس فاملنظور عا ل إىل أن قال: عـــمارات مناظــــر هـائـالت كذا احلـركـات دائمة اّتصال وأمكنة التّ ــــجارة والّتسلّـي كـذا املستشفيات على كمال و ز خ رف ة املبانــي والدّكاكيـ ـني واألسواق تدهش كل اب ل ثنائي واشتياقي للــــــمدينــ ه كحالة يوسـ ف يوم ال و صا ل)3( 1 - أمحد جماهد، أشكال الّتناص، ص: 108. 2 - هو أحد شيوخ الصوفية يف مال، إمام ومؤّسس مدرسة األّم، له عشرات مؤّلفات، ولد 1946م. 3 -كبا عمران، الشعر العريب بغرب أفريقيا، ص: 95. 107 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فالّشاعر يف البيت األخري يستحضر شخصّية يوسف عليه الّصالة والّسالم ويوظّفه يف شعره، وأييت ذلك يف إطار قصيدة مشحونة بكثري من اإلشارات اليت تدّل على احلنان والّشوق، ويهيئ توظيفها من أجل إظهار حالة ّشوقه على املدينة، فيقارن نفسه يف حالة الّشوق واحلنان بنيّب هللا يوسف عليه الّصالة والّسالم. ّ ل، حممد القاضي نيانغ عندما يتغّزل اببنة ويتجلى استدعاء الّشخصّية يف قصيدة الّشاعر املا عّمه)1(: قد طب ت قلبا بن فـــــاق ت علـى د ر ر من المال كما فــــاقــــ ت على ال ق م ر فورا بصفوتا خ لقا صـاح أ ص ــــ ف فهـل لبحـ ر مـــن املعيار كـــــاحل رب ويف الورى صاح ال تطلب لا مثال جودا و حّبا وإخـالصـــا مــــــن ال ب ش ر كأّّنا نزلت م الـــــعرش دون مـ رى فب ني أمل ك ه كالقــــــطـب والــــــــ و ز ر ال يـ ع رتي جــــــا رها جـو ع ب ا ن ب ـ ها إالّ وســـــدّ ت له اباب من ال و طــــــــ ر مثلها ضــــــّن عن إخراجـها زمـ ن من كّل خ ي ي صو ن املرء عن كدر كخاطــــــ ب بني لي ل والّسحا ب مـعا بيا ض أسنا نا فـــــي الّض حك والقم ر بنت شعي ب حـــــيا ء عندما نظـرت وأّم عيسى عفافا صـــــــــاح ابلب ـر. فالّشاعر يتغىّن مبحبوبته، ويصفها أبنبل الّصفات كاحلياء والعفاف، وهااتن الّصفتان حمموداتن، ومها من أشرف الّصفات عند املرأة، فقد قال الّرسول صّلى هللا عليه وسّلم "إذا صّلت املرأة مخسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لا ادخلي الّنة من أي أبواب الّنة شئت")2(. وقد أثبت النيّب صّلى هللا عليه وسّلم أّن احلياء جزء من اإلميان)3(، ومل ينس الّشاعر أن يستعني أببرز الّشخصّيات اليت تُعني القارئ للوصول إىل الّصفة اليت يريدها ويوّضحها له توضيحا، فإّن ذكر بنت ُشعيب ومرمي أّم نيّب هللا عيسى عليهم الّصالة والّسالم، يفضي إىل تداعّيات كثرية، أوىل هذه الّتداعّيات العفاف واحلياء، فقد 1 - حمّمد الطّاهر ميغا، أشتات، ص 9. 2 - حلية األولياء، ص: 9015. 3 - صحيح البخارّي رقم 24، عن عبد هللا بن عمر بن اخلطّاب. 108 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh قّص هللا تعاىل قّصة بنت شعيب، وذكر حياءها يف قوله: ُّ ىف يف ىق يق اك لك مك رنمم زن من نن ىن ين ٰى ري زيمي ني ىي يي ىك يك مل ىل يل ام جئَّ)1(. متشي على استحياء: أي مل تكن سلفعا)2( من الّنساء خرّاجة واّلجة، قائلة بثوهبا على وجهها)3( ُّمك ىك يك مل ىل يل ام ممَّ)4(، ولعّل الّشاعر مل يُرِْد أن يـُْلِبس على القارئ غري خلق احلياء، لذا جنده ُيِضيُف الوجه اجلامع "بنت ُشعيٍب حياء " يف صورة تشبيٍه بليٍغ رائع، وهكذا احلال يف الّشطر الثّاين من البيت األخري يف تشبيه احملبوبة أبّم عيسى يف العفاف. ويثور الّشاعر المني داينغ على سلمان ُرشدي بصاعقة من الّشعر وذلك بعد ما صدر من سلمان خمالفات عقديّة، وأّلف كتابه "آايت شيطانّية" فهجاه قائ ال : تّبت يدا ك ل فك ر في ك سلما ن أعوذ منـك بريّب أنت شيطان قد بعت دين ك للّدنيا بائـز ة اي وي ل جـائـ ز ة للّنار ع نـوا ن ّ ق وآيـا ت مبّينـة خ ف ت عل ي ك فأن ت الو غ د حيوا ن آاي ت ح إىل حيث يقول: ا خ ل ع ه ال لك واخ ر ج من مجاعت ن ا ف ما مل ث ل ك يف االسـالم إ خوا ن وامح ل صل ي ب ك ف ا مل ي ع ا د ها و ي ـة و ال م سـا س رجي م أن ت سلما ن مضى أبو ل ب كـذا مس يلمـة وس وف متضي وللقرآن أعوا ن )5( 1 - سورة القصص، اآلية 25. 2 - هي اجلريئة على الّرجال، القليلة احلياء، والواّلجة صيغة مبالغة من الولوج، وهي الكثرية الّدخول، خرّاجة، صيغة مبالغة وهي الكثرية اخلروج. 3 - تفسري ابن كثري، لسورة القصص. 4 - سورة القصص، 28-23. 5 - حمّمد الطّاهر ميغا، أشتات، ص 40. 109 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يذّكر الّشاعر املهجّو ابلوابر الذي حّل أبمثاله اجلبابرة، الذين شّقوا مثل هذا الطّريق، فهذا أبو هلب عّم الرّسول ازه هللا صّلى هللا عليه وسلّم، ملاّ قام يف وجه الرّسول صّلى هللا عليه وسلّم، وحشد مجوعا حنوه ليصّد عن طريق الّدعوة، فأخ تعاىل وأنزل سورة كاملة يف بيان خيبة أمله ووعيده بناٍر ذات هلب، ولن يُغين عنه ماله وما كسب، وهكذ مسيلمة املّدعي ارط املستقيم، ارض النّاس عن الّص النبوّة، أظهر هللا كذبه، وقتله املسلمون يف معركة اليمامة، وهكذ حال كّل من يسعى إلع ازن للعتّو والكربايء وأيىب هللا إالّ أن يتّم نوره ولو كره الكافرون. ويسوق الّشاعر شخصيّات )أيب هلب، واملسيلمة( ألهّنما رم واجلربوت. اثنيا: آلية استدعاء الطاب. تتمّثل هذه اآللّية يف توظيف الّشاعر لقول يّتصل ابلّشخصّية )سواء كان صادرا عنها أو موّجها إليها(، ويصلح للّداللة عليها يف الوقت نفسه فتصبح وظيفة هذا القول وظيفة مزدوجة، هي الّتفاعل احلّر مع شفرات الّنّص واستحضار صورة الّشخصّية يف ذهن املتلقي)1(. وأغلب هذا الّتناّص تناّص اعتباطيّ ، يعتمُد على ذاكرة املتلّقي كما ورد عند حمّمد مفتاح)2(. وقد استدعى شعراء غرب أفريقيا خطاابت شخصّيات دينّية وأدبّية. فمن ّناذج استدعاء خطاب شخصّيات دينية ما جنده يف شعر أمساء بنت فودي يف الّراثء)3(: وأ ب كي ع ل ي ه ا ابل دمو ع ترمّحا و ش وقا و حت نا ن لصدق ا مل ود ة فـ ل م يـ نه ع ن هذا الّنّب وإّّنا نى عن صراخا ت ب ه وآه ة . 1 - حّصة البادي، التناص يف الّشعر العريب املعاصر، ص: 137. 2 - حممد مفتاح، حتليل اخلطاب الّشعريّ ، ص: 65. 3 -كبا عمران، الّشعر العريب يف غرب أفريقيا، ص: 420. 110 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh قامت الّشاعرة بتربير بكاءها، أبن الّرسول مل مينع إظهار احلزن والبكاء على املّيت، دون شّق اجليوب والتلّفظ ابحملّرمات والويالت، مشرية بذلك إىل قوله صّلى هللا عليه وسّلم: "العني تدمع، والقلب ُيزن، وال نقول إال ما يرضي الّربّ ، وإّن لفراقك اي إبراهيم حملزونون")1(. ومن ّناذج استدعاء خلطاب شخصّيات أدبّية، ما جنده عند الّشاعر عمرو بن عبد الّلطيف ِّمُس زمالءه أثناء اإلضراابت)3(: ساغو)2( حُي ّ طــــط ساكتينا ونـ ن على التكّلم قادرينا ل ق ـــــ د كنّـا ن فما سكت ال ـ ــري ر وال لبيد ك ذا ش عـ ر ا حل طئـة ما ن سين ا واي ح سان قــد حان ا ن ت صا ر علـى ر د املظـال قائ ميـن ا أ ال ن ص حو مجيـعا اي أســود لتقصـيد ال ق صـائ د ن بغينا تّمعنا تــــوحّ ـدن صفـوفا فال نشى البابر والعيـون نصيح مّت نشاء إذا أردن مناشـدة املطالب صامدينا. فنالحظ أّن الّشاعر استدعى شخصّيات يف شعره )جرير، ولبيد، وحّسان بن اثبت واحلُطيئة(، وهي شخصّيات حتمل معاين عميقة يرمز إليها الّشاعر يف شعره، كانتصار احلقّ ، وإابء الّضيم، ونالحظ يف البيت الثّالث يستدعي خطاابّ مشهوراّ وّجهه الّرسول صّلى هللا عليه وسّلم إىل الّشعراء "من حيمي أعراض املسلمني؟ فقال كعب بن مالك: أان اي رسول هللا! وقال عبد هللا بن رواحة: أان اي رسول هللا، وقال حّسان بن اثبت: أان ايرسول هللا، فقال عليه الّصالة والّسالم: نعم اهجهم وسيعينك روح القدس")4(. 1 - اجلامع الصحيح، عن أنس ين مالك بن نضر، رقم1205. 2 - هو شاعر ماّل من منطقة كاي، خترّج يف اجلامعة االسالمية ابلنّيجر، له ديوان شعر، خمطوطة. 3 - كبا عمران، الشعر العريب، ص: 104. 4- الّسنن الكربى للّنسائّي، كتاب مناقب أصحاب رسول هللا صّلى هللا عليه وسّلم من املهاجرين واألنصار)حّسان بن اثبت( رقم احلديث 8024، عن الربّاء بن عازب. 111 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اثلثا: آلية استدعاء الوظيفة. إذا كانت آلية استدعاء الّشخصّية تقّدم للقارئ احلدث عرباإلشارة املباشرة إليه، فإّن آلية استدعاء الوظيفة تقّدم له احلدث عرب الوظيفة اليت تستحضر صورة الّشخصّية - غري امل ذكورة- يف ذهن املتلقي)1(. ومن ّناذج استدعاء الوظيفة قول الّشاعر عمر الغايّن احلاج عمر بن أيب بكر كركي رّدا على الذي جادله يف مّد الم لفظ اجلاللة: ّ ب الـورى اي قـــ وم فانتبــهوا فإّن يف د ه ـرن هـذا أابليـس ا ّ ق ر ب جا ؤوا وجال ـوا بقـــــوال مـّرفـــة وكّل أقوالم إف ك مـّت قيـسا هجموا ملدرسـة سفـها على ســفـــه وصار ما زّوروا فيـنا وساويسا لقولم حلنـا يف اسـم الــــــاللة اي بوسا لغّيهم اي بـوس اي ب وسا)2( ل يعلموا ماّد ة يف الّصر ف كيف ب م بعلم توري ة صـا روا ج ـوا م يس ا قـد جاءن واحـد منهـم بـــــدعـــته يريـد تـرب ة فيـنا وت دسيسا إىل حيث يقول: ل نلتفت ملقال مـــــــن زنـادقـة فشـابت قولم هذا نواقيسا)3( وال ن طيع الذي قد زاغ عن نج ولـو أتى راكبا فيال وم رميسا)4( ولو أتى ب ع لــــو م بثـل سنبسـرا أو مثل ب لعام أو شيطان بلبيسا)1( 1 - حّصة البادي، الّتناص يف الّشعر العريب، ص: 124. 2 - البؤس مبعىن الفقر واملشقة والشدة. الشاعر يف هذا البيت يدعو على الذين يزورون االسم تزويرا. 3 - مجع ان قوس، وهو اجلرس، 4 - لعّله من كلمة مرمريس، مّث ُحذف الراء الثانية، ويعين الشيء اجلميل الّناصع لشدة البياض، أو نوع من احليواانت املركوبة. 112 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ّ ن بيدينا عصا موسا)2( ّ ل كأ ّ صيـهم بس ألقوا حبالم ألـــــقـوا ع ارهني وحجج ساطعة أوردها يف ثنااي قصيدته، فذكر أبّن الوارد يف اسم اجلاللة مّده، أفحم الّشاعر خصمه خالل ب مثّ انتقل ليهجوه أبنّه جاهل مل يُرِد جبداله إالّ الّشهرة والتلبيس على العوام، فكّل ما مجعوه من األفكار واحلجج فهي واهية ال أصل هلا، وكأهّنم يف حتّديهم للّشاعر سحرة فرعون الذين ابروا نيّب هللا موسى عليه الّسالم، فألقوا عصّيهم وحباهلم، فلّما ألقى نيّب هللا عصاه بطل ما كانوا أيفكون، قال تعاىل: ُّمم ىم يم جن حن خن من ىن ين جه مه ىه يه جي حي خي مي ىي ييٰذ ٰر ٰى ٌّ ٍّ َّ ُّ ِّ ّٰ رئ زئ مئ نئ ىئ يئ رب زب مبَّ)3(. يستدعي الّشاعر يف البيت األخري شخصّية موسى عليه الّسالم وسحرة فرعون عرب وظيفة كّل منهما، فإلقاء العصّي واحلبال وظيفة خمتّصة بسحرة فرعون، يتقّمصها شخصّية اجلاهل الذي حيمُل بني جنبيــه هنا كّل صفات الّسحرة، ويتحّول الّشاعر يف القصيدة إىل شخصّية موسى عليه الّسالم، صاحب الربهان الّساطع، واحلّجة الّدامغة، وتنتهي املسرحّية ابنتصار الّشاعر )البطل( على اجلاهل ودحض فكرته الضالّة. ويقول الّشاعر حمّمد األمني جايب يف قصيدة اجل زيرة اجملهولة)4(: أأمّر يف صم ت وأمضي هادائ متهّمّشا، وجال عدي الّشـان؟ أأمــّر دون تــوّقف أبكي علـى طـل ل تقادم عهده بزمــان؟ من غي دم ع ها ط ل أسقي به ذ كـرى طـواها عال الّنسيان؟ 1 - سنبسرا، بلعام، مل أجد هلا معىن يف القواميس العربية، ولعّله من األمساء األجنبّية، ولعله يقصد )هربرت سبنسر( الفيلسوف اإلجنليزي والعامل االجتماعي ولد 1820م وتويف يف 1903م. وبلعام بن ابعوراء، من بين إسرائيل، الرجل العامل ابلكتاب املقدس التوراة. وجيمع بينهما الكفر ابهلل. 2 - كبا عمرن، الشعر العريب، ص: 104. 3 - سورة يونس، اآلية: 79. 4 - حمّمد األمني جايب، ديوان شعره، ص: 19. 113 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh يستدعي الّشاعر يف القصيدة شخصّية عنّتة بن شداد عرب وظيفة الوقوف والبكاء على أطالٍل عفى عليها الّزمان ونسفتها الّرايح، أبلفاظ صرحيٍة " أبكي على طلل تقادم عهده" مأخوذة من قوله )1(: هل غادر الّشعراء من مرتّدم أم هل عرفت الّدار بعد توّهـم ايدار عبلة ابلــواء تكّلمـي وعمي صباحا دار عبلة واسلمي حّيييت من طلل تقادم عهــده أقوى وأقفر بعـد أّم اليثـم. 1 - عنّتة بن شداد، ديوانه، ص: 13. 114 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املبحث الثّالث: ّنوذج حتليلي على ضوء نظريّة الّتناص. وبعد كل ما مت سرده حول نظريّة الّتناص من خالل االستشهاد بنماذج من الّشعر العريب بغرب أفريقيا، نريد أن نعقب ذلك بدراسة حتليلية تطبيقّية لقصيدة كاملة على ضوء نظريّة الّتناص. وعليه سيتناول قصيدة أحد أبرز شعراء املنطقة يف العصر احلديث، حمّمد حيدرا، يف مناسبة افتتاح ّ ي، يف مدينة سيكو بغاو. وستأيت الّدراسة على الّنحو الّتال: مكتبة ومؤّسسة الّشيخ حمّمد العاقب الّسوس نّص القصيدة. املعىن اإلمجال للقصيدة. الّتناص يف قصيدة الّسنابل. 1. الّتناص الّّتاثي. 2. الّتناص مع الّشعر العريب. 3. الّتناص مع الّشخصّيات الّّتاثّية. 4. التناص الديين. أّوال: نّص القصيدة ) الّسناب ل(: يقول الّشاعر حمّمد حيدرا: ال ، ل ن ي طـال ك دو د ة أ و سـو س إذ ص ر ت يف أ م ن ب عا ق ب سو سو ه ذ ه الن س ـ خ ال ق ديــم ة إ ّ نـ ها ت ب و ت طال و ت، أ ت ى من س ـو سو للا أ كب ـر! ه كـ ذ ن لـن ا امل ن ـ ى يف ع ق ر س ي كو م ت ح ف م ر سـو س 115 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh م ا نـ ن س خـنّ م ن آ ي ة، أ و ن ـ ن سـ ه ا ن ـ أ يت ب ف ـ ر ع وار ث في س ـ و س أّس س ت م كـــ ت بة كذاك مؤّس سا للطّـالب ني، ثقافــة ، و ل ب ـو س َ ما إ ن رأي ت مثيــل ها و م ـ جّلدا ت ابل ف ن ـو ن مت ـي س ب صا ح ف و ص حـائ ف م ن ع ه د كان كو م ـو س إ ذ ق د خ ّلد ت ا: ر ح لـة و ط رو س وب ــ ـ ن ا ي ة تـ ز ري ب ذ ات ع م ا د ب ل م ن صر ح ه ا إ ذ أ سلمل ت بـ ل ق يـ س ن ـ ش ر ت فتي ت العلم حتت جدارها ويفـو ح منها اآل س واألبتنـو س و إ ذ ا ر أي ت، و ع ــ د ت ، مثّ رأي تها لرأي ت يف اللوات سيدي سوس وخزائن مّلي حكمة يوســـ ف يف سبع سنوا ت ، فل ي س ت ب ـ و س فــاألر ز والّدخ ن الّثري د، هشمت ه لل م ســـنتني وللفقي فـ ل ـو س أضحى ن صاب ك : ل قمة، أو حكـمة أنـ ت م " سنابل " للورى و مش ـو س فـا هنأ بـأ م ر ك – ال أبــالك- إّّنا لك يف أبي ك طال س م و ط قو س سيــر الله بـ رو ر كم، و رسولـ ه واملؤمنون، وعهـ ده م ل م ــو س والّش ك ر ملمــو س لع بد قـاد ر يف كّل خمــط و ط لدي ه درو س مي لي ال طو ط ب راحـ ة م رسـوم ة وكأّّنـا ق د خطّـها القامـو س س ب ط الّنبّ ، ربي ب آل الب ي ـ ت أ ن قومـوا إليه، فأ صلـه مـدرو س مثّ الّسال م على الكتـاب ممّ ـ د صــّلى عليه الو ح ي والّنامو س ّ نـ م البن الّسبيــل الّزا د وامل لب و س واآلل والّصحب ال كرام، فإ اثنيا: املعىن المجال. هذه القصيدة جاءت ملناسبة افتتاح مكتبة الشيخ حمّمد العاقب الّسوسي مبدينة سيغو كما سبق، يشيد فيها الّشاعر ابجلهود اجلّبارة اليت قام هبا العامل األديب الّشيخ حمّمد العاقب الّسوسي لبناء هذه املكتبة اليت أصبحت مأوى للمثّقفني، وقبلة املفّكرين، وقد حازت مكانة مرموقة يف نفوس املثّقفني؛ ألهّنا حتوي 116 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ذخائر من كتب الّّتاث اإلسالمّية والعربّية، وعلماء عاكفني يلتّف من حوهلم طاّلب علم ينهلون من معني علمهم، وبعد ذلك يرجع الّشاعر لُيشيد أبجداد املمدوح الّشيخ حمّمد العاقب وذكر أهّنم من أصل كرام: ُّي في الكرم ومن يشابْه أبَهُ فما ظلمْ بِأبه اقتدى عد اثلثا: الّتناص يف قصيدة الّسنابل. ّ ي الّتناص الرّتاث تناّص مع الّشعر العريب القدمي. يصُعُب على أّي مبدع أن يتجّرد كلّيا عن أفكار وعبارات الّسابقني له، لذا جند الشعراء أحياان يُعيدون الّنصوص القدمية عرب آلّيات االستشاهد أو اإلحالة أو اإلحياء، كما فعل شاعران يف البيت الثّالث عشر: فا هنأ ب م ر ك - ال أابلك - إنّـما لـك يف أبي ك طال س م، وطقو س فهو حُييلنا إىل عّدة نصوص سالفة عرب آلّية اإلحياء، يقّر فيه أّن الفرع اتبع ألصله ال حمالة، حماوال منه يف تربير كرم املمدوح. ويف مثل ذلك يقول الفرزدق يف مدحه لزين العابدين بن علي بن احُلسني بن علي بن أيب طالب)1(: ي نمى إىل ذروة العّز اليت قصر ت عن نيلها عرب السالم والعجم. ومثلها أيضا قوله يف اهلجاء رّدا على اجلرير)2(: أولئك آبـائّي فجئّن بثلهـم إذا مجعـتنا اي جـرير اجملامع. 1 - مهام بن غالب، الفرزدق، دي وان شعر، )بريوت: دار صادر دون التاريخ(، ص: 68. 2 - املصدر الّسابق، ص: 51. 117 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh إذن ميتّص الشاعر حممد حيدرا هذين البيتني يف إثبات طيب نسل املمدوح، ويبنّي أنّه ينتسب وينتمي ألصل شامٍخ مرصوص، فأي شرف أعظم من انتساب املرء إىل النيّب صّلى هللا عليه وسّلم. الّتناص الرّتاثي مع الّشخصّيات ذات الب عد الّد يّّن يف القصيدة. ُ د الّشاعر يف شعره شخصّيات تراثّية ذات أبعاد اترحيية ودالالت عظيمة، تنسجم واهلدف حيش الذي يرمي إليه الّشاعر كقّصة يوسف عليه الّسالم وذكر صرح ملكة بلقيس، وملك طالوت، ففي البيت الثّاين يْستحضر الّشاعر شخصّية طالوت موحيا يف ذلك إىل قدم الّّتاث والواثئق اليت حوهتا املكتبة، املوغلة يف القدم، فتحمل بني جنباهتا كتبا رصينة وحقائق قدمية، مل ميّسها إنس قبل والجانّ ، يقول: هذه الّنسخ القدميــة إّ نـها تبوت طالوت، أتى من سوسو. ويف البيت الثامن يقول الّشاعر: وبناية تزري بذات عما د بــ ل من صرحها إ ذ أ سلمل ت بلقي س . حُييلنا الّشاعر إىل قّصة ملكني معاصرين، أحدمها سليمان عليه الّسالم نيّب مكّرم ابمللك، واآلخر بلقيس امللكة املوهوبة ابلّدهاء، اليت مل تصمد أمام النيّب رغم ما قدمت له من عطااي لتخترب صدق نبّوته، بل العكس متاما اندهشت وانبهرت وبدت مستسلمة معلنة إبمياهنا أمام نيّب هللا ملا رأت من بناء قصر فاخر ممّرد هئمئ مب هب مت هت مث من قوارير قال تعاىل: ُّ خن من هن جهمه ٰه جي حي خي مي هي هثمس هس مش هش لك مك مل من هن مي هي َّـَّ)1(. فمكتبة الّشيخ حمّمد العاقب ُتْشبه الّصرح الذي بناه نيّب هللا ُسليمان من القوارير، جلماهلا اليت تُبهر األنظار وتسحر العيون. 1 - سورة الّنمل، اآلية: 44. 118 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ويف البيت العاشر استحضار جلّي لقّصة يوسف عليه الّسالم: وخزائن مّلي بكمة يوس ف يف سبع سنوا ت، فل ي س تبو س. يتناّص الّشاعر مع قّصة نيّب هللا يوسف عليه الّسالم، يف حسن تدبريه لشؤون بالد مصر وذلك بعد رؤاي رآها امللك، ويستشهد بقول هللا تعاىل بطريقة إحالّية ٹ ٹ ُّ جض حض خض مضحط مقحق جك حك خك لك مك جل مظجع مع جغ مغ جف حف خف مف حل خل ملهلَّ)1(. ازئنها مليئة، تكفي لتتكّفل أبناء الّدولة لسبع ارء الّدولة وغناها، والقوّة االقتصاديّة اليت تتمّتع هبا، فخ فالّشاعر يبنّي ث ارئع حيث يستعيد سنوات من دوّنا نقص، فرجاهلا ذوو حكمة كحكمة يوسف، وأمانة كأمانته. يتفاعل مع اآلية أبسلوب ألفاظا من الّنص املقّدس من دون أن حُيدث عليها أي تغيري، مثل )سبع سنوات، وحكمة يوسف( اللذين ميثالن القرينة الّدالة إىل القّصة، بينما يضرب صفحا عن بعض األلفاظ، ليُزيح ويُفسح اجملال للمتلّقي الذي يُّشاركه يف رفع مستوى اإلبداع إىل املْتعة الفنيّة املنشودة. ُ وبعد هذ الرّبط من الّشاعر بني مملكة مّلي ومملكة مصر، للقارئ املتلّقي أن يتصّور مدى عظمة هذه الدولة ومسؤوليها وعظمة الذين يرعون حقوق الرّعيّة، و يُْدركون أهّنم حماسبون أمام اخلالئق أمجع، ُمستحضرين دائما قوله صّلى هللا عليه وسلّم: "كلكّلم را ع وكّلكم مسؤول عن رعيّته...")2(. الّتناّص الّديّّن يف قصيدة لّسنابل. يف البيت الثّاين: ما ننسخن من آية، أو ننسها أنتـــي بفرع وار ث في سوس 1 - سورة يوسف، آية: 43. 2 - اجلامع الّصحيح، 2451. 119 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh خنحن جند حضورا جلّيا للنّص القرآيّن املقّدس " ٹ ٹ ُّ مل ىل يل جم حم خم مم ىم يم جن من ىن ين جه مه ىه يه جيَّ)1(. وهنا يتفاعل مع اآلية بشكل إحاّل أيضا ألنّه يسوق ألفاظا من الّنّص القرآيّن القدمي، ويُبقي عليها دوّنا تغيري يف الّصيغة املعهودة، مثل: ))ما ننسخ من آية أو ننسها(( وتعقبها كلمات من الّنّص احلاضر ))نــات بفرٍع وارٍث فيسوس(( أراد الّشاعر أن ُيشيد أبصل املمدوح من أجداده الذين سبقوه يف خدمة األّمة وتربية اجليل الّصاحل، فقد أبلوا بالء حسنا يف كّل امليادين، وها هو املمدوح اآلن يسري على ُخطى سريهم فهو كما قال الّشاعر الّنهشليّ : وليس يهلك مّنا سّي د أبـدا إالّ افتلينا غ الما سيـدا فينا)2( ويتفاعل الّشاعر مع الّنّص القرآيّن يف البيت العاشر أبسلوب رائع وبطريقة إحالّية: وإذا رأيت، وع د ت، مثّ رأي تها ل ر أي ت يف اللوات سيدي سوس. وهو يْستحضر اآلية القرآنّية " ٹ ٹ ُّ جض حض خض مض حط مظ جع َّ)3( واليت سيقت يف بيان نعيم اجلّنة، فمالبسهم من حريرٍ ، وإذا رأيتهم رأيت ملكا مزه وا ممّا يغمر وجوههم من الّسرور والبهجة، واملظاهر اجلميلة، بينما قصد الّشاعر يف البيت ممدوحه الذي تتشّرف اخللوات وجدر املكتبة به حينا آلخر، فهو بني أقرانه والّطالب ملفوفون حوله كاالّشمس بني الكواكب. قد ُوّفق الشاعر يف تفاعله مع الّنصوص القدمية الّّتاثّية )الشعر العريب القدمي والّشخصّيات الّّتاثّية، ّ ل، أّما استعادته للّشخصّيات الّّتاثّية فيميل إىل والّدينّية(؛ حيث يتفاعل مع الّنصوص بطريقة وأسلوب إحا استدعاء الشخصّية نفسها مع ذكر الزم تلك الّشخصّية، فقد ذكر ملك طالوت، وقّصة يوسف وحكمته يف 1- سورة البقرة اآلية: 106. 2 - ابن قتيبة، الّشعر والّشعراء، ص: 205. 3 - سورة االنسان، اآلية: 19. 120 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh تدبري بالد مصر، وملكة بلقيس واستسالمها أمام النيّب ملّا فوجئت ابلّصرح، كّل ذلك ليمنح القصيدة شيئا من الّصور اخليالية عرب القصص واألحداث املاضّية، لُيزيل أّي ضبابّية قد حتول امللتقي دون فهم املراد من الّنصّ . 121 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh خالصة الفصل الثّالث. ميكننا حصر ما توّصل إليه الفصل من اإلجاابت األساسية اليت تتعّلق أبنواع الّتناص، وآلّياهتا والطّرق املتبعة يف الّتفاعل مع الّشخصّيات الدينّية واألدبية يف الّنقاط اآلتية: ُ ّازوية اليت ينظر خالهلا النّقاد. 1- تبنّي لنا يف املبحث األّول أّن للتّناص أنواعا كثري ة خمتلفة ترجع إىل ال 2- اتضح أّن للمبدع آلّيات خاّصة يستخدها - دون إدراك منه - حني يقوم ابستعادة الّنصوص الّسابقة يف نّصه احلاضر ويتّم ذلك عرب اآللّيات والطرق اآلتية: - االستشهاد )االقتباس(: ويكون حني يُعيد الّنّص القدمي حبذافري املهاجر وبشكل جلّي ومعلن، ال يتطّلب من القارئ املتلّقي أي جهد لتمييز الّنّص املهاجر من املهاَجر إليه. - الحالّ : وهو الّدرجة الثّانية األقّل ظهورا مقارنة ابالقتباس أو االستشهاد حيث ال يُعَلن عن الّنّص الّسابق، بل يكفي فيه إبشارة طفيفة بقرائنه الداّلة عليه. - الُيائّي أو الملاع: الّدرجة الثّالثة واألكثر خفاء، ويتطّلب ُجْهدا أكثر قبل إدراك الّنّص املهاجر، ٍ ر، فال تركيبة حيث يعمل املبدع على استهالك الّنّص وتذويبه يف الّنّص اجلديد حبيث ال يبقى أّي أث ُ أو لفظة قرينّية تدّل عليه إّّنا يستعني املتلّقي ابلّذاكرة القرائّية فيدركه عن طريق اإلحالة الّداللّية. 3- ثبت أّن تفاعل شعراء غرب أفريقيا مع الّشخصّيات الّّتاثّية )الدينّية كقصص األنبياء والّصحابة( أم ر واض ح ومنتشر، وأكثر من تفاعلهم مع الّشخصّيات األدبّية منها كالّشعراء. وكان تفاعلهم مع الّشخصّيات الّّتاثّية يتّم عرب آلّيات عّدة: - آلّية استدعاء الّشخصّية، يذكر املبدع فيه اسم الّشخصّية أو لقبه. - آلية استدعاء الوظيفة، يذكر املبدع هنا أفعال الّشخصّية أو الزما من لوازم الّشخصّية. - آلّية استدعاء اخلطاب وفيه يذكر املبدع خطااب مشهورا للشخصّية. 122 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الامتة احلمد هلل الذي بنعمته تتّم الّصاحلات، وبعد، فإّن هذه الّدراسة املتواضعة سعْت إىل معاجلة نظريّة نقديّة حديثة "الّتناص" من خالل الّشعر العريّب ّ مت معاجلة مصطلح الّتناص، واملصطلحات الّنقديّة األخرى اليت تقّتب مع الّتناص على بغرب أفريقيا، فت ُ صعيد املضمون، كالّسرقات الشعريّة، والّتضمني واإلقتباس، كما مّت وضع آلّيات وحقول تناصّية لشعراء غرب أفريقيا، وقد َخلْصت إىل الّنتائج اآلتية: 1- إّن الّسرقة الّشعريّة ليست تناّصا، وإن اتّفقا يف بعض املالمح، فكالمها ينتميان حلقل نقدّي أديبّ ، فالتناص أوريبّ معاصر، والسرقة عربية، كما يصّبان يف إعادة النّص القدمي داخل اجلديد، بينما خيتلفان يف أّن شاعر الّسرقات أيوي لشعر غريه قصدا، وبينما الّتناص يصُدر إعتباطّيا عفواّي من الّشاعر، فضال من اإلختالف يف جانب املعياريّة والقيمة، فشاعر الّسرقات مدين، بينما يسعى انقد الّتناص إىل تقديس عمل الّشاعر واستحسانه. 2- يُ درج االقتباس والّتضمني حتت قائمة الّتناص الظاّهر أو الضّيق؛ فالّنّص الّسابق فيهما يتجّلى غالبا بلفظه ومعناه، دون أن يوّظف املبدع اللفظة املضّمن توظيفا يذوب يف الّنّص اجلديد ُ ُ يوصله إىل درجة الّتناص. 3- أيوي شعراء غرب أفريقيا إلجراء العملّيات التناصّية إىل مصدرين أساسني: املصادر الّدينّية: تتمّثل يف القرآن الكرمي، واحلديث الّنبوّي الّشريف. املصادر الّّتاثّية: وتتمّثل يف الّشعر العريّب القدمي، واألحداث الّتارخيّية، واألمثال. 4- تتباين أساليب الّشعراء يف استحضار الّنصوص الّسابقة: - فقد يُعيد الّشاعر الّنّص املتناّص دون أن يطرأ عليه أّي تغيري يف الّلفظ واملعىن، وهو ما أطلق عليه الّنقاد ابلّتناص االقتباسّي أو اإلجّتاري. 123 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh - وقد يتّم حتوير النّص املتناصّ ، وتغيري بعض مالحمه مع إبقاء شيء من قرائنه الدّ الة عليه وهو ما يُعرف ابلّتناص اإلحالّ . - وقد يوّظف الّشاعر املبدع الكلمة املهاجرة توظيفا يصل هبا إىل درجة الذوابن فتختفي كلّيا ُ داخل الّنّص اجلديد، فال يسُهل إدراكه، والوصول إليه إاّل عن طريق اإلحالة الّداللّية، وهذ الّنوع من الّتناص هو الّتناص اإلحيائّي أو اإلملاع. وابلّنظر إىل الّشعر العريب بغرب أفريقيا ندرك أّن الّشعراء مولعون جدا ابلّتناص مع الّشخصّيات الّّتاثّية، وكان لديهم نظام خاّص يف تناّصهم مع الّشخصّيات الّّتاثّية يف أشعارهم، فلديهم ثالث آلّيات ُمّتبعة ال حييدون عنها، وف قا الستحضارهم لوازم تلك الّشحصّية: - آلية استدعاء الّشخصيّة: وذلك حني يعمد الّشاعر إىل ذكر اسم الّشخصيّة، أو لقبه يف الّشعر. - آليّة استدعاء الوظيفة: وهنا يتناّص الّشاعر مع الّشخصيّة بذكر وظائفها، وشيئ من لوازمها. - آلية استدعاء اخلطاب: وهنا يستحضر الّشاعر خطااب مشهورا للّشخصّية يف شعره، ليتناّص معها. ومن هنا نُْدرك أمهّية قراءة الّشعر العريب بغرب أفريقيا من زوااي حمتلفة، مبفاهيم ونظراّيت جديدة كنظريّة سوسري الّنصيّ ، والتلّقى، والّنفسي و غريها، من أجل إظهار القيم اجلمالّية واألدبّية منها، ويوصي الباحث مبا أييت: - تشجيع الباحثني للكتابة يف موضوعات: أ- "األلفاظ الغريبة يف الّشعر العريب بغرب أفريقيا" للكشف عن أسباب احتفاء الّشعراء وراء الغريب من األلفاظ، واستعماهلا يف الّشعر. ارسة وصفيّة حتليليّة، للوصول إىل األسباب ب – "املقّدمات الغزليّة يف الّشعر العريب بغرب أف ريقيا" دراستها د ُ الكامنة وارء سوق املقّدمات يف مقّدمات الغزليّة يف الّشعر الّصويف واملدائخ النّبويّة، ورمّبا حتّول القصيدة ُ ُّصويف واملدائح إىل شعر الغزل. يف الّشعر ال 124 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الفهارس 125 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh أوال: فهرس آايت القرآن الكري سورة البقرة ال صفحة رقمها اآلية 12 1 106 مل ىل يل جم حم خم مم ىم يم جن حنخن. . . . 10 0 197 . . . . . . . . . . خل مل ىليل سورة آل عمران ال صفحة رقمها اآلية 100 97 حب خب مب هب جت حت خت مت هت 49 103 ُّ ِّ ّٰ رئ زئ مئ سورة النساء ال صفحة رقمها اآلية 95 34 ين جه مه ىه يه جي حي. . . . . 126 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh سورة األنعام ال صفحة رقمها اآلية 52 45 حمجم خم مم ىم يم خل مل ىل يل سورة األنفال ال صفحة رقمها اآلية 53 30 زن من ننىن ين ٰى ري سورة التوبة ال صفحة رقمها اآلية 98 62 خل مل ىل يل جم حم. . . . . . . . . 10 1 جم حم خم مم ىم يم جن حن. . . . . . . . . 118 سورة يونس ال صفحة رقمها اآلية 127 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 114 79 مم ىم يم جن حن خن من ىن ين جه سورة يوسف ال صفحة رقمها اآلية 91 12 يلىل جم حم خم مم ىم خل مل 120 43 جض حض خض مض حط مظ جع مع. . . . . . . سورة األنبياء ال صفحة رقمها اآلية 85 69 مث حج مج جح مح جخ مخ سورة النمل ال صفحة رقمها اآلية 49 10 خبحب مب هب جت حت خت مت هت مث حجمج. . . . . جب 128 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 119 44 مهجه ٰه جي حي خي مي هي مئهئ خن من هن سورة القصص ال صفحة رقمها اآلية 110 23 مك ىك يك مل ىل يل ام مم 110 25 ىف يف ىق يق اك لك مك ىك يك سورة العنكبوت ال صفحة رقمها اآلية 53 57 نب ىب يب رتزت سورة الصافات ال صفحة رقمها اآلية 50 6 حي خي مي ىي يي ٰذ ٰى ٌّ ٍّ َّ ُّ سورة القمر 129 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ال صفحة رقمها اآلية 94 7 خل مل ىل يل جم حم خم مم 49 33 جي حي خي مي ىي يي ٰذ ٰر سورة الرمحن ال صفحة رقمها اآلية 101 2 6 زئ مئ نئ ىئ يئ رب زب مب نب ىب يب سورة احلديد ال صفحة رقمها اآلية 92 20 مي ىي يي ٰذ ٰر ٰى ٌّ ٍّ َّ سورة الصف ال صفحة رقمها اآلية 130 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 51 2 رن زن من نن ىن ين ٰى ري سورة الطالق ال صفحة رقمها اآلية 94 2 رن زن من نن ىن ين ٰى ري زي مي ني ىي سورة النسان ال صفحة رقمها اآلية 99 1 0 ىي يي ٰذ ٰر ٰى ٌّ ٍّ َّ ُّ ِّ رئ زئ مئ نئ 121 19 جض حض خض مض حط مظ جع سورة الشرح ال صفحة رقمها اآلية 15 4- 3 خل مل ىل يل جم حم خم سورة الفيل 131 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh ال صفحة رقمها اآلية 51 1 يف ىق يق اك لك مك ىك 89 4 , 3 زن من نن ىن ين ٰى ري زي مي 132 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اثنيا: فهرس األحاديث النبوية الصفحة احلديث 109 إذا صّلت املرأة مخسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، 106 ألسنا على حّق وهم على ابطل 101 ارهيم حملزونون ارقك اي إب إن القلب ليحزن والعنُي لتدمع وال نقول إال ما ـيُْرضي ربّنا، وإاّن لف 56 دع ما يريبك إال ما ال يريبك 55 ارم، إن على هللا عهدا ملن شرب املسكر أن يسقيه من طينة اخلبال يوم القيامة كل مسكر ح 120 كلكلّم راٍع وكّلكم مسؤول عن رعيّته... 98 ال يؤمن أحدكم حّّت يكون هواه تبعا ملا جئت به 54 من خاف أدجل ومن أدجل بلغ املنزل على إّن سلعة هللا غالية أال إّن سلعة هللا هي اجلّنة 55 من كان يؤمن ابهلل واليوم اآلخر فال يؤذ جاره 113 من حيمى أعراض املسلمني؟ فقال: كعب بن مالك، أان ايرُسول هللا ُ 133 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 113 نعم اهجهم وسيعينك روح القدس 56 هنى رسول هللا صّلى هللا عليه وسّلم عن الّنياحة، ولعن الّنائحة واملستمعة 56 وتؤمن ابلقدر خريه وشرّه 134 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh اثلثا: فهرس األشعار الصفحة القائل القافية الصدر 113 عمر بن يب بكر كي كي أابليـسا حبّق ربّ 108 ابجنو غو دوكوري اّتصال عمارات 99 حممد األمني مببا األْجرا مرادي 63 ما دوغو هارون األجود ُع ج حنو 111 المني داينغ ُ ن إْخوا اخلع 55 عثمان بن فوديو األخّوة وإيّن حلكـم 90 ،51 أمحد حيدرا اّدخـرا تّبت 104 أبو جعفر حممد جبايت أذكر ُ ت جتعفر 53 حممد التجاين إىل القرب أقّلي 63 عنّتة أّم اهليثم حييت 135 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 75 يونس ذالنون إنسان اي ربّة 54 حممد سنوس ابحتمال وأذى اجلار 102 المني داينغ ابردُ فقلت هلا 61 ابه احلاج عبد الرمحن بـراين أيـا سلمـى 62 أيب نواس بألالء لشرب 72 حممد االمني جايب تبّخروا وإذا بنو 97 حممد األمني مببا تتــرى أال ليت 72 حممد االمني جايب تتغرّيُ عجب ا 115 ،22 عنربة بن شداد توّهـم هل غادر 65 جمنون ليلى ُ ر جديـ ُ ت بكي 17 أمحد اباب التمتكيت حبّــيت أاي قاصدا 136 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 17 أيب إسحاق بن يعقوب حجاب أزال حجابه 69 عيسى أليب احلجر رماة 92 ،49 أمحد بللو احلضر سائلـو 51 كبا احلكومات ال زادك 89 أمحد تيجاين احلكومات ال زادك 67 ،62 أيب نواس الّداء دع عنك 51 أمحد التجاين مالك سه الّدايانت اي سـادة 91 حممد البخاري سائل ولقد وقفت 61 المني دابنغ سكينة إذا غادرت 116 حممد حيدر سوسو ال، لن يطالك 69 أمحد بول شاغفا أال إّّنا 137 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 115 ،71 ،63 حممد األمني جايب الّشان أأمّر يف صمت 29 حسان بن اثبت شعري ال اسرق 68 عمر تواوري الّشـوارق وآّي املثُاين 111 المني داينغ شيطان تّبت يدا 100 الوزير اجلنيد الّصربَ أاثر مهوم 71 أيب الطب أمحد صمُ م أان الذي 117 عمر جاه طقوس فاهنأ أبمرك 20 مصطفى العاجي العاج هواي 68 خمتار سه العاشقات فلـو أّن الطيـور 105 أمحد بول عائفا أرى القوم 95 أمساء بنت فودي العقائل وذّكرين 138 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 66 ابن الرومي عندي بكاؤكما 75 يونس ذالنون عن واين إيّن أقـول 70 المني داينغ فاتنات تغـــ ىّن 61 امرئ القيس فأمجلي أفاطم 50 حممد طاهر فاسد علمت 101 المني داينغ ُ د فاِس ُ ت علم 74 خليفة إبراهيم سك فاعتربوا قد مسّنوا 60 لبيد بن ربيعة فرجامها عفت الّداير 39 أيب القاسم احلسن الكانيت فصرب مجي ل إن كنت 51 ما جاين شيخ جايب فهاندمي َجانستُ 121 النهشلي فينا وليس يهلك 139 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 112 عمرو بن عبد اللطيف قادرينا لقـد كنّـا 109 حممد القاضي نيانغ القمرِ ُ ت قد طب 61 المني داينغ كثيفة مضيئـة 62 النابغة الذبياين كوك ب وإّنك مشس 69 عيسى أليب لرحال وقد هاجر 48 كرن سنكن جايب هلفي مازلت 118 الفرزدق اجملامع أولئك آابئي 102 بو الطب املتنيب املُدام عليل 37 شهاب الدين حممود املدامعُ وبْتنا 52 أمحد صو املزاّيت ايسدرة 95 أمحد سامل بن السالك ُمْسبلِ أرقتَ 140 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 96 عنّتة بن شداد ُمْسَتْسِلم َوُمَد ججٍ 67 الشيخ عباس صل املُصاب أال خـلّ 36 حممود بن حسني مصنوعُ اي خاضب 99 أبو طيب املتنيب املعاشي فسرت إليك 106 عمر جاه مقـال فأمسـاؤه 64 حممد األمني جايب مكبـول برمي رامة 29 كعب بن زهري مكرو ر ما أراان 71 عمر توري ملتـحـم ال تعجبوا 29 طرفة بن العبد من سرقا وال أغري 50 أبوبكر تيام منتشرة اي قوم 52 خمتار سي منتصرا أخزيت 141 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 95 أمحد سامل بن السالك املنهلِ وأان الذي 61 المني داينغ املنـرية تضيئ 112 امساء بنت فودي املوّدة وأبكي 66 مجيل حممد سادس موّسمِ يدنو إىل الّطالب 73 حممد األمني جايب انعـس اي ظبية 68 أبو العتاهية الّنحيبُ بكيتُ 114 عمر بن يب بكر كي كي نواقيسا مل نلتفت 94 حممد الكانثي نومـه ومن يّتق 55 أمحد حيدرا هوامع ُ ت فلّما رشف 90 ،52 الوزير ااجلنيد واجب يقولـون 19 أمحد التجاين وإسـالما أعلى سالم 142 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 108 ابجنو غو دوكوري واجلمال أال قليب 67 ،54 حممد اهلادي واخلجل ضاع الّشباب 87 المني داينغ والّصورِ الّدهرُ 118 الفرزدق والعجم ينمى إىل ذرة 56 حممد سنوسي الوابل ّ ف ُك 59 أمحد عيان سه وبنــاين وإّن نسج 104 أبو جعفر حممد جبايت وجعف ر فمن رام 63 املشي قيس الوحل غرّاء 79 يعقوب بن ابجنو دوكوري الوصال ثنائي 66 البحّتي وضريب دان على 100 سيدي املختار الكنيت ومل يرِد ّ ب اي ر 143 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة القائل القافية الصدر 59 سيدي حممد الشيخ ومـرقشـني وحنو الّستّـة 76 أمحد حيدر ُ ر ويزدِجـ وداهم 64 عبد هللا موسى دظو اينعة مشّوا 107 عمر حيي دواسي خيـــُذلُ ولْسـتُ 20 أمحد حيدرا اليدا َصاح َوَدا عا 67 مجيل حممد سادس يرحم يقسو 70 جرير بن عطية ُ ر يُزا لوال احلياء 76 المني داينغ ينتحرُ لقد صربمت 75 أمحد حيدر ينتصُ ر إن مسّنوا 60 داود تراوري اليوم وإّن املنااي 144 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh املصادر واملراجع أوال: القرآن الكري: مصحف املدينة املنورة للنشر احلاسويب. اثنيا: احلديث الشريف: 1- أبو احلسني مسلم بن احلجاج بن مسلم بناورد بن كوشاذ القشريي النيسابوري. املسند الّصحيح. القاهرة: طبعة بوالق. 1304هـ. 2- أبو طاهر صدر الدين أمحد بن حممد بن سلفة االصفهاين )576ه(. معجم السفر. احملقق: عبد هللا عمر البارودي. مكة املكرمة: املكتبة النجارية. 1989م. 3- أبو عبد الرمحن أمحد بن شعيب بن علي اخلراساين )303هـ(. كتاب السنن الكربى. احملقق: مركز البحوث وتقنية املعلومات. القاهرة: دار التأصيل. ط1. 2012م. 4- أبو عبد هللا حممد بن إمساعيل البخاري. اجلامع املسند الصحيح. احملقق: حممد زهر. بريوت: دار طوق النجاة. ط1. 1422هـ. اثلثا: التفاسي: 1- تفسري ابن كثري 2- تفسري ابن جرير الطربي رابعا: مصادر ومراجع أخرى: ) أ ( 145 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 1- أدونيس. اإلشار الكاملة. بريوت: دار العودة. 1971م. 2- عبد احلميد جيدة. االجتاهات اجلديدة يف الشعر العريب. بريوت: مؤسسة نوفل1980م. 3- حمّمد أبو الفضل إبراهيم. أايم العرب يف اجلاهلية. بريوت: املكتبة العصرية. 1975م. 4- حممد علي اجلرجاين. اإلشارات والتنبيهات يف علم البالغة. حتقيق: عبد القادر حسني. مصر: دار النهضة القاهرة، دون رقم الطبع، وسنة الطبع. 5- حممد الطاهر ميغا. أشتات من أدب الشباب االفريقي 1987 – 1999م. جامعة اآلداب والعلوم اإلنسانية مباكو. 2012م. أد ونيس. اإلشار الكاملة. بريوت: دار العودة. 1971م. 6- اخلطيب القزوييين. اإليضاح. حتقيق: عبد املنعم خفاجي. بريوت: دار اجليل. بريوت، لبنان،. ط3. 1993م. 7- أبو الفرج األصفهاين. كتاب األغاين. بريوت: دار اآلفاق للّنشر. 1975م. 8- أبوبكر الصول. أخبار أيب متام. حتقيق: خليل حممود عساكر وحممد عبده. بريوت: املكتبة العلمية. 2000م. ) ب ( 1- عبد الّرمحن صاحل عبدهللا. البحث الّتبوي وكتابة الرسائل. كويت: مكتبة الفالح للنشر والتوزيع ط1. 2001م. 2- فضل حسن عباس. البالغة فنوهنا وأفنانه. األردن: دار الفرقان للنشر والتوزيع. ط4. 1997م. 3- أبو عثمان اجلاحظ. البيان والتبني. حتقيق وشرح: عبد السالم هارون. بريوت: دار الفكر 1968م. ) ت ( 146 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 1- كارل برو كلمان. اتريخ األديب العريب. ترمجة: عبد احلليم النجار. القاهرة: دار املعارف. ط5. دون سنة الطبع. 2- إحسان عباس. اتريخ النقد األديب عند العرب. عمان: دار الشروق. 2001م. 3- حمّمد مفتاح. حتليل اخلطاب الشعري، اسّتاتيجية التناص. بريوت: املركز الثقايف العريب. 1991م. 4- أمحد حسني حامد. التضمني يف العربية حبث يف البالغة والنحو. الدار العربية للعلوم. ط1. 2001م. 5- اجلرجاين. التعريفات. حتقيق: إبراهيم األسباين. بريوت: دار العربية. 1405هـ. 6- عصام حفظ هللا واصل. التناص الّتاثي يف الشعر املعاصر. األردن: دار غيدان للنشر والتوزيع. ط 1. 2011م. 7- يشريل داغر. التناص سبيال إىل دراسة النص الشعري. بريوت: دار الكنوز األدبية. 1994م. 9- وائل بركات. التناصية عالمات يف النقد. حريزان: املركز الثقايف العريب. ط1. 1990م. 10- حافظ حممد مجال. التناص املصطلح والقيمة. القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر. 1998م. 11- سعيد يقطني. التفاعل النصي والّتابط النصي. الرابط: منشورات كلية األدب والعلوم، جامعة حممد اخلامس. 2000م. 12- مصطفى الدهون. التناص يف الشعر إبراهيم. إربد: عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع. 2011م. 13- نبيل على حسني. التناص دراسة تطبيقية يف شعر شعراء الّنقائض. عمان: دار كنوز املعرفة العلمية للنشر والتوزيع. ط1. 2012م. 14- عبد املعطي كيوان. التناص يف شعر أمحد دنقل. القاهرة: مكتبة النهضة املصرية. 1988م. 147 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 15- حصة البادي. التناص يف الشعر العريب احلديث. االردن: دار كفور املعرفة العلمية للنشر والتوزيع عمان 1430هـ. 16- تركي البغيضي. التناص يف معارضات البارودي. القاهرة: دار املعارف. 1979م. 17- أمحد زعيب. التناص نظراي. األردن: مؤسسة عمون للنشر والتوزيع. ط2، 2000م. ) ج ( 1- أمحد اهلامشّي. جواهر األدب يف أدبيات وإنشاء لغة العرب. ج 1. لبنان: مؤسسة التاريخ العريب. ط 1. 1999م. ) ح ( 1- شيخو أمحد سعيد غالدنشي. حركة اللغة العربية وآداهبا يف نيجرياي. الرايض: املكتبة اإلفريقية. ط 2. 1993م. 2- سعد الدين التفبازاين. حاشية الدسوقي على شرح التلخيص. بريوت: دار االرشاد االسالمي. لبنان دون سنة ورقم الطبع. ) خ ( - ابن حجة احلموي. خرانة االدب وغاية ألرب. لبنان: دار القاموس احلديث. بدون التاريخ. ) د ( 1- أمحد أبو زيد. دراسات يف الفولكور. القاهرة: دار الثقافة والنشر. ط 1. 1972م. ) ر ( 148 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 1- مصطفى زغلول السنوسي. روائع املعلومات عن أقطار إفريقيا وبعض ما نبغت فيها من املمالكة. الرايض: مطابع الشرق االوسط. 1991م. ) ش ( 1- حممد على اجلرجاين. شرح التلخيص يف علوم البالغة. شرح: حممد هاشم دويدري. دمشق: دار احلكمة. سوراي. 1971م. ارن. الشعر العريب بغرب افريقيا. املنظمة االسالمية للّتبية والعلوم والثقافة )ايسسكو(. 2007م. 2- كبا عم 3- ابن قتيبة. الشعر والشعراء. حتقيق: أمحد حممد شاكر. القاهرة: دار احلديث. 2003م. ) ظ ( 1- عالء الدين رمضان السيد. ظواهر فنية يف لغة الشعر. سوراي: منشوارت احتاد الكتاب العرب. 1966م. 2- حممد بنيس. ظاهرة الشعر املعاصر يف املغرب: مقاربة تكوينية. دمشق: دار العودة. 1979م. ) ع ( - أبو علي احلسن بن رشيق. العمدة يف حماسن الشعر ونقده وآدابه. حتقيق: عبد احلميد معناري. بريوت: املكتبة االعصرية. 2001م. - سليمان كاصد. عامل النص. األردن: دار الكندي. 2003م. - جوليا كريستيفا. علم النص. ترمجة: فريد الزاهي. الدار البيضاء املغرب: دار توبيقال للنشر. ) ف ( 1- عبد العزيز عتيق. يف النقد األديب. بريوت: دار النهضة العربية. 1982م. 149 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 2- علي يعقوب. الفالنيّون والّشعب، "الّشعب واللغة والثّقافة". الغوس: مكتبة الّتني. 2006. 3- عبد امللك مراتض. فكرة السرقات األدبية ونظرية النتاص. بريوت: املكتبة العصرية للطباعة. 1992م. ) م ( 1- ضياء الدين ابن األثري. املثل السائر. حتقيق: أمحد اخلول مصر: مكتبة النهضة الفجالة. ط1. 1962م. 2- عبد العزيز محودة. امل رااي احملدبة من البنيوية إىل التفكيك. الكويت: سلسلة عامل املعرفة. عدد2. 1998م. 3- حسني مجعة. املسبار يف النقد األديب: دراسة يف نقد النقد. دمشق: احّتاد الكتاب العرب. سورية. 2003م. 4- آدم عبد هللا اإللوري. مصباح الدراسات األدبية يف الداير النيجريية. الغوس: مطبعة الثقافة العربية واالسالمية. 1992م. 5- ابن خلدون. املقدمة. حتقيق: جمر عاحي. بريوت: دار مكتبة اهلالل. ط 1. 1982م. 6- أمحد علي. مواهب الفتاح. األردن: مكتبة الكتايب. بدون التاريخ. ) ك ( ١- ابن األثري. الكامل يف التاريخ. ج2. بريوت: املكتبة العصريّة. صيدا. بدون التاريخ 2- أبو عبدة حممد املرزابين. كتاب املوشح يف مآخذ العلماء على الشعراء. حتقيق: حسني مشس الدين. بريوت: دار الكتب العلمية. لبنان. 1995م. ) ل ( 1- روالن ابرت. لذة النص. ابريس: دار الشجرة للنشر والتوزيع. 2002م. 150 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 2- بوحوش. اللسانيات وتطبيقاهتا على اخلطاب الشعري. بدون والتاريخ واملكان. ) ن ( 1- علي جعفر العالق. النص والتلقي دراسات نقدية. االردن: دار الشروق للنشر والتوزيع. ط1. 1997م. خامسا: الرسائل العلمية. 1- سامي خليل ماغاسو. "األدب العريب يف متبكتو. "رسالة املاجستري، كلية الدعوة، شعبة اللغة العربية، 2005م. 2- عبد احلميد جروي. "جتليات التناص الديين من شعر عفيف الدين. " رسالة املاجسّت، كلية اآلداب والعلوم االسالمية، جامعة ورقلة، اجلزائر 2002م - 2003م. 3- كبا عمران. "الشعر العريب ابلغرب االفريقي خالل القرن العشرين. أطروحة الدكتوراه. كلية الدعوة. ليبيا. 2006-2007م. 4- عبد الصمد عبدهللا. "الشعر العريب يف غرب أفريقيا منذ االستعمار السنغال ونيجراي. "رسالة املاجسّت، جامعة أم القرى اململكة العربية السعودية 2003- 2004م. 5- إبراهيم خليل. "الشعر العريب يف مشال نيجرياي" من 1960م – 2000م. دراسة وصفية حتيليلة. " رسالة دكتوراه. كلية الدعوة االسالمية. طرابلس ليبيا 2011م. 6- نداء علي يونس. "التناص يف شعر حممد القيس. " رسالة املاجستري. جامعة النجاح الوطنية. فلسطني 2012م. 7- موسى لعرر. "التناص يف رواية اجلازية والدارويش البن هروقة. "رسالة املاجستري، جامعة حممد حيدرة بسكرة اجلزائر، 2008-2009م. 151 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 8- علي سليمي. "التناص يف شعر أمل دنقل، ومظفر الثواب. " رسالة املاجستري. دراسة نقدية حتليلية، جامعة مصراتة كلية اآلداب ليبيا 2002 – 2003م. 9- عبد العزيز ساان. "نظرية التناص بني الّتاث واحلداثة. دراسة يف النقد األديب العريب. " رسالة املاجسّت. كلية الدعوة االسالمية العاملية. ليبيا. 2007-2008م. 10- رمضان املسعودي. "التناص يف شعر حممد بلقاسم"رسالة املاجستري جبامعة قاصدي مرابح. اجلزائر. 2010 – 2011م. سادسا: املخطوطات 1- حممد االمني. الشعر العريب األفريقي: نشأته وتطوره. 2- خليل النحوي. الشعر العريب يف أفريقيا. سابعا: الدواوين - ابن الرومي. الديوان. املعتىن به: أبو احلسن علي بن العباس بن حريح، حتقيق: حسن نصار. القاهرة: دار الكتب والواثئق القدمية. ط3. 2003م. - أبو الطّيب أمحد بن حسني املتنيب. الديوان. القاهرة: شركة القدس للنشر والتوزيع. بدون التاريخ، القاهرة، دون رقم الطبع واترخيه. - أبو العتاهية. الديوان. بريوت: دار صادر. بدون التاريخ دون رقم الطبع واترخيه. - أبو نواس. الديوان. بروت: دار صادر. بدون التاريخ دون رقم الطبع واترخيه. - أمحد بول. الديوان. )خمطوط( - أمحد حيدرا. الديوان )خمطوط(. 152 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh - امرؤ القيس بن حجر الكندي. الديوان. املعتىن به: عبدالرمحن املصطاوي. بريوت: دار املعرفة. بريوت لبنان ط2،. 2004م. - البحّتي. الديوان. بريوت: دار صادر. بدون التاريخ بدون رقم الطبع واترخيه. - جرير بن عطية. الديوان. بريوت: دار صادر. بريوت بدون التاريخ. - حسان بن اثبث. الديوان. حتقيق وليد عرفات. بريوت: دار صادر بريوت. ، 2006م. - الفرزدق )مهام بن غالب(. الديوان. بريوت: دار صادر. بدون التاريخ. - طرفة بن العبد. الديوان. حتقيق: عبد الرمحن املصطاوي بريوت: دار املعرفة. ط1. 2003م - عنّتة بن شداد. الديوان. بريوت: دار صادر. بدون التاريخ، بريوت دون رقم الطبع أو اترخيه. - عنّتة بن شداد. الديوان. حتقيق: مركز حتقيق الّتاث. القاهرة: دار الكتب والواثئق القدمية. ط 2. 2013م. - كبري بن ربيعة. الديوان. تعليق وشرح، محد وطماس،. بريوت: دار املعرفة. ط 1. 2004م. - حممد األمني مببا. جمموعة مخس رائيات. 1989م. - حممد األمني جايب. الديوان. )خمطوطة( - مفيد قبيحة. ديوان كعب بن زهري. الرايض: دراسة الشواف للطباعة والنشر،. الرايض ط1. 1989م. - النابغة الذبياين. الديوان. بريوت: دار صادر. بدون التاريخ، بريوت دون رقم الطبع أو اترخيه. اثمنا: املعاجم العربية ١- الزبيدي. اتج العروس من جواهر القاموس. بريوت: منشورات دار مكتبة احلياة. بدون التاريخ. 153 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh 2- أبوبكر حممد بن دريد. مجهرة اللغة. القاهرة: مؤسسة املليب ومشركاه للنشر والتوزيع. ا 1932م 3- ابن منظور. لسان العرب. بريوت: دار صادر. بدون التاريخ. 4- لويس معلوف. املعجم يف اللغة واالعالم. بريوت: دار الّشروق. بدون التاريخ. 5- إبراهيم مصطفى وآخرون. املعجم الوسيط. إعداد جممع اللغة العربية ابلقاهرة. بريوت: دار إحياء الّتاث العريب. 1973م. تسعا: املقاالت العلمية - أبوبكر كبري أمني. التناص يف الشعر االنيج ريي، قصائد مجيل سادس ّنوذجا، جامعة أمحد بلو 2010م. - خليل املوسي. التناص واإلجناسية يف الشعر منشورات االحتاد الكتاب العرب. دمشق سوراي، 1991م - رفيق العودة. التناص وإشكاليات العمل األديب. جملة ألف، عدد 4، 1984م. - عبد الصمد عبد هللا. شعر اجلهاد االسالمي يف غرب إفريقيا. منشوارت جملة املشكاة عدد 23، 2000م. - عبد اللطيف. منتدايت ستارت اتميز www. startimes. com/f، املعهد العال للغات. T: 14080858 - حممد العائد. النص الغائب: جتليات التناص يف الشعر العريب، منشورات احتاد الكتاب العرب دمشق 2001م. - حممد عبد السالم مصطفى أبيكن. النوادر يف الشعر العريب النيجري، كلية األدب والعلوم االنسانية كانو نيج رياي 2014م 154 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh فهرس املوضوعات الصفحة املوضوع 3 ملخص البحث 5 إهداء 6 شكر وتقدير 8 املقدمة 16 التمهيد: 16 نبذة عن الشعر العريب يف غرب إفريقيا 21 التناص املصطلح والنشأة 22 مصطلح التناص من وجهة نظر النقاد الغربيني 24 مصطلح التناص من وجهة نظر النقاد العرب احملدثني 27 الفصل األول: التناص ومالبساته 155 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة املوضوع 28 املبحث األول: التناص والسرقات الشعرية 30 احلدود الفاصلة بني التناص والسرقات الشعرية 33 املبحث الثان: التضمني واالقتباس 39 املبحث الثالث: مالمح التناص يف التضمني واالقتباس 43 الفصل الثان: مصادر التناص يف الشعر العريب بغرب أفريقيا 44 املبحث األول: املصادر الدينية 53 املبحث الثان: املصادر الّتاثية 71 الفصل الثالث: التناص أشكاله وآلياته 72 املبحث األول: الّتناص أشكاله وآلّياته يف الشعر العريب بغرب افريقيا 92 املبحث الثان: الّتناص الّّتاثّي وتقنياته يف الّشعر العريّب بغرب أفريقيا 102 املبحث الثالث: دراسة قصيدة السنابل على ضوء نظرية التناص 156 University of Ghana http://ugspace.ug.edu.gh الصفحة املوضوع 109 الامتة 111 الفهارس 112 فهرس آايت القرآن الكرمي 118 فهرس األحاديث النبوية 120 فهرس األشعار 129 املصادر واملراجع 139 فهرس املوضوعات 157